أنت هنا

القداسة المدنسة!
26 رجب 1432
موقع المسلم

مجدداً، أطل زعيم حزب الله حسن نصر الله ليخاطب الناس كعادته من وراء حجاب، وليمارس زهواً عجيباً، فهو اليوم لم يحقق "انتصاراً"عسكرياً أو أمنياً، يتيح له الافتخار على رؤوس الأشهاد، ويستحق خطبة منفردة تُبَث على الهواء بالطريقة "الفانتازية"التي كانت تبهر ثم انقضى مفعولها بتأثير الألفة من جهة وتبخر الصورة الملفقة عن"سيد المقاومة"!!

 

زعيم حزب الله يباهي بأن حزبه استطاع أن يكتشف في صفوفه ثلاثة رجال يتجسسون لـ"العدو"، اثنان منهما يعملان لحساب الاستخبارات المركزية الأمريكية ( CIA)، أما الثالث فلما تتحدد هوية مستخدِميه بعد!!

 

بالطبع لم يكن حديث الافتخار بما من شأنه الخجل، نتيجة مبادرة من الحزب كما أراد أمينه العام أن يوحي، وإنما كان الحزب مضطراً كل الاضطرار، لأن صحافيين جريئين أذاعوا في الناس ما فضحته صحف يهودية عن قصة جواسيس الحزب لخدمة العدو الصهيوني!

 

فإذا غضضنا الطرف لوهلة عن ظروف الحديث وملابساته والتحايل المحيط به لإخراجه في صورة"انتصار"حفاظاً على صورة زائفة اشتغل عليها القوم ربع قرن من الزمان، إذا غضضنا البصر عن ذلك كله على أهميته، فإن السؤال الأكثر إلحاحاً يتركز على تباهي الرجل بعار يستحيي العقلاء منه، ويودون لو أن بينهم أمداً بعيداً.فالدول –وهي عادة أكثر واقعية- تتستر على اختراقات الأعداء الأمنية لها، فكيف بمنظمة طائفية تنطق بالطائفية في كل تفاصيلها شكلاً ومحتوى وممارسة، وتنتمي إلى فكر لا يجاريه فكر في إضفاء"القداسة" على الأشخاص المترئسين للمذهب والمسيطرين على الأتباع.

 

بل إن نصر الله نفسه، لطالما تبجح بأن اختراق حزبه أمنياً مستحيل كالغول والعنقاء والخل الوفي!!أي أنه منح أزلامه "عصمة"نسبية من عصمته الكاريكاتيرية، فجميع أتباعه مقدسون بررة أطهار!!! وليس هذا بدعاً في دين الرافضة وبخاصة في نسختها الصفوية الأشد صلفاً وانغلاقاً وغلواً، فقد سبقه إمامه الخميني الذي جعل الرعاع الذين يسيرون وراءه كقطيع ببغاوي خيراً من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم!!

 

فما الذي استجد لكي يقوم نصر الله بانقلاب نفسي كهذا:الإقرار بوجود جواسيس في صفوفه-هو حتى الآن يرفض الكشف عن هوياتهم في حين تشير الصحافة الصهيونية إلى رجال بارزين في قيادة الحزب-!!؟

 

أهو الاضطرار الملجئ فحسب، أم أن نصر الله انتهز هذا الاضطرار  تمهيداً للقرار الاتهامي المتوقع صدوره قريباً عن المحكمة الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ليتسنى له الادعاء أن المشاركين من أعضائه في الجريمة فعلوا ذلك لأنهم عملاء للأجانب، فلا يشار إلى الحزب كله بأصابع الاتهام؟

 

ذلكم التحليل محتمل لكنه إذا تأكدت صحته-ينبئ عن تصرف المذعور الذي يجد نفسه أمام فضيحة كبرى جديدة، تضاف إلى الفضائح المتتالية التي أسقطت هالة الحزب المصطنعة، فلم يعد حركة مقاومة وإنما منظمة طائفية متعصبة وحاقدة، وأداة صفيقة لتنفيذ أوامر الولي الفقيه، الذي لا يُسأَل عما يفعل-عند أشياعه-بل تجب طاعته طاعة عمياء مطلقة!!

 

 

وبعد "معلقة" نصر الله عن زهوه بجواسيسه، أصر على تكرار وقوفه مع النظام السوري "الممانع والمقاوم"، وهو الذي  لم يطلق طلقة واحدة لتحرير أراضيه المحتلة منذ38سنة، لكنه خرج بأسلحته المكدسة ليقتل مواطنيه في الشوارع!! فكيف يكذب نصر الله كذباً ممجوجاً من طراز زعمه أن إزالة هذا النظام خدمة للصهاينة وأمريكا!! فهل تريد تل أبيب حارساً أشد منه وفاء في حراسة حدودها؟ثم أليس معنى كلام نصر الله أن الشعب السوري خائن وليس فيه شريف سوى العائلة المستبدة؟ومعناه كذلك أن قتل الشعب ركن من أركان مقاومته المفتراة!!

لم يعد  السوريون في حاجة إلى تقويم نصر الله وحزبه، فهو في خندق قتلهم وإذلالهم وتشريدهم وانتهاك حرماتهم!! ونهب ثرواتهم وخيرات وطنهم..

 

وأخيراً:أفلم يأنِ لنصر الله أن يستحيي من الكذب البواح، فأين الإصلاحات التي زعم في خطابه السابق أن النظام جاد في تحقيقها؟ليعطنا خطوة واحدة غير القتل والتعذيب والتهجير للشعب السوري المرابط؟
أوليس من التناقض المشين أن يدعي نصر الله في كلمته السابقة أن الشعب السوري كله مع النظام، ثم نراه يخادع السوريين في كلمته الأخيرة فيتوسل إليهم ألا يتخلوا عن نظام الأسد الطائفي الدموي الخائن الذي جعل الشام لقمة سائغة لأحفاد أبي لؤلؤة المجوسي!!!