اليمن.. ثورة شعب!
14 ربيع الثاني 1432
مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث

الخلفية والأبعاد:
يمثل شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) مطلبا حاضرا في حراك الشعوب العربية بعد نجاح ثورتي تونس ومصر الجزئي في إقصاء رموز السلطة عن الحكم وإسقاط مشاريعها العائلية في توريث السلطة والثروة معا.
وقد أصبح هذا الشعار الذي بات يردد في دول عربية أخرى سقفا أعلى يتجاوز المطالب الإصلاحية التي كانت تنادي بها الأحزاب والقوى السياسية من قبل، في إطار مرجعية الدستور ومنظومة الحكم.

 

اليمن لم تكن بعيدة عن الأحداث التي شهدتها تونس ومصر، وإن كانت المطالب المنادية بالتغيير والإصلاحات السياسية وإسقاط النظام حاضرة من قبل، كما أن اللجوء إلى الشارع كان الورقة التي تراهن عليها الأحزاب في إطار استقوائها على السلطة لتلبية مطالبها. غير أن ما جرى في تونس ومصر أحال ورقة الضغط هذه من أداة في الصراع السياسي بين القوى الحزبية إلى منهجية تغييرية تتظافر لها كل القوى الاجتماعية والثقافية والسياسية فتقلب ميزان القوى، وتطرح حقيقة قدرة الأنظمة على البقاء في المحك، في ضوء ما وصلت إليه من قطيعة على كافة الصعد: السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية داخليا وخارجيا. لذا لم يعد الحديث عن ضغوط شعبية لإصلاح مواد دستورية وصيغ تقاسم للسلطة والثروة وإعادة هيكلة نظام الحكم منطقيا على إثر الأحداث التي تشهدها المنطقة، ويقودها ميدانيا جماهير شبابية وشعبية تنادي برحيل وزوال الأنظمة مطلقا، وتنقلها وسائل الإعلام لحظة بلحظة لتشكل العدوى التي باتت تخافها الأنظمة.

 

من هنا جاءت ردة فعل الشارع اليمني لهذه الثورة طبيعية وسريعة، خاصة في ظل التعبئة التي مارستها قوى مختلفة خلال الفترة السابقة على خلفية صراعها مع السلطة، كالحراك الجنوبي بفصائله الداعية إلى فك الارتباط (الانفصال) أو إلى تصحيح مسار الوحدة، والحوثيين الذين دخلوا مع السلطة ستة حروب عسكرية من أجل قيام مشروع دويلة شيعية في الشمال، والمعارضة التي أقصيت عن أي فعل وتأثير على المشهد السياسي وعن المكاسب والمغانم في السلطة والثروة!
وعوضا عن أن تقود المعارضة بكل أطيافها الشارع، أصبح الشارع اليمني أسبق من المعارضة وأقوى حضورا على ساحة الفعل السياسي بتكرار المشهد الثوري الجماهيري في صورة مظاهرات ومسيرات واعتصامات حاشدة.
المسألة لا تقف عند القوى الداخلية، بل يتجاوزه إلى القوى الدولية التي عبرت في أكثر من موقف عن عدم قناعتها بنظام الرئيس علي عبدالله صالح، وعدم إيمانها بقدرته على تحقيق الأجندة المطلوبة دوليا، سواء كان ذلك في صيغ مطالب سياسية للنظام أو عون للمعارضة أو نقد يأخذ طابع التقارير والدراسات والتصريحات الإعلامية.

 

لذلك فإن جهود تواصل السفارة الأمريكية –وغيرها ممن يسير في فلكها- مع القوى المعارضة والنخب الثقافية والفكرية والاجتماعية والشبابية لم تخل من نوع من التعبئة والتدريب والتأهيل وتنسيق المواقف والجهود وتعزيز القدرات والإمكانات. هذا كله استعدادا للحظة فارقة يمكن من خلالها إيصال هذه القوى إلى السلطة عبر ضغوط أو وعود أو منهجية تمكين وإحلال.
من هنا تأتي دراسة ما يجري في اليمن في ضوء المعطيات السابقة، لتعطي خارطة واضحة عن الصراع وأطرافه.

 

الأطراف الفاعلة في الأزمة:
1-    السلطة: وفي السلطة هناك أربعة دوائر:
الرئيس صالح: الذي لا يزال متصلبا في تمسكه بالسلطة مستندا إلى (شرعية دستورية)! ومعتمدا على: قوى الجيش والأجهزة الأمنية والقبائل المؤيدة له. وفي المنظور القريب لا يظهر أي تغيير أو تراجع في موقفه هذا.
العائلة: ومصيرها مرهون بمصير الرئيس صالح، لذلك فهي تقف إلى جانبه، محاطة بحاشية من المتنفذين وأصحاب المصالح، إلا أن بعضا منها بدأ يشعر بضرورة التراجع كمحمد عبدالإله القاضي.
الحزب الحاكم: وهو حزب المصالح المشتركة، وحاليا هناك استقالات فردية وجماعية بدت تظهر، على مستوى الرموز في اللجنة الدائمة في أكثر من محافظة، أو الأعضاء المنتسبين إلى الحزب، أو نواب الحزب في الكتلة البرلمانية. ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة القادمة استقالات جديدة بشكل كبير.
الحكومة: وهي رغم بعدها عن ساحة الصراع والحوار والمواجهة الجارية ميدانيا، إلا أنها معنية بالجرائم التي ترتكب في حق المدنيين وسوف تكون مسئولة عنها مستقبلا. ورغم وجود استقالات على مستوى قيادات حكومية في وزارات مختلفة إلا أنها حتى الساحة لا تمثل ظاهرة بارزة، لكن من المتوقع أن تغير بعض الأطراف مواقفها خلال الأيام القادمة في حال أصبحت المواجهات الدموية الطابع المعتمد في التعامل مع المتظاهرين.
2 -    ثانيا: المعارضة:
وهي طيف متعدد: فهناك المعارضة السياسية (اللقاء المشترك)، وهناك المعارضة المذهبية المسلحة (الحوثيون)، وهناك المعارضة المطالبة بفك الارتباط -الانفصال- (الحراك الجنوبي). وهي متفقة على التغيير لكنها مختلفة فيما بينها في الصيغة التي يجب أن يتم التغيير من خلالها، وأكثر هذه القوى تعقلا (التجمع اليمني للإصلاح)، الذي يسعى في الحصول على مبادرة معقولة تحقق المطالب وفق ضمانات مطمئنة بعيدا عن سقوط النظام بشكل مفاجئ من شأنه أن يقود إلى انفلات وفوضى أمنية وعلى مستوى الدولة.
غير أن المعارضة مجردة من أي أداة لتحقيق إرادتها أو ضمانات تمكنها من فرضها على السلطة، لذلك فهي تغتنم الشارع لصالح التغيير أيا كان مقصد الأطراف المعارضة من ورائه.
3 -    الشارع:
وهو يضم قوى حزبية مدفوعة من أحزاب المعارضة الممثلة في اللقاء المشترك، والملتزمة بتوجيهات تنظيماتها وقرارات قياداتها الحزبية، وهذه العناصر يرتبط استمرارها في الشارع أو تراجعها عنه بقرارات أحزابها غالبا.
كما يضم في الجنوب قوى الحراك بكل فصائله وتياراته، وهو يرى في الظرف الحالي فرصته لتحقيق خطوة باتجاه فك الارتباط أو تصحيح مسار الوحدة.
ويضم في محافظات شمال الشمال قوى حوثية تسعى للانتقام من نظام علي عبدالله صالح، وتصفية حساباتها معه، وتخطط لاغتنام فرصة سقوط النظام لفرض سيطرتها في المناطق المهيمنة عليها.
كما أن الشارع يضم قوى قبلية مدفوعة من مشائخ على خلاف مع علي عبدالله صالح ونظامه في الشمال والجنوب، وترى أنها محرومة من الوضع القائم وأن بإمكانها إيجاد موطن قدم لها في الوضع السياسي المقبل.
وهناك -وهم الأهم- قوى التغيير الليبرالي، وهم مجموعة عريضة من الشباب المدفوعين بإرادة التغيير الجوهري لمنظومة القيم والعادات والعلاقات القائمة اجتماعية وثقافيا، فهي ثائرة على الأوضاع عموما وعلى النظام باعتباره حجر الزاوية في إسقاطها. وقد بدأت هذه القوى تطل برأسها من خلال مقالات وتصريحات وبيانات يعلن عنها بشكل صريح.
بالإضافة إلى ما سبق هناك قوى الشباب المتأثرة بالموجة السائدة والباحثة عن حقوقها، وهي الشريحة الأكبر لكنها غير موجهة، ومستغلة من القوى الحزبية وقوى الحراك والحوثيين والقوى الليبرالية.

 

المؤثرون في الأزمة:
-    الموقف الإقليمي والدولي: وهو موقف لا يزال مواربا في موقفه من الثورات الشعبية، ويعطي للأنظمة رسائل تفيد بأن ما يجري شأن داخلي، لكنها في اليمن تصرح بأنها مع الحوار وضد الانفلات والفوضى.
-    القبائل: وهي حتى اللحظة لا تزال منقسمة في مواقفها، وإن كانت هناك محافظات وقبائل كاملة محسوبة على طرف دون طرف في الغالب.
-    العلماء: ودورهم حتى الآن لا يزال في إطار رد الفعل ومراقبا للأوضاع، ولا يملك أي مخرج للأزمة غير الوساطة والصلح في سبيل تحقيق إرادة الشارع بدون الدخول في فلتان أمني ومواجهات دموية وفتنة اقتتال داخلي، مع وجود تيار مؤيد للسلطة.
-    الجيش وأجهزة الأمن: وهي حتى لحظة كتابة هذا التقرير لا تزال واقفة إلى جانب الرئيس والسلطة، وإن كان هناك بوادر عصيان من بعض قادة الألوية والكتائب في تنفيذ بعض التوجيهات.
سير صراع الإرادات:
أشرنا إلى أن هناك ثلاثة أطراف للصراع القائم على مشهد الثورة الشعبية، طرف متمسك بالسلطة ويتقوى بأجهزة الدولة وما تبقى له من شعبية وبالسند الدستوري، وهو فيما يبدو لن يتخلى عنها، ولن يحقق على أرض الواقع أي مطلب من مطالب الشارع أو المعارضة.
فالمعارضة –وهي الطرف الآخر المتمسك بمطالبه بصرامة- قد طرحت ثلاثة خيارات لمعالجة الأوضاع السياسية خلال مراحل الحوار والجدال التي سادت بينها وبين السلطة سابقا.
الأول: تعديل النظام الديمقراطي في اليمن ليكون برلمانيا وليس رئاسيا، مع التزام الرئيس بعدم ترشحه لفترة رئاسية قادمة.
الثاني: تعديل منظومة العملية الانتخابية بدءا من قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والسجل الانتخابي، مرورا بكافة إجراء العملية الانتخابية.
الثالث:
هذه المطالب جميعا –أو بعضها- كفيلة بأن تشكل حبل مشنقة للرئيس صالح، لذلك فقد رفضت جملة وتفصيلا، وأصبح توجيه المؤتمر الشعبي العام والسلطة للحوار حول قضايا ثانوية، أو القيام بإجراءات منفردة لسحب المعركة خارج الميدان.
والفارق بين الأمس واليوم، هو أن المعارضة بكل مكوناتها كانت تفتقد إلى الضمانات التي يمكن الركون لها في اتفاقياتها مع الرئيس صالح وحزبه الحاكم، كما كانت تفتقد إلى القوة التي تمكنها من فرض إرادتها وهي المقصية من كافة مفاصل الدولة ومواقع القرار؛ أما اليوم فهي تستند إلى حشد جماهيري كبير وزخم شعبي ثائر لا يمكن إخماده أو إهماله أو السيطرة عليه.
لذلك فإن من مصلحة المعارضة اليوم وجود الشارع اليمني في حالة ثورة شعبية، في حين يمثل ذلك مع الشعارات المرفوعة والمطالبة برحيل النظام خسارة بكل المقاييس ولكل الأوراق؛ وفي ضوء ذلك يجري الصراع بين السلطة والمعارضة لكنها هذه المرة على أرض الشارع؛ والرابح هو القادر على التحمل لأكبر وقت ممكن في صراع أشباه ما يكون بلعبة "عض الأصابع"!
ففيما يطالب –ويحاول- الرئيس صالح بكل ما أوتي من قوة، وعبر صرف الوعود وتقديم ما يصفها بالتنازلات، وباستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لرفع المتظاهرين عن الشارع تحت ذريعة تحقيق مطالبهم؛ فإن المعارضة إزاء ما تقدم السلطة من مبادرات وتنازلات تضع نفسها ضمن الشارع الذي باتت مطالبه تفوق هذه المبادرات والتنازلات ليقول للنظام (ارحل)!

 

غير أن إطالة أمد المظاهرات والاعتصامات إلى وقت أطول لا يخدم بقاء جذوتها واشتعالها ما لم يتم تحويلها إلى كرة ثلج تدفع باتجاه كسر معادلة التفوق لدى السلطة، خاصة وأن المناخ في صنعاء وبعض المحافظات الشمالية يشهد تقلبات في الطقس مما قد يفسد استمرار هذه الاعتصامات في الساحات العامة.
لذلك فإن السلطة فيما يبدو تتجه إلى تصعيد مواقفها بشكل متدرج وعبر عدة خطوات تتخذ تباعا في محافظات مختلفة وعلى مستويات عدة. في حين ترغب السلطة فض (المولد) قبل أن تكتمل (الحضرة) وتتمكن الجموع من إرغامها على الخروج وهي تجر أذيال الفشل!

 

مجريات الثورة الشعبية والاعتصامات:
في الثاني من فبراير 2011م تقدم الرئيس علي عبدالله صالح إلى اجتماع موسع ضم مجلسي النواب والشورى وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات علمية واجتماعية بمبادرة استباقية لدعوة أحزاب المعارضة للتظاهر يوم الخميس -3 فبراير- جاء فيها: نفيه لأي نية مبيتة للتأبيد أو التمديد أو التوريث، وتجميده لمشروع التعديلات الدستورية المعروض على مجلس النواب، ودعوته إلى استئناف الحوار مع قوى المعارضة؛ معتبرا ما جاء في هذه المبادرة تنازلات لمصلحة البلد.
في الثالث من فبراير شهدت صنعاء أول مظاهرة مطالبة بالتغيير قادتها المعارضة برموزها السياسية والحركية في شارع العدل أمام جامعة صنعاء الجديدة. كما شهدت مظاهرة مضادة خرجت لتأييد الرئيس صالح في ميدان التحرير، لكنها بزعم مصادر إعلامية كانت مدفوعة الأجر وبتجييش من الحزب الحاكم والحكومة.
وفي تقدير بعض وسائل الإعلام فقد خرج في مظاهرات المعارضة نحو مليون مشارك في مختلف محافظات الجمهورية، للضغط على الرئيس صالح لتقديم تنازلات حقيقية تفضي إلى تداول سلمي للسلطة. ولم تخل المظاهرات من مطالب برحيل صالح عن السلطة على الفور. وشملت المظاهرات العاصمة صنعاء، وعددا من المدن والمحافظات: كتعز، وإب، وعدن، وزنجبار، والوهط، وحجة، ومأرب، والبيضاء، وعتق، وذمار، وريمة، وعمران، والمحويت، والجوف، وحضرموت.
وفي حين كانت بعض هذه المسيرات سلمية وناجحة واجهت قوات الأمن عددا منها بالأعيرة المطاطية وإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين والقنابل المسيلة للدموع واستخدام الهراوات. وقد أصيب في المكلا ثلاثة من المتظاهرين نتيجة إطلاق رجال الأمن النار على مسيرة انطلقت حاملة أعلاما تشطيرية وصوراً لنائب الرئيس السابق علي سالم البيض وشعارات انفصالية.
في الخامس من فبراير سلَّم عبدالكريم الإرياني -عضو اللجنة الرباعية في لجنة الحوار- قادة أحزاب اللقاء المشترك رسالة تتعلق بمقترحات رئيس الجمهورية الواردة في كلمته أمام مجلسي النواب والشورى لتسوية الوضع السياسي في البلاد؛ غير أن قادة المشترك طلبوا منحهم مهلة يومين لتدارس الرسالة مع شركائهم قبل الرد عليها عبر اللجنة الرباعية.
في التاسع من فبراير، قللت الحكومة اليمنية من مخاوف سقوط البلاد في أزمات سياسية مماثلة لتونس ومصر، مشيرة إلى أنها حافظت دائما على الحوار مع المعارضة. وجاء هذا الموقف على لسان وزير الخارجية د. أبوبكر القربي في تصريحات صحفية بباريس لوسائل إعلام فرنسية.
في 11 فبراير وعلى إثر تنحي حسني مبارك عن حكم مصر، وقعت صدامات واشتباكات بين متظاهرين في ميدان التحرير نادوا بسقوط النظام وآخرين مؤيدين له. وكانت السلطة قد استبقت المظاهرات المعارضة بخطوة نصب عدد من الخيام في ميدان التحرير واستقدام عدد كبير من أنصارها للإقامة فيها تحسبا لأي حراك شعبي معارض، وكان في مقدمة العناصر التي التحمت مع المتظاهرين قيادات مؤتمرية يتقدمها سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر وأمين العاصمة عبدالرحمن الأكوع.
كما شهدت بقية عواصم المحافظات مظاهرات مشابهة، للمطالبة برحيل السلطة، والتغيير والإصلاح، ورفض التوريث وتمديد الحكم.
وأعلن بمحافظة الحديدة عن تأسيس اللجان الوطنية للانتفاضة والثورة السلمية ضد الفساد والاستبداد. وهو إعلان تبناه عدد من الشباب العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات، بالإضافة إلى ناشطين سياسيين وحقوقيين ومحامين وإعلاميين. وجاء في بيان التأسيس أن اللجان تهدف إلى مواصلة الثورة السلمية حتى ينعم الوطن ومواطنيه بالعيش الكريم الذي حوله النظام الحاكم الحالي إلى جحيم بفعل سياسات التجويع والإفقار؛ داعيا شباب اليمن في جميع المحافظات إلى المضي قدما في سبيل تغيير جذري لكافة أركان النظام.

 

كما شهدت مدينة زنجبار بأبين مسيرة جماهيرية لأنصار الحراك الجنوبي استجابة للدعوة التي وجهها طارق الفضلي، طافوا خلالها شوارع المدينة مرددين شعارات وهتافات مناهضة للنظام؛ من قبيل: (لا وحدة.. لا فيدرالية.. ثورتنا ثورة سلمية) و(ثورة، ثورة.. يا جنوب). وتقدم طارق الفضلي جموع المشاركين الذين ارتدوا ثيابا بيضاء -في إشارة إلى استعدادهم للموت في أي لحظة.
في 12 فبراير، شهد ميدان التحرير صدامات بين مظاهرتين خرجت أولاها لتأييد الرئيس صالح، فيما خرجت الثانية -وبعدد لا يتجاوز نصف الألف- مباركة نجاح الثورة الشعبية في مصر، ومطالبة النظام الحاكم في اليمن بالرحيل، لتنتهي الصدامات التي استخدمت فيها العصي والهروات والأسلحة البيضاء بانسحاب الثانية.
في 13 فبراير، أحاطت الجهات الأمنية ميدان التحرير بالعاصمة ومجلس النواب ومقار الأمن السياسي بالسلك الشائك, وسدت جميع المنافذ؛ في حين استولى أنصار المؤتمر الشعبي العام على ساحة ميدان التحرير، حيث نصبت به خياما لإقامة معرض للأشغال اليدوية لمنع التظاهر فيه.
في المقابل انطلقت مظاهرة من أمام جامعة صنعاء واستقرت أمام مقر الأمن المركزي بالقرب من دار الرئاسة، هاتفة بـ"الشعب يريد رحيل النظام".
كما عممت حركة "3 فبراير" الشبابية -حسب وصفها لنفسها- قائمة بأسماء ومناصب أقارب الرئيس علي عبدالله صالح، وطالبت في بيان لها بتنحية هؤلاء الأقارب من مناصبهم، وبإفساح المجال للكفاءات المعطلة من أبناء الشعب. وقال البيان إن على الرئيس القيام بإجراءات ملموسة وعاجلة إن أراد أن يجنب نفسه السقوط ويجنب الشباب تبعات التظاهر.
في 14 فبراير، قام موظفون يعملون في هيئة موانئ خليج عدن باقتحام مكاتبها الإدارية، وبإخراج رئيس مجلس إدارتها وكبار الإداريين منها. كما شارك المئات من المحتجين في مظاهرة جابت شوارع عدن، والتحمت مع رجال الشرطة برشقهم بالحجارة، وقال سكان إن قوات الأمن استخدمت الهراوات لتفريق المتظاهرين، واعتقلت خمسة أشخاص منهم.
وفي صنعاء طارد أنصار للسلطة مسلحين بزجاجات مكسورة وخناجر وحجارة الآلاف من المتظاهرين المنادين بالإصلاح، ليتحول الاحتجاج -الذي استلهم الثورة الشعبية المصرية- إلى عنف متزايد. وهتف المحتجون المناهضون للسلطة برحيل النظام.
وشهدت تعز –لليوم الرابع- مظاهرات مماثلة شارك فيها آلاف المواطنين، واعتقلت الشرطة 120 شخصا منهم -حسب بيانات منظمات المجتمع المدني- وجرح ثمانية آخرون.
في 15 فبراير، شكل الشباب المعتصمون بمدينة تعز لجان نظام من مئات الشباب لتأمين مقر الاعتصام من جميع الطرق المؤدية إليه، ووفروا مولدات كهرباء بعد فصل التيار عن مكان التظاهرة والأحياء المجاورة؛ وواصلوا اعتصامهم لليوم الخامس على التوالي.
من جهته ألقى عبدالملك الحوثي كلمة بمناسبة المولد النبوي في صعدة طغى عليها الجانب السياسي، حيث أعلن عن خروجه إلى الشارع ومطالبته السلطة بسرعة الرحيل من البلاد؛ مؤكدا أن إرادة الشعوب هي القادرة على التغيير، وأن إرادة الله تعالى ستنضم إلى إرادة الشعب اليمني في حال خرج إلى الشارع بصدق وجدية وبشكل واسع وشامل. وحرض الحوثي كافة أبناء اليمن إلى الخروج ضد السلطة والاستفادة من ثورتي مصر وتونس، وقال: "إننا سنكون في طليعة الشعب اليمني في حال خروجه بشكل واسع" حاثا الجماهير على سرعة الخروج.

 

وقالت مصادر محلية: إن وفودا كبيرة من محافظات صنعاء وحجة والمحويت وعمران والجوف ومأرب والبيضاء وذمار وشبوة حضرت الاحتفال؛ موضحة أن على رأس الوفود المشاركة الشيخ ناجي الغادر، إضافة إلى شيخ قبلي كبير من محافظة مأرب.
في 16 فبراير، حاصر المئات من أبناء مديرية المنصورة مبنى قسم شرطة ورددوا هتافات عبر مكبرات الصوت تنادي بسقوط النظام، ما دفع قوات الأمن المركزي إلى الاكتفاء بفرض طوق أمني على الطريق المؤدي من أمام شرطة المنصورة إلى مدينة الوحدة السكنية. وتحدثت الأنباء عن فوضى عارمة اجتاحت مديرية المنصورة.
كما اعتصم عشرات العمال في شركة النفط اليمنية بعدن ومؤسسة المياه والصرف الصحي بخور مكسر وكريتر عدن، فيما واصل العشرات من العاملين في مؤسسة موانئ خليج عدن ومؤسسة الأثاث والتجهيزات المدرسية والمؤسسة العامة للكهرباء بعدن اعتصامهم لليوم الثاني على التوالي، للمطالبة بإيقاف قيادة تلك المؤسسات الحكومية ومحاسبة المتورطين بقضايا فساد فيها، وإعادة حقوقهم العمالية؛ والاعتصامات تجتاح عمال مستشفى الجمهورية التعليمي، والعديد من القضاة والعاملين في السلطة القضائية بكريتر.

 

في 17 فبراير، خرج عشرات الآلاف في كل من صنعاء وعدن والحديدة ولحج وتعز في مظاهرات حاشدة تطالب بإسقاط النظام. كما خرج في مدينة البيضاء المئات من أبناء المحافظة في مظاهرة شبابية سلمية –هي الثالثة من نوعها- مطالبين برحيل النظام. كما خرج العشرات من الشباب في مدينة إب مطالبين بإسقاط النظام، لكنها انتهت بمواجهة مع أطقم عسكرية. كما خرج المئات من أبناء ردفان في مسيرة حاشدة جابت شوارع مدينة الحبيلين، رافعة أعلام دولة الجنوب السابقة، معلنين عن تضامنهم مع أبناء عدن، ومستنكرين ما تعرض له أبناء ردفان من قمع لمظاهراتهم السلمية. وناشد البيان الصادر عن هذه المسيرة المجتمع العربي والدولي إلى سرعة التحرك لحماية (الشعب الجنوبي)! وإدانة ما وصفوها بأعمال القتل وحرب الإبادة من قبل الجيش والأمن، وتشكيل لجان تحقيق دولية، ونقل الحقائق من أرض الواقع، والدفاع عن حقوق الإنسان الجنوبي. ودعت المسيرة جميع أبناء الجنوب التوجه إلى عدن لشد أزر شباب عدن ورجالها وعدم العودة حتى تحقيق النصر.
في حين واصلت قوات الجيش المرابطة على تخوم مدينة الحبيلين قصفها العشوائي للمدينة، وهو ما تسبب في إصابة أحد الأشخاص وتسبب بأضرار كبيرة في المنازل والممتلكات بالمدينة.
في 18 فبراير، أو ما أطلق عليها بـ"جمعة البداية"، توافد الآلاف للصلاة في مسجد الجامعة الجديدة بصنعاء، حيث اكتظت الشوارع بالمصلين, وعقب الصلاة خرج الآلاف في مسيرة تهتف بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، لكن المظاهرة ووجهت بعنف من قبل (البلاطجة) في أثناء مسيرتها نحو ميدان السبعين. وفي محافظة تعز توافد عشرات الآلاف إلى ميدان التحرير للمشاركة، هاتفين "الشعب يريد إسقاط النظام"، لليوم الثامن، وأخرى خرجت في محافظة لحج. كما شهدت مديرية المنصورة تظاهرة للآلاف احتشدوا من مختلف مديريات المحافظة مرددين شعارات تنادي بسقوط النظام، في حين غابت الشعارات الانفصالية عن التظاهرة، كما خرجت تظاهرة للعشرات في منطقة القلوعة. كما أحرق مجهولون في الساعات الأولى من الفجر مبنى السلطة المحلية في مديرية الشيخ عثمان دون أن تسجل أية إصابات بشرية والمبنى القديم للشرطة؛ وحصيلة قتلى مظاهرات عدن ترتفع في يوم واحد إلى أربعة أشخاص بعد سقوط قتيل ثالث في مديرية الشيخ عثمان ورابع في حي السعادة بخور مكسر.
في هذه الأثناء قام الشيخ حسين عبدالله الأحمر -رئيس مجلس التضامن الوطني- بزيارة إلى مختلف المناطق بمحافظة عمران على رأس موكب كبير ضم مئات السيارات، سعياً لإجهاض اللقاءات التي عقدها الرئيس صالح مع عدد من الشخصيات الاجتماعية في مختلف مديريات عمران. وألقى حسين الأحمر في مهرجان حاشد كلمةً أكد فيها تأييد قبائل حاشد للتغيير ووقوفها إلى جانب الثورة الشعبية السلمية التي اندلعت في عدد من محافظات الجمهورية، للمطالبة بإسقاط النظام؛ مستنكراً في الوقت ذاته ما تبثه السلطة من ثقافة كراهية بين أبناء الوطن الواحد عبر ترديد بعض الشعارات العنصرية والمناطقية؛ معلنا عن مهرجان موسع سيعقد في مدينة عمران أو منطقة خارف، يجمع كل أبناء المحافظة من قبيلتي حاشد وبكيل، ويفضي -حسب قوله- إلى تشكيل لجنة من مشائخ وعلماء ومفكرين ومثقفين وشباب يتولون التحضير لاجتماع موسع يعمل على التآخي بين أبناء هذه المحافظة ودراسة الأحداث السياسية والأوضاع الاجتماعية والمعيشية المعتملة في ربوع اليمن، وتحديد موقف موحد ومشرف تجاهها.
وقال حسين الأحمر: إذا استمرت السلطة في تخويف أبناء العاصمة ببلاطجتها سنضطر إلى التدخل؛ وأضاف: أن من يحمي صنعاء ليست القوات المسلحة أو الجيش وإنما قبائل عمران، والذين لولاهم لكان الحوثي -حد تعبيره- داخل الرئاسة؛ وأكد أن قبائل حاشد وكل قبائل اليمن متوحدة ولن تتفرق؛ ومعتبراً أن محاولات النظام الحاكم للتفريق بين تلك القبائل من خلال استغلال السلطة والمال العام ستبوء بالفشل.
في 21 فبراير، تجاوز عدد المشاركين في ساحة التغيير أمام الجامعة الجديدة عشرة ألف شخص غالبيتهم الساحقة من الشباب والشابات حسب مصادر صحفية؛ وانضم إليها مجاميع قبلية وأخرى من الجنود والضباط. فيما يزور عدد من أعضاء مجلس النواب وشخصيات اجتماعية ساحة التغيير, إضافة إلى عدد من القيادات الوسطى للقاء المشترك.

 

في الوقت ذاته دعت نقابة المحامين بالحديدة أعضائها للالتحام بالفعاليات الاحتجاجية.
كما خرج الآلاف من أبناء محافظة صعدة بمديرية ضحيان (مناطق الحوثية) في مظاهرة تنادي بإسقاط النظام، وأكد بيان ذيل باسم أبناء محافظة صعدة تضامنهم الكامل مع أبناء الشعب، مطالبين بتحرك شعبي واسع وجاد ومسئول لإزاحة من وصوفها "السلطة المجرمة"، وأعلن البيان استمرار الفعاليات والمظاهرات السلمية حتى رحيل النظام.
كما وفدت مجاميع قبلية إلى مخيمات المعتصمين أمام جامعة صنعاء؛ وذلك في إطار مبادرة أطلق عليها (قبائل من أجل التغيير)، معلنة انحيازها إلى جانب مطالب الشباب المعتصمين، وتضم مشائخ قبائل من محافظات مأرب والجوف وصنعاء والبيضاء وذمار، وبينهم ممثلين عن تحالف قبائل مأرب والجوف وتيار المستقبل ومؤتمر بكيل العام وفعاليات قبلية أخرى ومستقلين ومشائخ آخرين دعموا المبادرة.

 

كما وفدت مجاميع قبلية من مديرية نهم يتقدمهم الشيخ يحيى محمد الحاتمي والشيخ صالح عبدالله الفرجي نجل رئيس فرع المؤتمر في نهم سابقا وعضو اللجنة الدائمة، معلنين انضمامهم إلى خيار الشعب وبراءتهم من كل الأحزاب، وتأييدهم لكل المظاهرات السلمية، ومؤكدين استعدادهم مع الشرفاء من أبناء القبائل لحماية المتظاهرين السلميين من (البلاطجة)؛ مؤكدين أن "التغيير صار ضرورة ملحة يتطلبها العصر ويفرضها الواقع".
كما زار ساحة الاعتصام الشيخ محمد بن سالم بن عبود الشريف -من أبناء مديرية حريب- للتضامن مع المعتصمين. ومن بين المشائخ الذين دعموا المبادرة وأرسلوا مجاميع للالتحاق بالاحتجاجات ضمن حضور المبادرة الشيخ أحمد محمد الزايدي، جهم -مأرب، والشيخ درهم شايف أبو لحوم، نهم -صنعاء، والشيخ محسن علي القبلي، مراد –مأرب، والشيخ محسن صالح عايض، نهم -صنعاء، والشيخ عائض عصدان، نهم -صنعاء، والشيخ محمد الجيشي، سفيان -عمران.
والاعتصام الشبابي بتعز المطالب برحيل النظام يدخل يومه الحادي عشر على التوالي وسط تزايد الجماهير التي تنضم إلى ساحة الحرية، فيما أعلن عن وفاة أحد الجرحى متأثرا بإصابة أصيب بها الجمعة الماضية إثر إلقاء قنبلة يدوية على المعتصمين. كما أعلن في عدن عن سقوط القتيل العاشر في أقل من خمسة أيام، نتيجة استهدافه برصاص قناصة بمدينة الشيخ عثمان.
في 22 فبراير، حاول عدد من (البلاطجة) اقتحام ساحة التغيير بصنعاء بالقوة، وهو الأمر الذي تصدى له المعتصمون وأحرقوا سيارة تحمل عدد من المهاجمين. كما رشق المئات من (البلاطجة) المعتصمين بالحجارة وإطلاق النار الحي، ونجح المعتصمون في إلقاء القبض على بعضهم ومصادرة أسلحة كانت معهم، وأسفرت المواجهات عن طعن وجرح عشرة من المعتصمين.
وواصل مئات المواطنين اعتصامهم بمدينة إب مطالبين برحيل النظام لليوم الرابع على التوالي؛ مع ازدياد ملحوظ في إقبال المواطنين على الاعتصام في الساحة التي أطلق عليها "ساحة الحرية".
كما شهدت مدينة الصعيد بمحافظة شبوة مسيرة سلمية طافت شوارع المدينة، وشارك فيها العشرات من أبناء المديرية للمطالبة بإسقاط النظام، ونددوا بالأساليب القمعية التي تنتهجها السلطة ضد المتظاهرين في عدد من محافظات الجمهورية المطالبين بالتغيير، معلنين تضامنهم مع كافة الفعاليات السياسية المطالبة برحيل النظام. وحسب مصادر محلية فإن هذه الفعالية جاءت استجابة لدعوة من الأمين العام لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي) محسن بن فريد المنحدر من المديرية. ومديرية الصعيد تمثل المعقل الرئيس لقبيلة العوالق كبرى قبائل جنوب اليمن التي ينحدر منها رئيس الوزراء الدكتور علي مجور، والقيادي في الحزب الحاكم عارف الزوكا، إضافة إلى مؤسس الحراك الجنوبي العميد ناصر النوبة.
وفي الضالع أصيب أربعة معلمين بأعيرة نارية عند تفريق الأمن لاعتصام دعت إليه نقابة المعلمين بالمحافظة وشارك فيه المئات منهم، حيث استخدم الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع واعتقل عدد من المعتصمين.
في 23 فبراير، توفي معتصم وجرح 27 آخرون نتيجة هجوم قام به مجهولون ليلا بالرصاص الحي والحجارة على المعتصمين في ساحة التغيير بصنعاء.
كما توفي جريح أصيب بمدينة المنصورة بمستشفى الجمهورية بخور مكسر؛ وبذلك ارتفع عدد القتلى في عدن إلى 10 قتلى منذ 16 من فبراير الجاري؛ فيما تحدثت مصادر عن أن عدد القتلى وصل إلى 13 قتيلا حتى الآن, في حين فاق عدد الجرحى أكثر من 80 جريحا. كما تداعى عشرات الشباب لليوم السادس على التوالي للاعتصام بمحافظة الحديدة.

 

من ناحية أخرى كشفت مصادر خاصة عن اتفاق مبدئي توصلت إليه قيادات في الحراك الجنوبي واللقاء المشترك في عدن على توحيد المطالب والشعارات أثناء تنفيذ الفعاليات والمظاهرات المناوئة للنظام. ونقلت صحيفة "الأمناء" الأسبوعية الصادرة من مدينة عدن عن تلك المصادر قولها: إن قيادات الحراك والمشترك اتفقت على توحيد شعاراتها بحيث تنحصر في المطالبة بإسقاط النظام كهدف تتفق عليه جميع قوى المعارضة والحراك في هذه المرحلة، كما اتفقت هذه القيادات على منع أي استفزازات بين أنصارها حتى لا تترك المجال مفتوحا أمام النظام لاستثمار أي انشقاق يستعيد من خلاله النظام أنفاسه والحصول على أوراق أخرى للعب بها. وبينت تلك المصادر أن الاتفاق نص أيضا على عدم رفع أي أعلام أو شعارات قد تشكل استفزازا لأي من الطرفين.
خارجيا، قام طلاب يمينون وعرب بوقفة تضامنية أمام السفارة اليمنية في القاهرة بمصر مع المعتصمين المطالبين بالتغيير في اليمن. وردد الحضور بعض الهتافات "جيش بلادي يا مغوار.. احمِ الثورة والثوار" وهتافات تنادي بـ"برحيل النظام وإسقاطه".
في 24 فبراير، دعا يمنيون مقيمون في الولايات المتحدة الأمريكية للتظاهر أمام مبنى الأمم المتحدة في منهاتن بنيويورك الجمعة القادم للمطالبة بإسقاط النظام اليمني ورحيل الرئيس صالح. وأوضح البيان الذي أصدرته "حركة شباب التغيير" إلى أن الحركة تساند مطالب الشعب اليمني في الداخل المتمثلة في إسقاط النظام والتغيير.

 

وطافت مسيرة لآلاف المتظاهرين أحياء وشوارع مديرية المنصورة مطالبة برحيل النظام؛ مع توافد حاشد في مديريات المنصورة وخور مكسر وكريتر من الشباب للمشاركة في هذه المظاهرات, فيما شهدت ذات المديريات نصب مزيد من الخيام. وارتفع عدد قتلى احتجاجات محافظة عدن يوم أمس إلى 11 قتيلاً؛ في حين لا يزال عشرات الجرحى في مستشفيات عدن؛ وأكثر من 50 معتقلاً لدى الأمن على ذمة الاحتجاجات التي انطلقت يوم الأربعاء 16 فبراير.
وفي محافظة الضالع خرجت مسيرة تقدر بالمئات ترفع شعارات وأعلاما تشطيرية، وتطالب بالإفراج عن معتقلي الحراك الجنوبي.
في 25 فبراير، تظاهر أكثر من مليوني يمني في عدد من المحافظات اليمنية للمطالبة بإسقاط النظام. وقد احتشدت التظاهرات المليونية غير المسبوقة في العاصمة صنعاء إضافة إلى محافظات تعز وعدن وإب والحديدة ولحج وحضرموت وأبين وذمار. وصرح القيادي المعارض الشيخ عبدالله صعتر -في خطبة الجمعة (جمعة الانطلاق) التي ألقاها في ساحة الاعتصام- بأن الخروج إلى التظاهرات فرض واجب على كل مسلم ومسلمة.
وأعلن عشرون شرطياً من قوات الأمن، وعدد من الأكاديميين والمحامين بجامعة صنعاء، وعدد من الحقوقيات، انضمامهم للاعتصام. وتبرعت قبيلة خولان بمبلغ خمسمائة ألف ريال يمني دعما لثورة الشباب كبداية ووعدت بالمزيد خلال الأيام المقبلة.
كما شهدت مدينة زنجبار بأبين عقب صلاة الجمعة مسيرة حاشدة شارك فيها المئات من أبناء المحافظة للمطالبة بإسقاط النظام. علما بأن مسيرات مشابهة تجوب شوارع المدينة ليلياً منذ أكثر من أسبوع لذات الغرض وتضامنا مع المعتصمين في باقي المحافظات دون أن تشهد أي مصادمات أو مواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن الذين عادة ما يراقبون الموقف من بعيد.
في المقابل تظاهر في ميدان التحرير الآلاف من مؤيدي الحزب الحاكم للمطالبة بالحوار الوطني وتأييداً للرئيس صالح، ورددوا هتافات مناوئه للمعتصمين في ساحة التغيير، ووصفوهم بـ"الخونة" و"العملاء".
وصرح النائب على المعمري -عضو مجلس النواب المستقيل من الحزب الحاكم- بعد أن شهد حجم الحضور في ساحة الحرية اليوم، بالقول: "أمام هذا السيل الجارف ليس هناك من حل لإيقاف هؤلاء الشباب إلا إجراءات عملية تسبق الحوار لتهدئ من هذا السيل الجارف ما لم فإن القادم سيكون أسوأ"، وطالب الحزب الحاكم بـ"تفهم المطالب الشعبية..".

 

في 26 فبراير، خرج المئات في مسيرة حاشدة بمديرة قعطبة محافظة الضالع مطالبين بإسقاط النظام رافعين أعلام الجمهورية اليمنية, وسميت المسيرة التي تعد الأولى في المنطقة بمسيرة كسر الخوف.
في 27 فبراير، تواصلت فعاليات الاعتصام المفتوح بحديقة الشعب بمحافظة الحديدة؛ وأفاد مصدر محلي عن تزايد أعداد المعتصمين بعد أن انضم إليهم طلاب وأكاديميو جامعة الحديدة، ونقابات المحامين والمعلمين والصحفيين، ونقابة المهن الطبية، وطيف واسع من أهالي المعتقلين بالأمن السياسي وموظفو موانئ الحديدة ومؤسسة الأسماك.
كما اعتصم المئات من طلاب الجامعة والمدارس والمعاهد أمام إدارة أمن المكلا، لليوم الثاني على التوالي، مطالبين بإسقاط النظام وإطلاق سراح المعتقلين.
كما خرجت تظاهرات في شبام بحضرموت، لكنها قمعت من قبل قوات الأمن، غير أن تظاهرة أخرى أكبر من سابقتها قامت بعدها وضمت المئات من أبناء مدينة شبام، ردد خلالها الشباب وجموع المواطنين المشاركين فيها العديد من الشعارات التي تطالب برحيل النظام فيما ردد طلبة المدارس (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس)!
كما دشنت مجاميع من شباب محافظة مأرب في ساحة الحرية -قلب مدينة مأرب- اعتصاماً مفتوحاً للمطالبة بإسقاط النظام. وقد أعلن ملتقى مأرب الذي يضم شخصيات سياسية واجتماعية بارزة بالمحافظة عن تأييده لمطالب شباب مأرب, وقامت عدد من الشخصيات بزيارة الشباب المعتصمين إلى ساحة الحرية.

 

كما أعلنت حركة (الشعب يريد) الشبابية المستقلة عن تأسيسها، باعتبارها تضم في إطارها أعضاء من فئة الشباب من كافة أنحاء اليمن، وتسعى لتوحيد الجهود في خدمة قضايا الشعب والوطن وللمطالبة بحقوقهم وبلورة رؤية وآليات مشتركة يعملون من خلالها على تحقيق التغيير المنشود تحت شعار (معاً نستطيع).
في 28 فبراير، شهدت العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات إجراءات أمنية مشددة عشية مسيرات الغضب التي دعت لها أحزاب اللقاء المشترك تضامنا مع شهداء وجرحى عدن، في حين رفضت أحزاب المشترك المشاركة في حكومة وحدة وطنية دعا الرئيس إلى تشكيلها والإعلان عنها.
حيث شوهدت تعزيزات عسكرية وناقلات تتوزع على مداخل ومخارج العاصمة وعدد من الأحياء السكنية، بالإضافة إلى استحداث نقاط تفتيش جديدة، وهي نفس الإجراءات الأمنية التي شهدتها بقية المحافظات اليمنية وخاصة المحافظات التي تشهد حركة احتجاجات واسعة تطالب بالتغيير.
كما قال شهود عيان في محافظة لحج إن تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت محافظتي عدن ولحج تكونت من دبابات ومدرعات وناقلات جنود، وشوهد عدد من الطائرات تنقل أفرادا ومعدات قدمت من صنعاء.
كما انطلقت مظاهرة لأبناء مدينة تريم بحضرموت تطالب بإسقاط النظام، وشارك في المظاهرة التي نظمها ائتلاف شباب التغيير بالمدينة عدد من الشخصيات البارزة في المدينة, جاء في مقدمتها الشيخ عمر باعديل- إمام وخطيب جامع الخير, وعمر سالم هبشان -عضو المجلس المحلي بالمدينة.

 

واعتبر المشترك على لسان ناطقه الرسمي الدكتور محمد صالح القباطي دعوة الرئيس عن تشكيل حكومة وحدة وطنية لعبا في الوقت الضائع، ومحاولة يائسة لامتصاص الغضب المتصاعد المطالب برحيله.
في ا مارس، شارك الآلاف من أنصار اللقاء المشترك وشباب التغيير والمواطنين بمحافظة شبوة في مسيرة حاشدة جابت شوارع المدينة، مرددين شعار: "الشعب يريد إسقاط النظام". وشهدت المسيرة تقديم عضو المؤتمر الشعبي العام رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس المحلي بمديرية الصعيد سالم محمد هادي علوي استقالته.
كما احتشد الآلاف في مدينة ذمار في مظاهرة انطلقت من وسط المدينة باتجاه الاستاد الرياضي مطالبين بإسقاط النظام؛ في حين أعلن النائب عبد الرزاق الهجري عن تشكيل منظمة "أكاديميون من أجل التغيير"، من أكاديميي جامعة ذمار الذين أكدوا في بيان انحيازهم إلى جانب ثورة الشباب السلمية من أجل التغيير والعمل مع الشباب من أجل تحقيق ذلك. وقد ووجهت المسيرة بعشرات من (البلاطجة) الذين لوحوا بالسلاح في وجه المتظاهرين ومنعوا العشرات من الاعتصام.
في 3 مارس، شهدت محافظة الحديدة أعمال عنف وفوضى إثر قيام (بلاطجة) تابعين للحزب الحاكم بالهجوم على اعتصام مطالب برحيل النظام بحديقة الشعب بالحجارة والخناجر والهراوات، أثناء تأدية المعتصمين لصلاة الظهر. واتهمت مصادر محلية وقوف وزير الشباب وقيادات في الحزب الحاكم بالمحافظة وراء دفع (البلاطجة)؛ مشيرة إلى أن قيادات الحزب الحاكم في المحافظة منحوا (البلاطجة) طلقات نارية لمن يحمل السلاح، ومبالغ مالية تقدر (2000) ريال لكل واحد منهم، مع القات والغداء مقابل مهاجمة المعتصمين.

 

وفي إب، انطلقت مسيرة نسوية حاشدة جابت شوارع المدينة مرددة شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"؛ وانتهت في ساحة الحرية التي تشهد الاعتصام المطالب بسقوط النظام. إلى ذلك, خلع العقيد الركن علي شرف الدين-أحد ضباط القوات المسلحة- رتبته العسكرية في ساحة الحرية معلنا انضمامه للمعتصمين.
كما شهدت محافظة البيضاء مظاهرات ومسيرات شبابية شعبية هي الأكبر منذ دخول المحافظة على خط الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام الحاكم؛ حيث احتشد عشرات الآلاف وانضموا للاعتصام القائم منذ ثلاثة عشر يوما،ً وطافت مسيرات سلمية حاشدة شوارع مدينة البيضاء منطلقة من الساحة التي أسماها المتظاهرون ساحة "أبناء الثوار" وسط مدينة البيضاء.
وتقدم المظاهرات قيادة المشترك بالمحافظة وكذا تكتل مبادرة "قبائل من أجل التغيير" ممثلا بالشيخ خالد أحمد عبدربه العواضي المنسق العام، والشيخ ناصر أحمد عباد شريف الأمين العام والناطق الرسمي باسم المبادرة، والشيخ نايف جغمان، كما شهدت حضور أبناء مديرية الحد يافع بمحافظة لحج الذين وإعلانهم الانضمام للمتظاهرين وكذا انضمام متظاهري مدينة رداع إلى مركز المحافظة.
كما شهدت المظاهرة تقديم عدد من أعضاء الحزب الحاكم استقالاتهم من المؤتمر بينهم مسئول دائرة الفكر والثقافة فرع المحافظة علي ناصر العطروس، والشيخ محمد الرصاص بن حسين.
في 4 مارس، أدى أكثر من مائتي ألف مواطن صلاة الجمعة بساحة الحرية بمحافظة إب تضامناً مع المعتصمين المطالبين برحيل النظام. وقد شارك المصلين عدد من أعضاء مجلس النواب عن المحافظة، كما أعلن (50) أكاديميا من أعضاء هيئة التدريس في جامعة إب و(30) مهندساً انضمامهم إلى المعتصمين واستقالتهم من حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم).
كما شهدت مدينة تعز وللجمعة الثالثة على التوالي حشودا كبيرة، وقدر أعداد المحتشدين بزهاء مليون مواطن أدوا صلاة الجمعة في ساحة الحرية. ودعا خطيب الجمعة الشيخ سهيل بن عقل، الذي اعتبر الحكام رأس البلاء للأمة، المعتصمين إلى عدم مغادرة الساحة إلا بعد سقوط الظلم والفساد، محذرا إياهم من التراجع والتنازل عن مطلبهم المتمثل برحيل النظام، واصفا أي تراجع بأنه سيكون بمثابة "انكسار لراية الأمة".
وفي المقابل، أدى آلاف من مناصري الرئيس صالح صلاة الجمعة في ساحة ميدان الشهداء بمدينة تعز, ودعا خطيب الجمعة عبدالرحمن الرميمة إلى الاستجابة لمبادرة رئيس الجمهورية والنقاط الثمان التي طرحها العلماء وتجنيب الوطن شرور الفتن والخراب.
أما في صنعاء، فقد صلت حشود المتظاهرين في ساحة التغيير فيما سمي بجمعة "التلاحم"، بحضور عدد من قيادات أحزاب اللقاء المشترك. وقدرت الحشود بقرابة نصف مليون شخص، مع حضور لافت للنساء. ودعا خطيب الجمعة يحيى الديلمي –المحسوب على الحوثيين- إلى استمرار الاعتصامات في ساحات التغيير حتى إسقاط النظام؛ فيما توافد المئات من مشائخ وأعيان وأبناء الحدأ إلى ساحة التغيير للانضمام مع ثورة الشباب، يتقدمهم عضو مجلس الشورى الشيخ محمد علي البخيتي، والذي استقال مؤخراً من الحزب الحاكم.

 

وفي الجانب الآخر، شهد ميدان التحرير وسط صنعاء مهرجانا جماهيريا حاشداً عقب صلاة الجمعة بمشاركة آلاف المواطنين الذين توافدوا على الساحة من مختلف مديريات أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء مناصرة لمبادرة رئيس الجمهورية الداعية للحوار. ورفع المحتشدون في المهرجان شعارات: "نعم للأمن والاستقرار والتنمية", "لا للفوضى والتخريب", "لا لصناع الأزمات ومثيري الفتن", "لا لمثيري المناطقية والطائفية". وفي كلمته بالمهرجان جدد الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني دعوته لكافة القوى السياسية للحوار الوطني والجلوس على طاولة الحوار لمناقشة القضايا الوطنية وإيجاد حلول ومعالجات تحفظ لليمن وحدته وأمنه واستقراره وتحمي مقدراته ومكتسباته الوطنية.
أما في عدن، فقد شيع عشرات الآلاف ثلاثة من قتلى الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في المحافظة بعد الصلاة عليهم عقب صلاة الجمعة في كل من مديريتي المعلا والمنصورة؛ ونددوا بقمع التظاهرات السلمية واستخدام الرصاص الحي, مرددين المطالبة بإسقاط النظام ومحاسبة القتلة ومحاكمة مدير أمن عدن وقادة الأمن المركزي.

 

كما توافد آلاف المواطنين في العديد من المدن اليمنية في جمعة "التلاحم" للمطالبة بإسقاط النظام، في عمران والحديدة وحضرموت؛ وانتهت جمعة "التلاحم" بسقوط قتيلين وإصابة آخرين في حرف سفيان بمحافظة عمران خلال إطلاق النار من أحد المواقع العسكرية؛ واتهم الناطق باسم الحوثيين محمد عبدالسلام قوات الجيش بقصف تجمع سلمي لمواطنين يطالبون بإسقاط الرئيس صالح.
في 5 مارس، أدت جموع غفيرة من أبناء محافظة شبوة صلاة الغائب على أرواح القتلى الذين سقطوا في ساحات الثورة الشبابية، بعد مسيرة حاشدة حضرها الآلاف من أبناء المحافظة، وجاب من خلالها المتظاهرين شوارع مدينة عتق عاصمة المحافظة مطالبين بإسقاط النظام ومنددين بأعمال البلطجة والقتل للمتظاهرين سلميا في عموم محافظات اليمن.
في 6 مارس، ارتفع عدد المصابين بمحافظة إب إلى أكثر من 40 شخصا في ساحة الحرية جراء إقدام عدد من (البلاطجة) على اقتحام مكان المعتصمين. وقالت مصادر محلية إن الشرطة العسكرية فكت الاشتباكات بين الطرفين التي كانت قد اندلعت قبيل صلاة الظهر حينما قدم (بلاطجة) يتبعون الحزب الحاكم إلى ساحة المعتصمين وقاموا برشقهم بالحجارة والهراوات.
في 7 مارس، تواصلت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام في ساحة الحرية لليوم الثالث والعشرين على التوالي, في ظل تصاعد الضغوط المطالبة بتوسيع الاحتجاجات وتصعيدها وتزايد حركة الاستقالات.
فقد أعلن سبعة من أساتذة جامعة تعز استقالتهم من المؤتمر الشعبي العام وانضمامهم إلى ساحة الحرية تأييدا لمطالب الشباب المطالبين بإسقاط الرئيس صالح, في حين كان 16 من أساتذة ذات الجامعة قد قدموا استقالتهم من الحزب الحاكم, معلنين انضمامهم لثورة التغيير.
كما خرجت مسيرة حاشدة لطلاب مدرستي الشعب وثانوية تعز الكبرى للمطالبة بإسقاط النظام, وتعد الأكبر منذ بدء الاحتجاجات, مرددين شعار: (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس), كما أعلنوا عن تأسيس الحركة الطلابية في مدينة تعز منتخبين رئيسا لها ومتحدثا رسميا.

 

وخرجت مسيرات جماهيرية حاشدة في مديريات حيدان وسحار ورازح بمحافظة صعدة، وشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين هاتفين بشعارات إسقاط النظام، ومؤكدين توحدهم مع جميع جماهير الشعب اليمني في المطلب والوسيلة والهدف.
من جانبه جدد القيادي في جماعة الحوثي صالح هبرة التأكيد على وقوف الجماعة مع مطالب الشباب لإسقاط النظام بكل ما تملك، مضيفا في تصريح صحفي "لم يبق أمام النظام سوى الرحيل"، وفي إشارة إلى أحزاب المعارضة قال هبرة: "ننصح أولئك الذين يضعون رجلا في قصر الرئاسة ورجلا في ساحة التغيير أن يقفوا موقف الشعب وينزلوا عند مطالبه قبل أن يتجاوزهم..".
وشهد اعتصام مدينة البيضاء توافد المئات من قبائل المحافظة بمختلف مديرياتها، حاملين معهم مواداً غذائية وعينية للمعتصمين، ومعلنين انضمامهم وتأييدهم لثورة الشباب؛ كما شهد حضور عدد من المشائخ والعلماء والشخصيات الاجتماعية.
في 8 مارس، توافدت حشود هائلة من الشيوخ والنساء والأطفال إلى ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء؛ تضامنا مع قتلى ثورة شباب التغيير الذين سقطوا برصاص (البلاطجة) التابعين للحزب الحاكم في كل من صنعاء وعدن وتعز وعمران وإب. كما انضمت العديد من القبائل اليمنية, منها قبائل خولان وسنحان وبني حشيش إضافة إلى قبيلة همدان، للتضامن مع القتلى وللمطالبة بإسقاط النظام وتنحي الرئيس الصالح.
وخرجت بمدينة عتق بمحافظة شبوة مسيرة حاشدة لطلاب المدارس تطالب بإسقاط النظام، وتوجهت إلى مكتب التربية والتعليم مرددة شعار: (لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس)، إلا أنه تم اعتراضهم من قبل قوات الأمن التي قامت بتفريقهم وإطلاق الرصاص الحي عليهم.

 

وتواصلت بمحافظة البيضاء لليوم التاسع عشر على التوالي المظاهرات والاعتصامات السلمية المطالبة بإسقاط النظام. وشهد الاعتصام إعلان عدد من الضباط والمشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية وأعضاء المجالس المحلية استقالاتهم من المؤتمر وانضمامهم إلى شباب الثورة المعتصمين.
وشهدت مديريات كريتر والمعلا والمنصورة ودار سعد مسيرات غاضبة تنادي بإسقاط النظام ورحيل الرئيس صالح في ظل غياب كامل للتواجد الأمني داخل المديريات، في حين اقتصر وجود المدرعات والعربات العسكرية والأمنية على مداخل مديرية خورمكسر والطرق المؤدية إلى ساحة العروض.
كما شهدت عدد من مديريات المحافظة خروج عدد من طلاب الثانوية في مسيرات تنادي برحيل الرئيس صالح, مرددة شعار: (لا دراسة لا تدريس إلا برحيل الرئيس), في حين توقفت العملية التعليمية في كامل مدارس المحافظة بدون استثناء.
وعشرات الجرحى والمصابين يسقطون في ساحة التغيير أمام جامعة صنعاء, نظرا لإقدام قوات من النجدة والأمن المركزي إضافة إلى الحرس الجمهوري إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع تجاه المعتصمين وإصابة عدد منهم لحالات اختناق شديدة؛ فيما أوضحت مصادر إعلامية أن أطقما أمنية لاحقت المسعفين إلى المستشفيات بغية إلقاء القبض عليهم بعد إجراء الإسعافات الأولية, إلا أنه تم التخفي عليهم, ولم يتم الكشف عن المستشفيات التي أسعفوا إليها.
وفي 9 مارس، صرحت جهات طبية باشرت معالجة المصابين في ساحة التغيير باستخدام قوى الأمن لغازات سامة غير معروفة وربما أنها محرمة دوليا، في حين شهدت الساحة تعزيزات أمنية كثيفة لقوات الأمن المركزي ومدرعات ودبابات للحرس الجمهوري بدأت منذ الصباح، فيما وضعت حواجز أسمنتية على مداخل الساحة من جهة الطرق المؤدية إلى الصافية والحصبة بالعاصمة صنعاء.

 

إجراءات السلطة:
اتخذت السلطة –وهي التي رأت مشهد سقوط نظامي تونس ومصر- تدابيرها الخاصة واحتياطاتها السريعة وهي تشعر برياح التغيير تهب على سواحلها. حيث تؤكد المصادر بأن السلطة اليمنية ظلت تراقب وتتابع مجريات الأحداث في مصر، وتعقد اجتماعات داخلية لتدارس الوضع اليمني ومراقبة حركته.

 

ويمكن تقسيم هذه التدابير إلى إجراءات أمنية وخطوات حكومية مدنية وسياسية، على النحو التالي:
الإجراءات الأمنية:
-    السبق لاحتلال ميدان التحرير باعتصام مؤيد للرئيس معزز بعدد من الخيام وبحضور قبلي لافت من محافظات صنعاء وما حولها، ومنع أي مظاهرات مناوئة للوصول إليه؛ مع الحديث عن أجور مدفوعة وتغذية مقدمة وتكاليف قات، ودعم أمني.
-    مراقبة موقع الفيس بوك: حيث أشارت مصادر صحفية -بتاريخ 12 فبراير- إلى أن جهاز الأمن القومي سخر العديد من الشباب برواتب مجزية وذلك للتفرغ للموقع العالمي الفيس بوك, ومراقبة نشاط اليمنيين عليه تحسبا لأي تفاعلات قد تنعكس على أرض الواقع.
-    إقرار قانون التنصت: حيث أقر اجتماع مجلس الدفاع الوطني الدفع بمشروع قانون الاتصالات لإقراره من مجلس النواب, وهو قانون يتيح التنصت على مكالمات المواطنين بأوامر إدارية.
-    استخدام بعض منسوبي الأجهزة الأمنية وأشخاص مستأجرين للقيام بدور (البلاطجة) في مواجهة المظاهرات والمسيرات الشعبية، مزودين بالعصي والهروات والأسلحة البيضاء والنارية.
-    الانتشار الأمني الكثيف حول الأجهزة الحكومية والمقارات الرسمية والمرافق الاقتصادية والدبلوماسية، ومؤخرا انتشرت قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة والحرس الجمهوري في بعض مداخل المدن وحول ساحات الاعتصام والقصر الرئاسي بصنعاء. وهناك حديث عن انتقال وحدات عسكرية وإعادة انتشار للحرس الجمهوري والقوات الخاصة بين المدن وداخل العاصمة، واستنفار أمني غير مسبوق في البلاد.
-    اعتماد سياسة الاعتقالات التعسفية والاختطافات والتعذيب للرموز المعارضة والعناصر المشاركة في المظاهرات، بالإضافة إلى الإعلاميين، وهناك تسجيل لحالات عديدة إعلامية وسياسية وحقوقية وطلابية جرى الاعتداء عليها. وقد بدأت المنظمات الحقوقية والوسائل الإعلامية تتحدث عن هذه الحالات، على الصعيد المحلي والدولي.
-    إطلاق العلاوات الخاصة بموظفي الجهاز الحكومي ومنتسبي القوات المسلحة والأمن خاصة، عقب تطبيق المرحلة الثالثة من إستراتيجية الأجور والمرتبات، وبما يحسن الأوضاع المعيشية لموظفي الدولة في الجهاز المدني ومنتسبي القوات المسلحة والأمن. في محاولة لإرضاء الأجهزة الأمنية والجيش.
-    إطلاق بعض السجناء للقيام بإثارة الفوضى في أوساط المتظاهرين كما جرى في ساحة التغيير بصنعاء في 28 فبراير.
-    اعتقال بعض المتظاهرين وتعذيبهم للاعتراف بكونهم موجهين من قوى خارجية وتخريبية، كما جاء عن منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات في 5 فبراير.
-    توظيف بعض العناصر في أوساط المحتجين والمتظاهرين في الجنوب لرفع الأعلام الجنوبية وشعارات الانفصال، بعد أن تم اتفاق قوى الحراك مع أحزاب اللقاء المشترك على التخلي عن هذه المظاهر. وقد كشفت قيادات في الحراك الجنوبي بمنطقة كرش التابعة لمحافظة لحج –في 4 مارس- عن قيام قائد عسكري وقيادات أمنية عبر وسطاء وشخصيات اجتماعية بالتواصل معهم لاستئناف نشاطهم في الحراك الجنوبي ونصب براميل التشطير.

 

الإجراءات الحكومية:
في الثالث من فبراير، جاء في خطاب الرئيس صالح أمام اجتماع لمجلسي النواب والشورى وأعضاء الحكومة، وعدد من القيادات العسكرية والأمنية، وشخصيات علمية واجتماعية، عرضه على المعارضة التنازلات التالية:
أولا: دعوة اللجنة الرباعية لاستئناف أعمالها.
ثانيا: تجميد التعديلات الدستورية.
ثالثا: فتح السجل الانتخابي لمن بلغوا السن القانونية.
رابعا: الالتزام بعدم التمديد والتوريث وتصفير العداد.
مؤكدا أن الإجراءات التي أشار إليها تعني تأجيل الانتحابات.

 

كما دعا المعارضة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ووجه الحكومة إلى:
توسيع شبكة الضمان الاجتماعي، لـ500 ألف حالة، وبحيث يصرف لها المرتب ابتداء من هذا الشهر.
وفتح باب الاكتتاب في مجال الإسمنت والاتصالات والنفط والبنوك اكتتابا عاما.
واستيعاب طلاب الجامعات والكليات والمعاهد في الوظائف سواء في القطاع العام أو الخاص أو المختلط وترتيب أعمالهم بتكافؤ.
وإنشاء صندوق لدعم الشباب الخريجين بحيث تتكامل الفرص.
ووعد صالح بإجراء إصلاحات شاملة في مجال الحكم المحلي، وانتخاب محافظي المحافظات والمديريات انتخابا مباشرا، وإعطاء صلاحيات واسعة للمحافظين. وقال صالح -في كلمة له ألقاها أمام أعضاء مجلسي النواب والشورى: "لن أكابر وسأقدم التنازلات تلو التنازلات من أجل المصلحة الوطنية".
وفي الوقت الذي دعا فيه المعارضة لاستئناف الحوار وإيقاف المظاهرات والمسيرات، والتفاهم وإعادة اللحمة، هدد صالح بما قد يترتب على خطوات المعارضة من أضرار تلحق بالأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي في الوطن، و"الفوضى" التي قد تنشأ عمَّا وصفها بـ"الزوابع" و"التعبئة الخاطئة"؛ مشيرا إلى أن من حق المواطن اليمني أينما كان أن يدافع عن ماله وعرضه وأرضه! إزاء ما وصفه بعناد الغوغاء! متهما المظاهرات بأنها مقادة من قوى خارجية، مؤكدا أن الشعب والمؤسسة العسكرية لن تسمح بتدمير ما أنجزته الثورة!
وفي 11 فبراير 2011م، وعلى خلفية تنحي حسني مبارك من السلطة بمصر، عُقِدَ بشكل مفاجئ اجتماع مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية بحضور قيادات سياسية من الحزب الحاكم واللجنة الأمنية العليا.

 

وأقر الاجتماع جملة من التدابير منها:
اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لترشيد الإنفاق الحكومي وفي كافة المرافق.
ضرورة تنمية الإيرادات وزيادة الموارد وتفعيل دور الجهات الإيرادية في هذا الجانب.
الدفع بمشروع قانون الاتصالات لإقراره من مجلس النواب، بالإضافة إلى مشاريع القوانين والتشريعات الأخرى ذات الصلة بالجوانب الإيرادية.
ضرورة مكافحة التهرب الضريبي واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهربين من دفع الضرائب والرسوم الجمركية، وبخاصة كبار المكلفين، وإحالتهم للنيابة العامة لمساءلتهم قانونيا إزاء ذلك وبما يكفل الحفاظ على المال العام.
وهي إشارة إلى أن صلاحيات إدارة البلاد تحولت فعليا من الحكومة المدنية إلى المؤسسة العسكرية والأمنية.
وفي 13 فبراير، قرر رئيس الجمهورية فتح مكتبه في دار الرئاسة لاستقبال كافة الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية والشبابية ومنظمات المجتمع المدني ومختلف شرائح المجتمع من كافة محافظات الجمهورية وذلك للاستماع إلى آرائهم وقضاياهم وكل ما يهم الوطن والمواطنين عن كثب.
في 26 فبراير، عقد مجلس الدفاع الوطني مجددا اجتماعا برئاسة رئيس الجمهورية، وحسبما أوردته وكالة (سبأ) فإنه جرى مناقشة العديد من القضايا والموضوعات التي تهم جهود البناء والتحديث في القوات المسلحة، وتعزيز القدرة الدفاعية لليمن، بالإضافة إلى الدور الذي تضطلع به المؤسسة العسكرية في الحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة المكتسبات الوطنية. كما عرض رئيس الجمهورية على قادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والعسكرية مسار الجهود التي بذلت في سبيل الوصول إلى اتفاق مع أطراف العمل السياسي وحزمة الإصلاحات والتنازلات التي عرضت في هذا الصدد تهدئة للأوضاع والحفاظ على أمن ووحدة اليمن.. ولكن دون جدوى –حسب تعبير وكالة (سبأ).

 

في 27 فبراير التقى الرئيس صالح بالكتلة البرلمانية لحزبه، حيث جرى مناقشة القضايا والتطورات على الساحة الوطنية. واتهم صالح في حديثه وسائل الإعلام الخارجي بعدم الحيادية، ضاربا المثل بالمظاهرة المؤيدة لمبادرته يوم الجمعة الماضية في العاصمة صنعاء، مقدرا إياها مابين مليون و200 ألف إلى مليون و300 ألف شخص، والمظاهرة المؤيدة للمعارضة، مقدرا إياها ما بين 8 إلى 10 ألاف! وحذر من انزلاق الشعب نحو الفوضى كونه "شعب مسلح"، واصفا الأحداث بأنها "زوبعة تحتاج إلى صمود أعضاء حزبه، وإلى رباطة جأش ومعنويات عالية للتصدي "للدعايات الفارغة والمغرضة".
وأشار صالح إلى أن الأغلبية المؤتمرية قدمت تنازلات وإصلاحات عدة استجابة لرغبة الأقلية، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة، حسب وصفه، لكنها قوبلت بارتفاع سقف المطالب –حدَّ زعمه. واعتبر ما يجري في عدن بأنه إطلاق للنار من البيوت بغرض اتهام أجهزة الأمن، مضيفا بأن  مجلس الدفاع الوطني قرر منع استخدام القوة وبكل الوسائل، وبأن من ارتكب التخريب عناصر ومجموعات تخريبية من عدة مناطق من يافع والحبيلين والضالع وبعض مديريات أبين، واصفا إياها بأنها قوى فاشلة وحاقدة على الوطن، وخططت للهروب إلى الوحدة من أجل التآمر والانقضاض على السلطة وإحكام القبضة على شمال الوطن ببرنامجهم السياسي المعروف "الاشتراكية العلمية" وتصفية المشائخ وسحل العلماء وكل من له رأي سياسي مغاير، وتصفية السياسيين الاقتصاديين ، وأصحاب رؤوس المال، كما عملوا في جنوب الوطن.

 

وقال صالح: الذين يعتقدون أن عقارب الساعة ستعود إلى الوراء.. هذا أبعد عليهم من عين الشمس وأبعد من تخيلاتهم؛ في إشارة منه إلى الحوثيين والاشتراكيين! متهما المطالبين برحيل النظام بأنهم لا يحملون مشروعا لما بعد الرحيل، سوى إقامة شطرين: "دولة متوكلية" في الشمال و"الجنوب العربي" في الجنوب.
وأشار صالح إلى أن هناك "عاصفة في العالم"، و"عاصفة إعلامية"، و"غرفة عمليات" لإدارة أجهزة الإعلام.
واستطرد قائلا: "نثق أن لدينا قيادات سياسية ومثقفين وعسكريين واقتصاديين يدركون مصلحة وطنهم، وما هو الشيء الأنفع لمصلحة وطنهم، وليس تقليد ما يجري في بلدان أخرى"، وأضاف: "ينبغي أن نكون على قلب رجل واحد وعصبة واحدة وموقف واحد لمواجهة كافة التحديات"؛ مذكرا بأن ثورتي تونس ومصر باتت تطالب بالصف الثاني والثالث والرابع.. في لغة تحذيرية من مستقبل الثورة اليمنية إذا ما نجحت.
في 28 فبراير، أكد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الحاكم سلطان البركاني أنه لا يزال مقتنعاً بفكرة قلع عداد الرئاسة؛ وقلل في حوار صحفي مع "حديث المدينة" من حجم الضحايا في صفوف المحتجين المطالبين بإسقاط النظام، قائلاً: إن وسائل الإعلام تتحدث عن القمع وكأن الدماء تسيل أنهاراً؛ معتبراً أننا لا زلنا في المكان الآمن رغم أننا بلد مسلح ورغم الموروث القبلي والاجتماعي.

 

في التاريخ ذاته، التقى الرئيس علي عبدالله صالح في جامع الصالح بجمع من العلماء في جمعية علماء اليمن ومن خارجها؛ وألقى كلمة أثنى فيها على العلماء واعتبر ما يجري تقليدا ليس إلا، مشيرا إلا أنه دعا إلى طاولة الحوار والاحتكام إلى شرع الله (!) سابقا، لا كما يحدث في أقطار عربية وأجنبية أخرى يجري فيها الحوار بعد أن تسال الدماء وتهدر الطاقات ويدمر الاقتصاد.
ووصف صالح بأن المعارضة والمعتصمين يهربون من الحوار لأنهم "يضمرون شرا للوطن"، و"لأن لديه أجندة فوضوية"، محملا العلماء "مسؤولية ما يترتب على الفوضى من إزهاق للأرواح وهدر للطاقات وإخافة للطفل والمرأة".
وأشار صالح إلى جملة المبادرات التي أعلن عنها، وحزم الإصلاحات التي تقدم بها، دون أن يسمع "أي إجابة عليها على الإطلاق"، وأضاف بأنه في الوقت الذي تحتكم المعارضة فيه إلى الشارع فإن الأغلبية تحتكم إلى الشعب "فهو مالك السلطة ومصدرها"؛ مؤكدا أن المعارضة: "تتأبط شرا بالوطن"، وأنها "مغامرة"، ومتهما لها بالتضامن مع من يتلفوا الممتلكات ويسطوا على مراكز الدولة من المخربين الذين "قتلوا أفرادا من الشرطة" و"أزهقوا الأرواح" و"أطلقوا النار".
وحذر صالح من التجزئة والتقسيم والتشطير؛ معتبرا المعتصمين أمام الأمن السياسي من أهل المعتقلين على ذمة تهم الإرهاب بأنهم من أحزاب اللقاء المشترك، وأنهم يطالبون بإطلاق عناصر "تنظيم القاعدة" الذين يقتلون ضباط وأفراد في الشرطة والجيش.
وأكد صالح أن تنفيذ المبادرة لا يمكن أن يتم في ظل الأزمة، لأنه ليس من المستطاع اتخاذ إجراءات إلا في أجواء هادئة وآمنة. وأكد بأن الرحيل عن السلطة سيتم عبر "صناديق الاقتراع، والالتزام بالدستور والقانون، وليس بالفوضى"، وأردف قائلا: "نحن مستعدين نرحل، لكن ليس عن طريق الفوضى"، مؤكدا أنه قد ملَّ وسئم من السلطة لمدة 32 سنة، وأن هناك أناس سئموا منه.

 

ودعا صالح المعارضة للمجيء "إلى السلطة عبر القنوات الرسمية والقنوات الشعبية"، في الوقت الذي طالبها فيه بتسمية ممثليهم في حكومة وحدة وطنية.
وفي الختام تساءل رئيس الجمهورية عن من يحرك الشباب؟ ويصرف عليهم؟ ويتولى نقلهم بالباصات؟ ويمولهم بالأموال؟ مؤكدا سمعه وطاعته للعلماء!
وفي هذه الأثناء أصدر المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني بيانا اعتبروا فيه دعوة المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك لهبة شعبية في يوم غضب بأنها عبارات تهديد ووعيد، ودعوة سافرة تستهدف الأمن والاستقرار في الوطن، واستغلال للمناخ الديمقراطي في ارتكاب أعمال تخريب واعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وإزهاق الأرواح.
وحيا البيان السلطات المحلية ورجال الأمن الذين يقومون بمسؤولياتهم بكل إخلاص والتزام وتضحية ويؤدون أقدس الواجبات –حسب تعبير البيان.
واعتبر البيان أن أحزاب المشترك باتت أحضانا مشجعة وخنادق حامية للمتورطين في أعمال إرهابية؛ محملا إياها ما سوف ينتج عن دعوتها من أعمال فتنة وتخريب. واصفا مواقفهم بالمخطط الانقلابي ضد دولة الوحدة والأمن والاستقرار والشرعية الدستورية.

 

في 1 مارس، أصدر الرئيس صالح توجيهاته إلى رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء عبدالقادر علي هلال، وعضوية المحامي العام طه علي صالح، ونقيب المحامين اليمنيين عبدالله راجح، ووكيل وزارة الإدارة المحلية عمر العكبري، ورئيسة اللجنة الوطنية للمرأة حورية مشهور، للتحقيق في أحداث العنف التي شهدتها محافظة عدن ونتج عنها سقوط عدد من الضحايا وتدمير بعض الممتلكات الخاصة والعامة؛ في خطوة لامتصاص الغضب الجماهيري الذي نشأ عن المواجهات الدامية بعدن.
كما ظهر رئيس الجمهورية في خطاب بكلية الطب بصنعاء متهما إسرائيل والولايات المتحدة بإدارة موجة الاحتجاجات التي تعم العالم العربي، وقال: إن الأحداث "من تونس إلى سلطنة عمان.. تدار من تل أبيب، وتحت إشراف واشنطن"! وأضاف: "شاهدنا كيف يتابع ويتدخل الرئيس الأمريكي" باراك أوباما.
وجدد صالح دعوته المعارضة لاستئناف الحوار، وقال: "لا حل إلا بالحوار وصندوق الاقتراع".
وفيما جرى تسريب أخبار عن اتفاق جرى بين السلطة وأحزاب المعارضة في سبيل حرب الشائعات التي اعتمدتها السلطة لفك الاعتصامات والتشكيك في مواقف أحزاب اللقاء المشترك، نفى ناطق رسمي باسم اللقاء المشترك في 2 مارس صحة الأنباء التي تحدثت عن قبول أحزاب اللقاء المشترك الدخول بحوار مع السلطة, وأضاف الدكتور محمد صالح القباطي بأنهم في المعارضة ليسوا ضد أي حوار يشمل كافة القوى الوطنية؛ لكنه كرر بأنه "لا حوار مع هذه السلطة"! منوها إلى أنه في حالة وجود حوار فينبغي أن يكون من أجل النقل السلمي والسلس للسلطة فورا؛ استجابة لمطالب الشعب, مع كافة الأطراف السياسية والوطنية في اليمن. ومن جهتهم أكد الشباب المعتصمون في ساحة التغيير في بيان صادر عنهم تمسكهم بمطلبهم المتمثل بإسقاط النظام ورحيل كافة رموزه, داعين العلماء إلى عدم الانجرار وراء فخ نظام الرئيس صالح.

 

في 4 مارس، انتشرت عدد من دبابات الجيش وفرق مكافحة الشغب حول المجمع الحكومي وعدد من المنشآت بمحافظة مأرب؛ وأكد مصدر محلي أن هناك انتشار كثيف لمدرعات وأطقم عسكرية حول اعتصام شباب مأرب المطالب بتنحي رئيس الجمهورية، مضيفاً بأن مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف وشباب فرع مجلس التضامن الوطني نصبوا الخيام اليوم دعما للشباب المعتصمين منذ منتصف الأسبوع الجاري.
في 6 مارس، أقر اجتماع لقيادات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية الدعوة لمؤتمر وطني عام تشارك فيه مختلف الفعاليات والقوى السياسية والاجتماعية، للوقوف أمام تطورات الأوضاع الراهنة على الساحة الوطنية والخروج برؤى موحدة إزاء كل ما يهم الوطن وأمنه وسلامته والحفاظ على وحدته ومكاسبه التي حققها في ظل راية الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.
كما أقرَّ الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات الأمنية اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار الوطن والسلم الاجتماعي وملاحقة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة والعناصر الخارجة عن القانون وإلقاء القبض عليها وتقديمها للعدالة.

 

ووقف الاجتماع أمام ما تعرض له عدد من الضباط والجنود من عمليات اعتداء أدت إلى مقتل ضابط وأربعة جنود في محافظة مأرب، ومقتل ضابط في سيئون بمحافظة حضرموت، ومقتل ضابط في محافظة أبين على يد عناصر من تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أحد الجنود على يد عناصر الحوثي في محافظة صعدة.
في 7 مارس، أحال مجلس النواب طلباً للحكومة بتعديل قانون الانتخابات يتضمن فتح باب القيد والتسجيل في جداول الناخبين لمن بلغوا السن القانونية إلى اللجنة الدستورية لدراسته وتقديم تقرير للمجلس بشأنه؛ وكانت كتلة الحزب الحاكم قد أقرت بأغلبيتها في المجلس نهاية العام المنصرم مادة مضافة إلى قانون الانتخابات تنص على اعتبار سجلات الناخبين الحالية نهائية.
في 8 مارس، قام أفراد من الجيش باقتحام ثلاث حافلات كانت تنقل طالبات من جامعة الإيمان التي يترأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني, بطريقة وصفت بالاستفزازية, وذلك في خطوة استفزازية وسابقة هي الأولى من نوعها في مجتمع محافظ، وذلك بحسب مراقبين للضغط على الشيخ عبدالمجيد الزنداني لإثنائه عن موقفه المؤيد لثورة الشباب الداعية إلى إسقاط النظام.

 

في 9 مارس، أطلقت قوات من الشرطة والحرس الخاص الرصاص الحي على منزل النائب محمد عبدالإله القاضي، وهو ابن شقيقة الرئيس صالح وينتمي لقبيلة سنحان, الكائن بصنعاء، ما أدى إلى إصابة شقيقه وأحد مرافقيه, أعقب ذلك توجه وفد مكون من عدد من المشايخ والشخصيات العسكرية برئاسة اللواء علي محسن الأحمر إلى منزل القاضي لاحتواء الموقف. ويأتي استهداف القاضي بعيد إقدامه على الاستقالة من الحزب الحاكم, وإعلان انضمامه لكتلة الأحرار للإنقاذ الوطني التي يترأسها البرلماني المستقيل من الحزب الحاكم عبده بشر. وهي أول عملية تهديد تنفذ في حق الشخصيات المستقيلة من الحزب الحاكم تباعا.
في الوقت ذاته، دعا الرئيس صالح لإقامة مؤتمر وطني عام، وصرح مصدر رئاسي بأن المبادرة التي تقدمت بها المعارضة "يكتنفها الغموض والالتباس"، وأنها فهمت خطأً.
من جهته تحدث موقع الجيش اليمني على شبكة الإنترنت إن الأجهزة الأمنية رصدت تواجد عدد من عناصر تنظيم القاعدة ضمن المعتصمين أمام جامعة صنعاء. وقال مصدر أمني -طبقا لما جاء في موقع الجيش: إن العناصر التي تم رصدها مدرجة في القوائم الأمنية الخاصة بالمشتبه بعلاقتهم بالإرهاب ومعظمهم من "الجهاديين" الذين سافروا إلى الشيشان وأفغانستان. وكان قد لوحظ في الآونة الأخيرة -طبقا للمصدر الأمني- انضمام مجاميع مسلحة من الحوثيين وعناصر القاعدة بالإضافة إلى عناصر قبلية مسلحة إلى خيام المعتصمين أمام جامعة صنعاء، وشوهد العديد منهم وهم يتجولون في أوساط المعتصمين وبحوزتهم أسلحة مختلفة.

 

في 10 مارس، وأمام حشد كبير عقد في العاصمة صنعاء تحت مسمى مؤتمر وطني عام، قدم الرئيس صالح مبادرة جديدة لحل الأزمة اقترح فيها: الاستفتاء على دستور جديد للبلاد قبل نهاية السنة الجارية تصوغه لجنة مشكلة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية، والانتقال إلى نظام برلماني تتمتع بموجبه حكومة منتخبة برلمانيا بكافة الصلاحيات التنفيذية، وتطوير نظام حكم محلي كامل الصلاحيات على أسس لا مركزية مالية وإدارية، وعلى إنشاء الأقاليم في ضوء المعايير الجغرافية الاقتصادية. كما اقترح "تشكيل حكومة اتفاق وطني تقوم بالإعداد للانتخابات بما في ذلك القائمة النسبية"، و"تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء". مشيرا إلى أن مبادرته يقدمها "كبراءة ذمة" أمام الشعب، وأنه متأكد من أن المعارضة المطالبة برحيله سترفضها.
وقد صدر عن المؤتمر –الذي عقد تحت شعار "الاحتكام للشعب والشرعية الدستورية على طريق التداول السلمي للسلطة"- بيان ختامي أيد مبادرة الرئيس صالح، وجدد عهد وولاء المشاركين للرئيس صالح وتمسكهم بالشرعية الدستورية والتزامهم بما ورد في بيان جمعية علماء اليمن من نقاط ثمان كأساس لعملية الحوار وعناوين بارزة له.

 

وشدد البيان على ضرورة وحتمية استئناف الحوار الوطني، وتوسيع قاعدة المشاركة فيه، بما يحقق اصطفاف الجميع في خندق "حماية الجمهورية اليمنية"، وأيد المساعي الهادفة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني من كافة الأحزاب السياسية بناء على توافق كامل فيما بينها، وبحيث يوكل إليها وخلال فترة زمنية محددة تحمل المسؤوليات الوطنية في تسيير العمل الحكومي والمشاركة في إدارة شؤون البلاد.
كما أكد البيان على أهمية الإعداد لخوض الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفقا للدستور، ويحث كافة التنظيمات والأحزاب السياسية للإعداد لذلك وترتيب أمورها لخوض تلك الانتخابات بحيث تأتي كما يريدها الشعب اليمني انتخابات نموذجية تنافسية حرة ونزيهة تخضع للرقابة الداخلية والدولية. كما أكد على أهمية إنجاز التعديلات الدستورية وقانون الانتخابات العامة والاستفتاء.
وأشار البيان إلى المظاهرات والاعتصامات المناهضة للنظام بكونها "محاولات إشعال فتنة واحتراب وفوضى"، و"أعمال تستهدف أمن واستقرار الوطن وتخدم أعداء وحدته وديمقراطيته"، و"سعي للبعض لتحقيق مآرب خاصة ضد الشعب والوطن والأمن والاستقرار".

 

واعتبر المؤتمر الوطني العام البيان الصادر عنه "بكل ما احتوى عليه من قرارات وتوصيات، عهدا أدبيا والتزاما وطنيا، ومنهجا سوف يلتزم به الجميع، ويعملون مع الآخرين الذين لم يتسن لهم المشاركة في المؤتمر الوطني العام من أجل تحقيقه، باعتباره يمثل رؤية وطنية معبرة عن ما يريده شعبنا اليمني بكل فئاته وتكويناته الرسمية والشعبية من أقصاه إلى أقصاه".
موقف أطراف المعارضة اليمنية:
يمكن توزيع المعارضة في المشهد السياسي اليمني إلى معارضة داخلية وأخرى خارجية. فالداخلية تتوزع على: أحزاب اللقاء المشترك، وهي معارضة سياسية منبثقة من العملية الديمقراطية وفي الإطار الدستوري؛ والحوثيين، وهم حركة مسلحة ذات طابع مذهبي غير ممثلة في حزب سياسي، بل كانت منضوية في الحزب الحاكم وجزءا من قواه الاجتماعية؛ والحراك الجنوبي، وهو حراك شعبي سلمي يطالب بفك الارتباط (الانفصال) أو في أحسن أحواله بتصحيح مسار الوحدة. أما المعارضة الخارجية فهي تمثل خط مشروع الانفصال الذي دحر عام 1994م عقب حرب عسكرية شرسة.

 

 

وعليه فإن الحديث عن مواقف المعارضة يتوزع على هذه الفصائل من المعارضة:
أولا: أحزاب اللقاء المشترك:
تتوزع خارطة أحزاب اللقاء المشترك بين قوى إسلامية: (الإصلاح) وهو ممثل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، و(حزب الحق) ذو التوجه المذهبي، و(اتحاد القوى الشعبية) ذو التوجه المذهبي المنفتح؛ وبين قوى قومية ويسارية: كأحزاب البعث والناصري والاشتراكي.
وهي وإن اختلفت مذاهبها الفكرية ومرجعيتها الثقافية وأجندتها السياسية إلا أن الجامع بينها هو إقصاء الرئيس صالح لها جميعا من الساحة السياسية، وكما يقول المثل: (إن المصائب يجمعنا المصابينا)، وفي السياسة يقال: (عدو عدوي صديقي)!
لذلك فإن موقف اللقاء المشترك من الحراك الشعبي الثائر نابه شيء من الغموض والتردد نظرا لطبيعة حسابات الأطراف المكون منها، ففي حين يتخوف الإصلاح من انفلات الأوضاع في حال سقوط النظام بكافة هياكله بشكل فجائي وخروج مناطق كصعدة عن السيطرة وانفصال الجنوب، ومعه قوى أخرى توافقه المخاوف؛ ترى أطرافا أخرى بأن هناك فرصة تاريخية قد لا تعوض في إزالة النظام القائم كمرحلة نحو تحقيق مشاريع خاصة.
لذلك فقد جاءت تصريحات رموز قيادات المشتركة متباينة نتيجة لهذه الحسابات، كما أن حضور أتباع هذه الأحزاب في الساحة جاء تبعا لهذه الحسابات أيضا.
وفي أول رد فعل على مبادرة الرئيس صالح التي أطلقها مطلع شهر فبراير، قال القيادي المعارض الدكتور محمد عبدالملك المتوكل -رئيس المجلس الأعلى للقاء المشترك: إن خطاب الرئيس علي عبدالله صالح الذي وجهه في اجتماع لمجلسي التواب والشورى سيتم الرد عليه رسميا من قبل قيادة اللقاء المشترك إذا ما وصل إليها الخطاب بشكل رسمي. وأضاف: "عادة في العمل السياسي يتاح لك أن تحاور كما يتاح لك أن تقوم بفعاليات وندوات". كما وصف رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني  محمد سالم باسندوة مبادرة الرئيس بأنها "مجرد أفكار لا تتسم بالوضوح، ولا تنم عن وجود نوايا جادة وصادقة لإخراج البلاد من براثن الأزمات التي تهدد حاضره ومستقبله"؛ وقال: إن ما جاء في خطاب الرئيس "لا يعبر عن إدراك واع ومسئول بما يمر به الوطن"؛ ودعا الحزب الحاكم إلى حوار شامل "لا يستثني أحداً وتحت رقابة إقليمية ودولية"؛ مشددا على ضرورة تحديد القضايا الرئيسية للتحاور وتحديد مشكلات اليمن، وفي مقدمتها تحقيق التداول السلمي للسلطة والشراكة الوطنية، وقضيتي الجنوب وصعدة، وتوفير الضمانات الكافية لاحترام الدستور والالتزام بعدم التمديد والتوريث، واجتثاث الفساد وبناء دولة المؤسسات.

 

وفي 4 فبراير، أكد أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر، في اجتماع عقد للوقوف أمام المستجدات وتقييم خطاب رئيس الجمهورية الذي ألقاه أمام مجلسي النواب والشورى، أن حديث رئيس الجمهورية بعدم التوريث يتناقض مع وجود الورثة بمناصب قيادية في مؤسسات الجيش والأمن؛ وأشار إلى أن رئيس الجمهورية لم يقدم أي تنازلات، حيث أن ما تراجع أو تنازل عنه هي أخطاء ارتكبها وعدل عنها وليست تنازلات تستدعي الوقوف أمامها؛ مذكرا بالوعود الكثيرة والطويلة التي قطعت في السابق ولم تتحقق. وقال: نحن على استعداد لأخذ الخطاب كمبادرة، والسير في الحوار بالتزامن مع إبقاء حق الشارع في التظاهر للوصول إلى التغيير الذي وإن كان متدرجا إلا أنه يجب أن يبدأ فورا.
وخلصت مختلف المداخلات والنقاشات إلى أن الرئيس قدم مبادرته تحت ضغط الشارع المطالب بالتغيير والمسنود دوليا، وشككت بمدى جدية الرئيس في تنفيذ ما جاء في خطابه، وتساءلوا عما إذا كانت مبادرة الرئيس جاءت بقناعة للتنفيذ والإصلاح أم لامتصاص غضب الشارع اليمني حتى تمر العاصفة ومن ثم التنكر لكل شيء. واتفق الجميع على أن المبادرة فيها الكثير من الغموض وتتخللها فجوات ونواقص عدة، فضلا عن أنها لم توضح الآليات العملية لتنفيذ ما جاء فيها.

 

كما أعلنت المعارضة -في بيان لها صدر في 13 فبراير، عن قائمة من المطالب على الحزب الحاكم الاستجابة لها، وهي:
1- بناء الدولة اللا مركزية لكل أبناء اليمن تسودها العدالة والمساواة.
2- الاعتراف بالقضية الجنوبية وحلها حلاً عادلاً.
3- الوقف النهائي للحروب في صعدة.
4 - التوزيع العادل للثروة وحل المسالة الاقتصادية لتحقيق العدالة والمساواة في التوزيع بما في ذلك الوظيفة العامة وحل مشكلة البطالة وإنهاء الفساد وتوازن الأجور والأسعار والقضاء على الفساد.
5- بناء المؤسسات الوطنية بعيداً عن المحسوبية وعلى أساس وطني وبعيداً عن الولاءات ووفقا للكفاءات.
6 - جعل مواجهة الإرهاب قضية وطنية بعيداً عن التوظيف والاستثمار لأن هذه الآفة تهدد استقرار البلد ولابد أن تجند لمواجهتها كل الإمكانات الوطنية وبصورة مختلفة عما يجري اليوم.

 

في 14 فبراير، أدانت أحزاب اللقاء المشترك وشركائها في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني بشدة نزوح السلطة نحو العنف في تعاملها مع الإعلاميين والحقوقيين والنشطاء السياسيين، واعتبرت هذه الأفعال جرائم خطيرة، وقالت: إنها جرائم مسجلة بالصوت والصورة، وطالبت بتقديم مرتكبيها ومن وقف ورائهم إلى المحاكمة.

 

كما عبرت في بيان لها استنكارها لسلوك السلطة في احتلال الميادين والأماكن العامة بمجاميع من (البلاطجة) الذين يتم تجييشهم والصرف عليهم من المال العام للاعتداء على من يخرجون في تظاهرات سلمية، مؤكدة أن مثل هذه الجرائم لن تسقط أبدا. ودعت -في بلاغ صحفي- المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج إلى الخروج عن دائرة الصمت وإدانة ما ترتكبه السلطات تجاه المتظاهرين في محافظات تعز وعدن وأمانة العاصمة والحديدة وبقية مناطق ومحافظات اليمن.
في 16 فبراير، عقدت فئتي المشايخ والوجهاء والدعاة باللجنة التحضيرية للحوار الوطني لقاءا موسعا برئاسة الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني؛ وخرج اللقاء الذي ضم نحو 600 شخصية قدموا من عموم المحافظات ببيان جاء فيه: الوقوف الكامل مع حق أبناء اليمن الدستوري في حرية التعبير وتنظيم المسيرات والتظاهرات السلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة في الإصلاح والتغيير؛ وإدانة كافة أعمال البلطجة، واحتلال الساحات العامة والميادين، والاعتداءات على المتظاهرين، وقمع الصحفيين من قبل السلطة, وما يحصل من أعمال عنف واستخدام للقوة في قمع المتظاهرين في محافظات عدن وتعز وصنعاء والحديدة وغيرها من المدن اليمنية, والذي أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى, باعتبارها "جريمة ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم".

 

وأكد اللقاء أن أبناء القبائل اليمنية كانوا وسيظلون في مقدمة الصفوف الرافضة للظلم والاستبداد, ومن قدموا خيرة أبنائهم في مناهضة الحكم الوراثي والاستعمار البغيض, ولن يكونوا إلا في مقدمة الداعيين لدولة النظام والقانون والحقوق والواجبات المتساوية.

 

في 17 فبراير، أدانت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني أعمال القتل والبلطجة التي تقوم بها أجهزة السلطة والأمن في عدن وأمانة العاصمة, واعتبرت أن هذه الجرائم تأتي ضمن مخطط متعمد من قبل السلطة للقتل ونشر الفوضى والخراب في البلد. وحملت اللجنة -في بلاغ صحفي- رئيس الجمهورية مسئولية ما يجري, باعتباره المسئول الأول بحسب الدستور عن حماية أرواح اليمنيين وحفظ الأمن العام في البلد، وحذرت السلطة من مغبة الاستمرار في ارتكاب أعمال القتل والتدمير والممارسات الخطيرة المخلة بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي. وفيما حيت اللجنة تظاهرات الشباب في صنعاء وعدن وتعز دعت كافة أبناء الشعب إلى المشاركة في هذه الفعاليات التي وصفتها بالوطنية الشجاعة والعظيمة.

 

من جهته أكد محمد قحطان -عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح- وجود مؤشرات إلى رغبة الطرفين (الحاكم والمعارضة) في تهدئة الشارع اليمني ووقف التصعيد؛ وأعرب -في تصريحات إلى صحيفة "الحياة" أمس- عن اعتقاده بأن الشارع سيهدأ عندما يبدأ الحوار بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك من خلال اللجنة الرباعية، خصوصاً إذا "ما فاجأنا الناس بحزمة من القضايا المتوافق عليها والتي تعطي الأمل للشباب بمستقبل أفضل". ورأى قحطان أن الحوار سيبدأ قريباً، خصوصاً وأن ما قاله الحزب الحاكم (أول من أمس) عن استعداده للحوار مطمئن ومشجع، ونحن كيمنيين إذا استطعنا أن نصل إلى تحقيق التغيير المنشود بالحوار الوطني السلمي، فسيكون أمراً معززاً للحكمة اليمانية. وأكد أن التغيير بات أمراً لا بد منه في اليمن، وبالتالي فإن توافقنا في السلطة والمعارضة على وجوب التغيير سيجنِّب اليمن مخاطر تكرار مشهدَيْ تونس ومصر؛ مضيفا بأنه إذا سُدت أبواب التوافق وغامر الحاكم فإن المشهد الذي حدث في تونس وبعده في مصر سيتكرر في اليمن، بل وسيكون أشد فجاجة وفظاعة؛ ومشيرا إلى خصوصية المجتمع اليمني وطبيعته كمجتمع قبلي مسلح، معتبراً أنه إذا تفجر الوضع في اليمن وانتقل الصراع إلى الشارع فسيكون كارثياً ومدمراً!

 

من جهته أكد أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشيخ حميد الأحمر أن المعارضة: "ستكون عما قريب في وسط الشارع مع باقي أفراد الشعب، بعد أن يثبت للجميع أن النظام ليس جادا في الحوار معها ولا صادقا في وعوده الخاصة بشأن التوريث والتمديد". وأشار الأحمر في اتصال هاتفي مع "وكالة الأنباء الألمانية" إلى أن "أصدقاء اليمن من الأوربيين والأمريكان كانوا يلحون على المعارضة في أن تعطى النظام الفرصة ليتضح مدى صدق النظام من عدمه"؛ لكنه أكد أنه من الواضح لديه شخصيا أن النظام لن يكون "صادقا". مؤكدا أن مطلب التغيير في اليمن هو رحيل النظام فـ"الدولة أصبحت مصادرة من قبل الرئيس وأبنائه وبعض أقاربه، وهذا يعنى أنه لن يستقيم الحال باليمن إلا إذا حصل التغيير". وأشار الأحمر إلى أنه برغم تقديره لمخاوف المعارضة من حدوث فوضى تتمثل في اللجوء إلى السلاح لفرض التغيير، ورغبتها في إحداث هذا التغيير بشكل آمن، فإنه يختلف معها "فالسلاح في يد اليمنيين خارج المدن.. كما أن القبائل اليمنية لديها وعي جيد.. وسيكونون من المناضلين سلميا، وما نراه من محاولة استخدام السلاح لا يعدو أن يكون مظاهر مدفوعة من قبل السلطة لإخافة الناس.. وقد يكون سلاح اليمنيين هو أحد ضمانات التغيير السلمي باليمن". ولفت العضو البرلماني إلى أن عقد الرئيس على صالح جلسات دورية مع القبائل اليمنية ما هي إلا محاولة "لإرسال رسالات تهديد للشعب". واختتم الأحمر حديثه بالتأكيد على أن تغيير النظام في اليمن "من شأنه حل الكثير من القضايا الشائكة كقضية الحراك الجنوبي"، لافتا إلى أن "رفع الظلم الواقع الآن عن أهل المحافظات الجنوبية من قبل النظام وحكومته سيدعم قضية وحدة البلاد".
في 20 فبراير، خرجت أحزاب اللقاء المشترك عن الصمت الذي خيم عليها خلال الفترة السابقة، مع لجنة الحوار الوطني، للدعوة إلى الالتحام بالشباب المطالبين برحيل النظام. وذلك عقب اجتماع استثنائي جرى بين المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك واللجنة التحضيرية المصغرة للحوار الوطني.
في 21 فبراير، أهاب حزب الحق بمحافظة ذمار -في بلاغ صحفي- بأعضائه بالوقوف مع أبناء الوطن في الفعاليات السلمية واستلهام مبادئ ثورة الأمام زيد بن علي في رفض الظلم ومهادنته وبموجب الحقوق التي كفلها الدستور في النضال السلمي.

 

 

في 2 مارس، قال رئيس المجلس الأعلى للمشترك الدكتور محمد المتوكل: إنه تم الاتفاق مع العلماء باعتبارهم أصحاب قضية وطنية لا رسل ولا وسطاء على ضمان حرية التظاهر والاعتصام لجميع اليمنيين بشكل سلمي، والمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون ومحاسبة المسئولين عنها وتقديمهم للمحاكمة، وتعويض أسر الشهداء ومعالجة الجرحى على نفقة الدولة، إضافة إلى الانتقال السلمي والسلس للسلطة طبقا لما التزم به الرئيس صالح من عدم التمديد والتوريث وترشيح نفسه في الانتخابات القادمة، ووضع برنامج زمني لتنفيذ الخطوات الضرورية بما لا يتعدى نهاية العام الجاري. وتضمن الشرط الخامس التواصل مع جميع القوى وأطراف العملية السياسية في الداخل والخارج بدون استثناء لاستكمال النقاش.

 

وجاء هذا الإعلان على خلفية لقاء جمع لجنة من العلماء برئاسة الشيخ عبدالمجيد الزنداني وبعضا من مشائخ القبائل بزعامة الشيخ صادق الأحمر، مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك إضافة إلى اللجنة التحضيرية للحوار الوطني.
في 4 مارس، أكدت أحزاب اللقاء المشترك استمرارها في دعم انتفاضة الشباب اليمني ومطالبه بالتغيير؛ مجددة -في بيان صادر عنها- تأكيدها على مواصلة عملها السياسي الداعم والمعزز للنضال السلمي للشعب في سبيل التغيير وتقرير المستقبل الذي طالما حلم به وتطلع إليه أبناء اليمن، ورفضها المطلق لأي حديث عن اتفاقات انفرادية.. وأن أي أفكار يتم طرحها في الساحة في سياق العمل السياسي المساند لانتفاضة الشعب السلمية إنما يجب أن تكون أفكار مطروحة للنقاش مع كافة شركاء الحياة السياسية.

 

ودعا اللقاء المشترك "كافة القوى السياسية التي لا تزال تقف موقف المتفرج إلى التفاعل الإيجابي مع ما تشهده الساحة من تطورات ينتقل فيها زمام المبادرة والفعل السياسي الخلاق يوما فيوما إلى يد أبناء الشعب والجماهير المحتشدة في ساحات الحرية والتغيير في سائر مدن اليمن، وأن يجسدوا بمواقفهم هذا الزخم الثوري السلمي لجماهير الشعب". واستنكر "الإسفاف الذي وقع، ويقع فيه، البعض ممن يُنتظر منهم موقفا صادعاً بالحق.. رافضا للظلم والجور، حيث جرجرتهم السلطة لإصدار البيانات والفتاوى المؤيدة لها ولسياساتها الخاطئة لتظهرهم بمظهر من يهتف للجور ويصفق للظالمين، ومن يحمل المباخر لإخفاء نتن الفساد والفاسدين".

 

في 6 مارس، أدانت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وبشدة ما وصفته بالجريمة الشنعاء التي قام بها (بلاطجة) السلطة والحزب الحاكم بمدينة إب من إطلاق ناري حي على المعتصمين سلميا والاعتداء عليهم بالحجارة والهراوات، وحملت قيادة السلطة المحلية والمؤتمر الشعبي العام والرئيس صالح مسؤولية هذه الأعمال الإجرامية وتداعياتها الخطيرة.
في 10 مارس، وفي أول رد لها على مبادرة الرئيس الأخيرة, قالت أحزاب اللقاء المشترك على لسان الرئيس الدوري لمجلسها الأعلى الدكتور ياسين سعيد نعمان إن الواقع تجاوز هذه المبادرة لحل الأزمة الراهنة.

 

ثانيا: الحوثيون:
يبدو أن الحوثيين التقطوا الفرصة السانحة لهم ليكونوا بما يملكون من حضور وتأثير في محافظة صعدة ومحافظات شمالية أخرى جزءا من قوى التغيير المساهمة في إسقاط النظام، حتى يكونوا مستقبلا جزءا من الأطراف التي ستصوغ الأوضاع المستقبلية وتحظى بنصيب في مكاسب الفوز.

 

لذلك أعلن الحوثيون على لسان عبدالملك الحوثي -في 15 فبراير- عن خروجهم إلى الشارع ومطالبتهم السلطة بالرحيل من البلاد في أسرع وقت؛ مؤيداً إرادة الشعوب القادرة على التغيير، ومعتبرا أن إرادة الله تعالى ستنضم إلى إرادة الشعب في حال خرج إلى الشارع بصدق وجدية وبشكل واسع وشامل. وقال الحوثي الذي حرض كافة أبناء اليمن إلى الخروج: "إننا سنكون في طليعة الشعب اليمني في حال خروجه بشكل واسع".

 

وفي 21 فبراير، خرج الآلاف من أبناء محافظة صعدة بمديرية ضحيان في مظاهرة تنادي بإسقاط النظام، وأكد بيان ذيل باسم أبناء محافظة صعدة تضامنهم الكامل مع أبناء الشعب، مطالبين بتحرك شعبي واسع وجاد ومسئول لإزاحة من وصوفها "السلطة المجرمة"، وأعلن البيان استمرار الفعاليات والمظاهرات السلمية حتى رحيل النظام.
وفي 7 مارس، خرجت مسيرات جماهيرية حاشدة في مديريات حيدان وسحار ورازح بمحافظة صعدة، وشارك فيها عشرات الآلاف من المواطنين هاتفين بشعارات إسقاط النظام، ومؤكدين توحدهم مع جميع جماهير الشعب اليمني في المطلب والوسيلة والهدف.

 

من جانبه جدد القيادي في جماعة الحوثي صالح هبرة التأكيد على وقوف الجماعة مع مطالب الشباب لإسقاط النظام بكل ما تملك، مضيفا في تصريح صحفي "لم يبق أمام النظام سوى الرحيل"، وفي إشارة إلى أحزاب المعارضة قال هبرة: "ننصح أولئك الذين يضعون رجلا في قصر الرئاسة ورجلا في ساحة التغيير أن يقفوا موقف الشعب وينزلوا عند مطالبه قبل أن يتجاوزهم..".

 

 

ثالثا: الحراك الجنوبي:
كان موقف الحراك الجنوبي مختلفا تماما حتى أيام قليلة من انطلاق ثورة الشباب نظرا لكون مطالبه تتعلق بفك الارتباط وإخراج ما يصفه بالاحتلال الشمالي لتحقيق الاستقلال. وكانت قيادات في الحراك تستنكر أي اعتبار للحزب الاشتراكي في القضية الجنوبية باعتبار أن ما يطرحه لا يعبر عن مطالب شعب الجنوب.
غير أن هذا الموقف تغير واختلف على أساس من التكتيك السياسي الهادف إلى تحقيق فك الارتباط على مرحلتين فيما يبدو.
فقد رفضت قيادات الحراك في الداخل والخارج ما جاء في مبادرة الرئيس صالح أمام مجلسي الشورى والنواب من أفكار؛ ففي 3 فبراير، وعلى خلفية تظاهرة نددت بالهجوم والحصار الذي تتعرض له مدينة الحبيلين بمحافظة لحج، نبه المعارض الحراكي الدكتور ناصر الخبجي -في كلمة له- إلى عدم خلط الأوراق فيما يحصل في اليمن والتفريق بين ما يقوم به الحراك الجنوبي لاستعادة دولته وما يقوم به اللقاء المشترك من أجل الوصول إلى السلطة، ووجه نصيحة للشباب الذين خرجوا في المحافظات الشمالية حيث قال: "أتمنى من الأحرار قادة الثورة الشعبية في الشمال أن لا يسمحوا للأحزاب أن تتحكم بخياراتهم ومصيرهم وتكون النهاية بصفقة سياسية تخدم القادة المحنطين الذين يعتبرون الوجه الآخر للسلطة" -حد تعبيره.
في 11 فبراير، فرقت قوات الأمن مسيرة جماهيرية سلمية دعا لها مجلس الحراك السلمي بمحافظة حضرموت وانطلقت في مدينة المكلا بعد صلاة الجمعة حاملة أعلام الجنوب العربي وصور الرئيس علي سالم البيض، حيث استخدم الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في ظل وجود انتشار أمني واسع. وألقى أحمد محمد بامعلم -رئيس مجلس الحراك بالمحافظة- كلمة في الجماهير أكد فيها أن مسيرة ما أسماه بالتحرير والاستقلال انطلقت ولن تتوقف حتى إتمام هدفها الغالي وهو طرد الشماليين من الجنوب -حد قوله.

 

في 22 فبراير، تجددت اشتباكات عنيفة بين مسلحين تابعين للحراك الجنوبي والقطاع العسكري المرابط شرق مدينة الحبيلين, استخدم الجيش فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة, فيما قام بقصف عشوائي للمدينة. وعادت هذه الاشتباكات  في 24 فبراير في الاندلاع بشكل عنيف،  في محاولة لقوات الجيش لاقتحامها والسيطرة عليها منذ الـ16 من ديسمبر 2010م.
في 23 فبراير، كشفت مصادر خاصة عن اتفاق مبدئي توصلت إليه قيادات في الحراك الجنوبي واللقاء المشترك في عدن على توحيد المطالب والشعارات أثناء تنفيذ الفعاليات والمظاهرات المناوئة للنظام. ونقلت صحيفة "الأمناء" الأسبوعية الصادرة من مدينة عدن عن تلك المصادر قولها: إن قيادات الحراك والمشترك اتفقت على توحيد شعاراتها بحيث تنحصر في المطالبة بإسقاط النظام كهدف تتفق عليه جميع قوى المعارضة والحراك في هذه المرحلة، كما اتفقت هذه القيادات على منع أي استفزازات بين أنصارها حتى لا تترك المجال مفتوحا أمام النظام لاستثمار أي انشقاق يستعيد من خلاله النظام أنفاسه والحصول على أوراق أخرى للعب بها. وبينت تلك المصادر أن الاتفاق نص أيضا على عدم رفع أي أعلام أو شعارات قد تشكل استفزازا لأي من الطرفين.

 

في 24 فبراير، دعت قيادات في الحراك الجنوبي أنصارها إلى التوحد تحت هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام"، في حين صرح بعضهم بأن رفع هذا الشعار يأتي في إطار تكتيكي كما جاء على لسان أمين عام اتحاد شباب الجنوب المحامي علي الصياد, والذي صرح بأن للحراك "هدف إستراتيجي كجنوبيين وهدف مرحلي, والأولوية الآن للهدف المرحلي المتمثل في إسقاط النظام". كما عبر القيادي البارز في الحراك الدكتور ناصر الخبجي عن تضامن الحراك مع "كل الثائرين في الشمال ضد النظام"، وأضاف بأن: "القوى الفاعلة والمناضلة هي من سوف تحدد مصير الشعبين، وهذا يترتب على مدى استيعاب وتفاعل الفاعلين في الميدان للمطالب السياسية والحقوقية, وكيفية التعاون والتآزر وتأسيس علاقات متبادلة ما بين الطرفين, مبنية على الاعتراف بالحق والقبول بالآخر واحترام أهدافه ومطالبه وحريته في تقرير مصيره".

 

وكان الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق أبو بكر العطاس قد اقترحا في بيان صادر عنهما -في 18 فبراير- توحيد أنصار الحراك السلمي الجنوبي والمتظاهرين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس صالح في صنعاء وتعز ومحافظات أخرى؛ وذلك لإجبار نظام صنعاء على الرحيل.

 

وطالبوا في بيان حمل إلى جانب توقيع ناصر والعطاس الوزيرين السابقين صالح عبيد أحمد ومحمد على أحمد بتوحد النضال لإجبار مستبد صنعاء على الرحيل السريع، واعتبر البيان: "صنعاء بوابة النصر لاسترداد إرادة الشعب المغتصبة في الشمال والجنوب".

 

وهذا ما يفسر غياب شعارات وهتافات الحراك الجنوبي المطالبة بالانفصال عن مظاهرات المنصورة والشيخ عثمان وكريتر والمعلا والتواهي، واتحادها تحت شعار: "الشعب يريد إسقاط النظام".
في 28 فبراير، دعا أمين عام المجلس الأعلى للحراك الجنوبي العميد عبدالله حسن الناخبي كل مكونات ونشطاء الحراك في المحافظات الجنوبية إلى الالتحام والمشاركة في ثورة الشباب لإسقاط النظام والمشاركة في فعاليات المشترك في ثلاثاء الغضب؛ مطالبا بالتوقف عن الشعارات الثورية للحراك وعن رفع العلم الجنوبي، وبتوحيد الصف كمشاركين في اعتصامات الشباب في عدن وحضرموت.

 

وأضاف الناخبي -في حديث صحفي ليومية "الأولى"- بأن ترديد شعارات انفصالية هذه الأيام ليس للحراك أي صلة بها، بل هي شعارات مدفوعة الثمن من قبل الرئيس صالح، الذي يريد أن يحافظ على حكم العائلة بتخويف أبناء المحافظات الشمالية الذين خرجوا منتفضين ضده بمثل هذه الشعارات. وأضاف: بأن ثمة قيادات في السلطة كانوا زملاؤه وتواصلوا معه لتفعيل أنشطة الحراك, لكنه عرف قصدهم والتزم الصمت -طبقا لتعبيره.

 

في 3 مارس، حذّر حيدر أبو بكر العطاس الرئيس صالح من "المساءلة القانونية الدولية" في حال استمر في السير على خطى معمّر القذافي؛ ودعاه إلى التخلي عن السلطة إذا كان يريد تأمين مخرج آمن له ولعائلته. واتهم -في لقاء مع قناة الرأي أدلى به عبر الهاتف- القوات الخاصة والحرس الجمهوري والأمن المركزي بارتكاب مجزرة بقتل المتظاهرين سلميا في المعلا بعدن في 25 يناير الماضي؛ واعتبر أنه لم يعد للرئيس صالح أوراق للتلويح بها في وجه ما وصفه بـ"الإجماع الوطني" و"ثورة الشباب".. سوى تنظيم القاعدة، والانفصال، وكلاهما من نتائج أفعاله وممارساته.

 

ونصح العطاس نائب الرئيس عبدربه منصور هادي بأن لا يكون مجرد "شاهد زور" على قتل أهله في عدن وفي المدن الجنوبية الأخرى بأوامر علي عبدالله صالح –حسب تعبيره؛ كما نصحه بمغادرة عدن أو اللحاق بأهلها المتظاهرين في شوارع عدن والمعلا وخورمكسر. وأضاف: بأن لديه معلومات -توافرت من مصادر عدة معتمدة- تتحدث عن أن الرئيس صالح يحاول تأمين خروجه وأسرته من اليمن بضمان عدم مساءلته.

 

من جهته وفي 19 فبراير، أعلن حزب رابطة أبناء اليمن وقوفه إلى جانب مطالب شباب الثورة المنادية بإطاحة النظام, جاء ذلك على لسان الأمين العام لحزب الرابطة محسن محمد أبو بكر بن فريد -في مؤتمر صحفي عقده في محافظة عدن، وقال فيه: "نعلن الانضمام إلى صفوف شعبنا تابعين لحركته متفهمين لتطلعاته إلى حياة يستحقها ووطن يستحقه مرددين مع هذه الجماهير وهؤلاء الشباب الشعار الذي يجب أن تقف تحته كل القوى وكل الاتجاهات: لا سبيل ولا بديل للنظام إلا الرحيل".

 

مواقف مؤتمرية معارضة:
نتيجة لما حدث في تونس ومصر، ونظرا لطبيعة العلاقة التي يقوم عليها المؤتمر الشعبي العام باعتباره حزبا حاكما يضم مجموعة المصالح والمتنفذين من رموز قبلية ورجال أعمال ومسئولين، فقد بدأت الأحداث التي تشهدها اليمن تهز أركان النظام وعلاقة المصالح المرتبطة منه. وقد وصف النائب البرلماني المؤتمري الشيخ حمير الأحمر –في 12 فبراير- ما حصل في مصر بأنه تحول هام، ووقوف على أعتاب فجر جديد.
في 20 فبراير، أعلن الدكتور عبد الباري دغيش، النائب عن دائرة دار سعد في عدن باسم الحزب الحاكم، استقالته من المؤتمر الشعبي العام احتجاجا على قتل قوات الشرطة والأمن للمدنيين العزل في أكثر من منطقة من البلاد.
في 21 فبراير، أعلن عبدالله القوسي وكيل محافظة البيضاء عن استقالته من منصبه؛ وكذلك أعلن الشيخ خالد العواضي استقالته من عضوية المجلس المحلي لمحافظة البيضاء ومن عضوية المؤتمر؛ كما أعلن كل من: خالد أحمد البركاني وعبدالقادر علي الصامتي استقالتهما من عضوية المجلس المحلي بمدينة البيضاء ومن عضوية المؤتمر الشعبي العام؛ كما قدم الشيخ جبران باشا عضو محلي إب استقالته وانضمامه للمتظاهرين؛ كتعبير احتجاجي على ما تمارسه السلطة من اعتداءات وقتل للشباب المعتصمين سلميا. كما أعلن الشيخ حمد بن راكان الشريف عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام استقالته من المؤتمر احتجاجا على ما وصفها بأساليب "البلطجة" وقمع المتظاهرين سلميا.

 

في 22 فبراير، قدم الوكيل المساعد لوزارة الإدارة المحلية أبو الفضل الصعدي استقالته من منصبه ومن الحزب الحاكم، احتجاجاً على أعمال القمع والقتل التي يتعرض له المتظاهرون المطالبون بإسقاط النظام، معلنا انضمامه إلى مطالب المتظاهرين في إسقاط النظام؛ وإلى جانبه أعلن العميد أحمد يحي الأبارة -عضو المجلس المحلي بمحافظة ريمة عن مديرية مزهر- استقالته من الحزب الحاكم احتجاجاً على ما أسماها بـ"أعمال البلطجة والفساد الموجود"، وأكد تضامنه مع المتظاهرين.

 

وفي 23 فبراير أعلن 9 أعضاء في مجلس النواب استقالتهم من المؤتمر الشعبي العام، وجاء في بيان الأعضاء المستقلين وصفهم للأوضاع بأنها تتدهور، مبررين استقالتهم بعدم احترام للدستور والقانون وإفراغ السلطات والمؤسسات الدستورية من محتواها، وعدم قيام تلك السلطات والمؤسسات بواجباتها الدستورية والقانونية، وعدم التجاوب أو التعامل بجدية وبمصداقية مع أي مبادرة أو رؤية أو رأي للمساهمة في حل الأزمات أو اتخاذ أي إجراءات ملموسة لحل تلك الأزمات التي يمر بها الوطن أو محاسبة الفاسدين، الأمر الذي أدى لتقديم استقالتهم من المؤتمر الشعبي العام، حتى يتم الرجوع إلى جادة الصواب. والمستقيلون هم: عبده محمد بشر، عبدالرحمن علي العشبي، عبدالسلام صالح هشول، عبدالعزيز جباري، عبدالكريم جدبان، خالد مجود الصعدي، أحمد عبدالله العزاني، خالد يحيى معصار، محمد عبداللاه القاضي.
كما انضم نائب مدير أمن أمانة العاصمة العقيد زياد الطلوع إلى قائمة المستقيلين, بعد تقديم استقالته من منصبه وتأييده للمتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام.
وفي 24 فبراير، أعلن أكثر من 59 عضوا برلمانياً في الحزب الحاكم عن دراستهم تقديم استقالتهم من الحزب، بعد أن قدم 9 أعضاء آخرون استقالتهم من المؤتمر الشعبي العام، نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد وما يجري في الساحة من تطورات مخيفة.

 

في 25 فبراير، أكد النائب البرلماني المؤتمري المستقيل عبدالكريم الأسلمي -في لقاء صحفي- أن عددا من أعضاء المؤتمر الشعبي العام لديهم مطالب بخصوص عزل الرئيس صالح مقربيه من الأجهزة الأمنية والعسكرية، وأن استقالته لاقت ردود فعل إيجابية من قبل زملاءه في المؤتمر الشعبي العام؛ مضيفا بأن هناك مجموعة لا تزال تفكر بالاستقالة كونها ليست راضية عن موقف الدولة مما يجري في الشارع.

 

في 26 فبراير، قالت مصادر معارضة عن مشادة كلامية حدثت بين الرئيس صالح ونائب رئيس مجلس النواب حمير الأحمر، إثر اتصال صالح به مطالبا بتسليم بيت الأحمر لحميد ومتهما إياه بأنه "يقود ثورة الشباب". ووفقا للمصادر فإن حمير الأحمر قطع الاتصال بعد أن هاجم صالح رافضا الحديث معه، وقالت: إن الرئيس اتصل بعدها بصادق؛ ثمَّ تسارعت الأحداث بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس وحمير الأحمر، حيث تبادل الطرفان الاتهامات، عبر بلاغات صحفية لم تشر للاتصال. حيث وعقب إعلان وكالة الأنباء الرسمية عن تصريح منسوب لوزارة الداخلية يتهم فيه مرافقي حمير وحميد الأحمر بإطلاق الرصاص على مواطن ومواطنة في ظروف غامضة، أصدر حمير عبر مكتبه بيانا هاجم فيه ما وصفه بـ"أسلوب شخصنة القضايا، وإشغال الناس في قضايا جانبية عن متابعة الهم الوطني العام، من خلال فبركة الأخبار وتشويه الحقائق وافتعال الأزمات، كما هي عادة النظام اليمني"؛ وأفاد البلاغ بأن حادثة إطلاق النار التي تحدث عنها بيان بلاغ الداخلية كان بسبب إلقاء مرافقيه القبض على سيارة أجرة على متنها مجموعة تتبع وحدة تابعة للأمن القومي تقوم بأعمال الرصد والمراقبة للمنازل، وبحوزة هذه المجموعة عدد من الصور وخرائط تفصيلية جوية لمنازل بعض قيادات المعارضة ومنها منزل الشيخ حميد الأحمر عضو مجلس النواب، بشكل يشير وبوضوح إلى وجود مخططات لمهاجمة هذه المنازل -وفقاً لما جاء في البيان.

 

في 28 فبراير، أعلن وزير شؤون المغتربين السابق الدكتور صالح سميع انضمامه لمطالب التغيير وقدم استقالته من المؤتمر الشعبي العام، في كلمة له بساحة التغيير بصنعاء. ودعا سميع في كلمته المسئولين الحكوميين إلى الاستقالة من عضوية الحزب الحاكم.
في 4 مارس، أعلن البرلماني علي أحمد العمراني عن استقالته النهائية من المؤتمر الشعبي العام أمام شباب التغيير في ساحة التغيير, وعن انضمامه لثورة الشباب. وكان العمراني قد جمد عضويته في وقت سابق, وقال: "لقد نصحنا مرارا ولكن من يحتكر الحكم لم يعد يسمع النصح".

 

في 5 مارس، قدم الشيخ حاشد بن عبدالله الأحمر استقالته من عضوية الحزب الحاكم, ومن منصبه كنائب لوزير الشباب والرياضة, معلنا انضمامه إلى ثورة التغيير المنادية بإسقاط النظام.
كما استقال وكيل وزارة الثقافة سام بن يحيى بن حسين الأحمر من عضويته في الحزب الحاكم, معلنا انضمامه إلى شباب التغيير الداعين إلى إسقاط النظام.

 

المواقف الخارجية من مسار الأحداث في اليمن:
في 11 يناير 2011م قامت وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" بزيارة مفاجئة -لم يُعلن عنها مسبقاً- لليمن، والتقت كلينتون بالرئيس صالح، كما التقت في وقت لاحق بقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، وممثلين عن أحزاب اللقاء المشترك المعارضة، في مسعى لتقريب وجهات النظر بين الجانبين بخصوص الانتخابات البرلمانية المقبلة. وعبرت وزيرة الخارجية عن "استمرار دعم بلادها لليمن في مختلف المجالات، وبما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن". وتعدُّ هذه أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أمريكي إلى اليمن منذ نحو عشرين عاما.

 

واعتبر محللون سياسيون الزيارة خطوة نحو تضييق هوة الخلاف بين السلطة اليمنية والمعارضة بشأن الانتخابات. فقد اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء د. عبدالله الفقيه -في حديث لـ"الجزيرة نت": "واشنطن قلقة بشأن التطورات في اليمن، وتتخوف من أن تفقد صنعاء السيطرة على الأوضاع في حال تفجرها، خاصة مع تهديد أحزاب اللقاء المشترك المعارضة بالنزول إلى الشارع، احتجاجا على إجراءات السلطة الانفرادية بشأن الانتخابات والتعديلات الدستورية"؛ مضيفا أن كلينتون أكدت "دعوة الولايات المتحدة للفرقاء باليمن إلى إجراء حوار سياسي، وأن تجرى الانتخابات النيابية بمشاركة الجميع، وخاصة أحزاب اللقاء المشترك، وأن تتم أي تعديلات دستورية بالتوافق مع المعارضة، وأن واشنطن تتطلع إلى عملية سياسية تساعد على وحدة واستقرار اليمن".

 

وهذا ما أكده القيادي في أحزاب اللقاء المشترك نائف القانص من أن كلينتون جاءت لتقريب وجهات النظر بين السلطة والمعارضة، ومحاولة إخراج البلد من الأزمة السياسية التي تسببت فيها السلطة، وأشار إلى عقد كلينتون جلسة طويلة مع الأمناء العامين لأحزاب اللقاء المشترك بعد مباحثاتها مع الرئيس صالح. وقال لـ"الجزيرة نت": إن "الإدارة الأمريكية تدرس الوضع في الدول العربية إجمالا، وتراقب تصاعد الأحداث في تونس والجزائر والسودان، إلى جانب اليمن الذي تخشى من انفلات الأوضاع فيه، وهو ما قد يكون كارثيا وأكثر خطرا على المصالح الأمريكية ودول المنطقة".

 

في الأول من فبراير، أكدت "مايا كوسيانيتش" المتحدثة باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي "كاثرين آشتون" أن آشتون ستلتقي بوزير الخارجية أبو بكر القربي، في العاصمة البلجيكية، وأن الرسالة التي ستوجهها لليمن تتركز على الاستمرار في دعم وحدة واستقرار البلاد، حيث "ندعو كل الأطراف اليمنية إلى الحوار وتحقيق تقدم على المسارين السياسي والاجتماعي وضمان الانتخابات القادمة".

 

وفي أول رد فعل أمريكي على مبادرة الرئيس صالح التي أطلقها يوم الأربعاء –الموافق 2 فبراير- بشأن عدم ترشحه لولاية جديدة، وعدم نيته لتوريث السلطة لنجله، وإصلاحات أخرى وعد بها المعارضة، أشاد الرئيس باراك أوباما بالمبادرة، في اتصال هاتفي مع صالح، في الثالث من فبراير، حيث عبر خلاله عن شكره وتقديره للمبادرة التي أطلقها صالح، والتي "تضمنت عدداً من الخطوات الإيجابية والإصلاحات الهامة والحكيمة" حد وصفه. وأضاف أوباما: "لقد أظهرتم رباطة الجأش وعالجتم الوضع بشكل جيد، وأتطلع للعمل معكم في شراكة جيدة بين البلدين"؛ معربا عن تأييد إدارته لدعوة الرئيس لأحزاب المعارضة في اللقاء المشترك للعودة إلى طاولة الحوار.. مؤكداً دعم الإدارة الأمريكية لكل الخطوات والإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية والقضائية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية؛ ومؤكدا عن ثقته في أن يعمل الرئيس صالح "كل خير لليمن وشعبه".

 

وأضافت وكالة الأنباء الفرنسية التي أوردت الخبر نقلا عن الرئاسة الأمريكية أن أوباما طلب من الرئيس صالح "الإيفاء بوعوده وهو يتخذ الإجراءات الملموسة"؛ من جهة ثانية "طلب الرئيس –الأمريكي- أن تلتزم قوات الأمن اليمنية ضبط النفس، وأن تمتنع عن استخدام العنف ضد المتظاهرين الذين يمارسون حقهم في التجمع وحرية التعبير"، وفق البيت الأبيض.

 

يذكر أن صحيفة "الواشنطن بوست"، ذكرت في افتتاحيتها، بتاريخ 3 فبراير، أن وضع الرئيس صالح أفضل من الرئيس المصري حسني مبارك, وأضافت قائلة: مثلما يفعل الرئيس مبارك، فإن القادة العرب في الشرق الأوسط يحاولون التخلص من الاستياء الشعبي في بلدانهم، وفي الوقت نفسه يعيدون السيطرة السياسية على الأمور؛ مشيرة إلى أن الرئيس اليمني وعد المعارضة بأنه لن يترشح لفترة رئاسية جديدة ولن يروج لابنه.
ونوهت الصحيفة إلى أن وضع الرئيس اليمني يبدو أفضل من الرئيس المصري، كون أن صالح يستفيد من واقع مفاده صغر حجم الطبقة الوسطى اليمنية وقلة تنظيمها مقارنة بالطبقة الوسطى المصرية.

 

في 11 فبراير، عكس تقويم مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية "جايمس كلابر" لخطر الإرهاب مخاوف أمريكية من ازدياده في منطقة الجزيرة العربية وجنوب شرق أفريقيا، وتحذيرات من أن تدهور الوضع السياسي في اليمن سيقوي المجموعات الإرهابية. وقال كلابر -في شهادة خلال جلسة استماع في الكونغرس: إن التحديات السياسية والأمنية، وتحديات التنمية، تمثل أكبر تهديد لليمن منذ الحرب الأهلية عام 1994م؛ واعتبر أن المنظمات المتصلة بتنظيم القاعدة في اليمن والصومال ستزداد قوة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة وقوية لضربها.

 

واعتبر كلابر ردا على سؤال حول الوضع السياسي في اليمن أن تدهور الحكم سيمثل تحديات خطيرة للمصالح الأمريكية والإقليمية، بما في ذلك أنه سيجعل (تنظيم القاعدة) في وضع أفضل يسمح له بتدبير وتنفيذ اعتداءات، ما سيؤدي إلى تفاقم التوتر المدني المستمر والمشكلات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية –حسب تعبيره.

 

وفي 12 فبراير، قال السفير البريطاني  بصنعاء "جون ولكس": إن بلاده تتابع التطورات الجارية على الساحة السياسية باليمن بصورة مستمرة، وتدعم الجهود التي من شأنها إحداث انفراج سياسيي وتغيير نحو الأفضل لما يرضي كل القوى والفعاليات المختلفة بالساحة. جاء ذلك في لقاء بمنتدى صحيفة الأيام بعدن، حضره عدد من الشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية والصحفية والأكاديمية وناشطي حقوق الإنسان بالمحافظة، حيث تحدث عدد منهم عن مجريات الأحداث بالساحة وبالذات على الساحة الجنوبية. ومن جهته عبر السفير عن تفهمه لما هو حاصل بالجنوب وحل قضاياه عبر الحوار الجاد بين كل القوى باليمن بما يخدم استقرار اليمن وعدم انزلاقه نحو ما اسماه بالفوضى.

 

وشدّد وزير الخارجية البريطاني "وليام هيغ" من جهته على ضرورة تركيز الحكومة اليمنية على الإصلاح السياسي وزيادة النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل؛ وأكّد في بيان صحفي نشر على صفحة وزارة الخارجية البريطانية على أهمية الحوار الوطني لتحقيق مشاركة سياسية واسعة النطاق في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

 

وأشار البيان إلى أن هيغ التقى خلال زيارته لليمن الرئيس علي عبدالله صالح، وكبار المسئولين والوزراء وممثّلي المعارضة، وكان في صحبته في زيارته هذه الوزير في وزارة التنمية الدولية آلان دنكان.

 

وحثّ وزير الخارجية في لقائه مع الرئيس علي عبدالله صالح على إحراز تقدّم أكبر وأسرع في الإصلاح السياسي للمساعدة في تحقيق الاستقرار في اليمن على الأجل البعيد، ودعا الرئيس صالح إلى تنفيذ الخطة ذات النقاط العشر التي تم الاتفاق عليها خلال الاجتماع الأخير لأصدقاء اليمن. وشدّد على أهمية اليمن بالنسبة للأمن في المنطقة والعالم، وأن المملكة المتّحدة تريد بناء شراكة أكثر فعّالية معه لأجل مواجهة تحدياته الأمنية والاقتصادية والتنموية.

 

وفي ذات التاريخ -12 فبراير- دعا السفير الأمريكي بصنعاء "جيرالد فاسيتاين" جميع الأطراف السياسية إلى العودة لمواصلة الحوار على أساس اتفاقي (فبراير ويوليو)؛ وأكد -في مؤتمر صحفي- أن التحدي المباشر الذي يواجه اليمن هو الاتفاق على الانتخابات البرلمانية المقبلة والإصلاحات الدستورية، وكذلك الإعداد للانتخابات الرئاسية القادمة في 2013م. وقال: "إن الحوار الوطني هو الذي سيتولى معالجة القضايا المختلفة بما فيها القضية الجنوبية أو صعدة".

 

وجدد السفير الأمريكي دعم الولايات المتحدة للعملية الحوارية بين المؤتمر الشعبي واللقاء المشترك، مضيفاً بأن المفاوضات بين السلطة والمعارضة هي العملية المثالية التي ستحقق آمال الشعب اليمني. وأضاف: أن الوضع مختلف هذه المرة عن الحوارات السابقة نتيجة للأحداث الحاصلة في المنطقة، وكذلك البيئة التي تجرى فيها الحوار هذه المرة تختلف عن ما كانت عليه في الماضي، فالمجتمع الدولي هذه المرة مشاركاً ومطلعاً أكثر من ذي قبل؛ لكنه نفى أن يتم الحوار برعاية خارجية، في حين أكد أن المجتمع الدولي سيواصل الإطلاع على ما سيجري في هذه الحوارات.

 

ونقل موقع (التغيير نت) –حسبما أشار موقع المؤتمر نت- عن السفير الأمريكي قوله: إن اليمن لديها "ميزات هامة"، ولديها معارضة منظمة، وأنه لا يريد القيام بأي نوع من أنواع المقارنة بين اليمن والبلدان الأخرى، وأنه أكد أن الولايات المتحدة كانت ستكون قلقة "في حال تخلينا عن الحوار وتحت تلك الظروف لا يمكننا التنبؤ بالنتائج"، وأن "أي فوضى لا تخدم الشعب اليمني، بنظرنا عملية المفاوضات هي المثالية..".

 

في 15 فبراير، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: إن الولايات المتحدة لا تملي على دول المنطقة كيف تدير شعوبها، مشددا على ضرورة توفير الحريات المدنية وحرية التعبير للمعارضين والنشطاء. وأضاف خلال مؤتمر صحفي: أن الحكومات في الشرق الأوسط بدأت في فهم حقيقة الحاجة إلى التغيير، معربا عن أمله في أن تعمل بطريقة تستجيب لهذا العطش للتغيير ولكن بطريقة لا تعتمد على العنف؛ وأشار إلى أنه لو كان الشباب في المنطقة يشعرون بالحياة الكريمة ومستقبل جيد لكان هناك استقرار بالتأكيد؛ وأكد أن الولايات المتحدة أرسلت رسالة قوية إلى حلفائها في المنطقة لمقارنة ما حدث في مصر وتونس. وأضاف: أن بلاده تؤيد الإصلاح السياسي في أنحاء الشرق الأوسط، لكنها تريد ضمان ألا تؤدي التغييرات الديمقراطية إلى إطلاق العنان للفوضى والعنف.

 

وفي 16 فبراير، دعا وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط "أليستر بيرت" الحكومة اليمنية إلى احترام حق الشعب في التعبير عن أرائه بصورة سلمية ومتحضرة؛ داعيا بالمناسبة الحكومة لاحترام حق شعبها بالتظاهر السلمي؛ ومعربا عن قلقها من تزايد العنف واستخدام القوة من قبل قوات الأمن اليمنية.

 

وأوضح الوزير أن الحكومة والمعارضة اليمنية ناقشتا مؤخرا كيفية وضع نظام سياسي أكثر انفتاحا وتمثيلا، وأن ما تطلبه حكومة المملكة المتحدة من جميع الأطراف هو "الاجتماع على وجه السرعة لإيجاد حل ديمقراطي عبر التفاوض وحل كافة هذه القضايا لكي يكون أساسا راسخا للاستقرار والرخاء في اليمن على الأمد الطويل".

 

وفي 17 فبراير، عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه لما يجري في اليمن، وما حدث في عدن على وجه الخصوص، معلنا قناعته بأن الحوار بين مختلف الأطراف في اليمن هو "الطريق الوحيد المؤدي إلى إحراز تقدم فعلي"، على طريق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن.

 

وقالت "كاترين آشتون"، في بيان صدر عن مكتب الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: "يجب التعامل مع الأمر بواسطة الحوار البناء والتوصل إلى توافقات"؛ مبدية تجديد الاتحاد الأوروبي استعداده لمساعدة اليمن، بالتعاون مع باقي الشركاء الدوليين، من أجل إجراء الإصلاحات في مختلف المجالات.

 

وفي 18 فبراير، نقلت وكالة رويترز عن "جاي كارني" -المتحدث باسم البيت الأبيض- قوله من على متن طائرة الرئاسة الأمريكية: إن الرئيس باراك أوباما يشعر بقلق بالغ إزاء أنباء العنف الواردة من البحرين وليبيا واليمن، وأنه حث الدول الثلاث على التحلي بضبط النفس في التعامل مع المحتجين. وهذا التصريح أتى بعد يوم من نشر صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلاً عن مسئولين أمريكيين، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما كان قد أمر مستشاريه في أغسطس الماضي بإعداد تقرير سرى يحدد الأماكن التي يحتمل أن تندلع فيها ثورات أو انتفاضات في العالم العربي، وأنه وصل إلى أنه بدون تغيير سياسي كبير فإن الدول من البحرين إلى اليمن مهيأة لتشهد ثورة شعبية. وأضافت الصحيفة أن الدراسة التي أطلق عليها "دراسة التوجه الرئاسية" حددت بؤر التوتر المحتملة وأبرزها مصر، وقدمت مقترحات حول كيفية ممارسة الإدارة الأمريكية ضغوطاً من أجل تحقيق التغيير السياسي في دول يحكمها مستبدون هم في الوقت نفسه حلفاء للولايات المتحدة. وحسبما يشير المسئولون فإن هذا التقرير السري الذي جاء في 18 صفحة، واجه مشكلة أفسدت نهج البيت الأبيض إزاء مصر ودول أخرى في الأيام الماضية، وهو كيفية الموازنة بين المصالح الإستراتيجية الأمريكية والرغبة في تجنب مزيد من زعزعة الاستقرار، وبين تحقيق المطالب الديمقراطية للمحتجين.

 

من جهتها دعت السفارة الأمريكية بصنعاء الحكومة إلى الالتزام بمسؤوليتها في حماية حياة وممتلكات كافة اليمنيين وصون حقوقهم الأساسية الإنسانية والمدنية؛ حاثة الحكومة على منع حدوث أي اعتداءات أخرى ضد المظاهرات السلمية، وضمان حصول جميع اليمنيين، المؤيدين والمناهضين للحكومة -على حدٍ سواء، على حقوق متساوية في حرية التعبير والتجمع. وعبرت السفارة عن قلقها من عدد الاعتداءات وحدتها ضد المواطنين الذين يتجمعون سلمياً للتعبير عن آرائهم حول الوضع السياسي الراهن؛ وأشارت إلى تقارير تفيد بتواجد مسئولين حكوميين أثناء وقوع هذه الاعتداءات التي تتعارض مع التعهدات التي التزم بها صالح لحماية حقوق المواطنين في التجمع السلمي للتعبير عن آرائهم.

 

في 22 فبراير، التقى رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد عبدالله اليدومي -بمكتبه- السفير الأمريكي بصنعاء "جيرالد فايرستاين"؛ وأفاد موقع التجمع اليمني للإصلاح بأن اللقاء تطرق إلى "أهم المستجدات الراهنة وتبادل وجهات النظر حيالها"؛ ويأتي اللقاء –في رأي المراقبين- في ظل الضبابية التي خيمت على موقع المعارضة من ثورة الشارع اليمني, وتأخر صدور توجه عام من قبل أحزاب المعارضة اليمنية في اللقاء المشترك؛ وفي سبيل محاولة معرفة السيناريو القادم في اليمن، خاصة بعد الصدمة العنيفة التي تلاقها البيت الأبيض, في رأي آخرين؛ أو من أجل رسم ملامح المرحلة القادمة في اليمن.

 

كما أن اللقاء يأتي عقب حديث أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني والقيادي في المشترك الشيخ حميد الأحمر عن جهات خارجية وجهت النصح للمعارضة بضرورة منح النظام فرصة أخيرة للتغيير. مضيفا بأن أصدقاء اليمن من الأوربيين والأمريكيين كانوا يلحون على المعارضة في أن تعطى النظام الفرصة هذه الأيام ليتضح مدى صدق النظام من عدمه.

 

في 23 فبراير، أكدت مجلة "واشنطن فورين بولسي" الأمريكية -التي توصف بكونها مجلة السياسة الخارجية الأمريكية- أن قلة قليلة فقط في الغرب يتحمسون كثيراً للديمقراطية في صنعاء. وقال التقرير الذي نشرته المجلة: "إن صالح ونظامه المرتكز أساسا على الجيش يقود البلاد إلى حقل ألغام سياسي وديموغرافي (سكاني)، وأنه كما ثبت بالفعل أبعد بكثير من قدرتهم الاستيعابية للخلاص منه". معتبرا "أن الانتقال المفاجئ بين عشية وضحاها إلى الديمقراطية قد لا يكون هو الحل; إلا أن استمرار صالح في قيادة البلاد هو النقيض تماماً لحل مشاكل اليمن العديدة، بل إن الحقيقة الوحيدة الأكثر ترجيحاً هي أن الأزمات المتعلقة بالأمن والاقتصاد والسياسة، أو جميعها معاً، سوف تضرب البلاد في القريب العاجل".

 

واتهم التقرير الرئيس صالح ونظامه بخلق مشكلة تنظيم القاعدة في اليمن، وأنهما من تسببا بخلق المشكلة، بدلا من السيطرة عليها؛ كما اتهم قوات صالح الأمنية بتجنيد أعضاء في الجماعة الإرهابية إلى جانب جهاديين آخرين للقيام بشن حملات عسكرية ضد المنشقين سواء في شمال اليمن أم في جنوبه.

 

وقال التقرير: "ومع أنه من الصعب تخيل أن تثمر في هذا البلد -ذو الأهمية الحيوية البالغة- تحركات الولايات المتحدة من أجل وضع حد للفوضى الآن"، وتابع: "إلا أنه من خلال الدفع به لتشكيل نظام سياسي يعتمد على التمثيل البرلماني لشريحة شعبية واسعة ومتنوعة، وبحيث يكون خاضعاً للمساءلة القانونية والشعبية"؛ معتبرا أن ذلك "أمراً من شأنه أن يوفر الاستقرار الحقيقي"؛ ومنوها إلى أن صالح ليس الرجل الوحيد القادر على حكم اليمن، بل إنه -في حقيقة الأمر- أبعد بكثير من أن يكون الأنسب.

 

وأضاف التقرير أن "من الحكمة أن نبدأ التحرك الآن، مهما تكن إدعاءات البراعة العالية في الرقص على رؤؤس الثعابين"؛ مؤكدا تمتع البلاد بالكثير من القيادات التكنوقراط وزعماء القبائل ورجال الأعمال الذين يمكنهم أن يبرزوا كمرشحين قادرين على المنافسة الديمقراطية.

 

وأوضح التقرير أن تحقيق ذلك يتوجب على الولايات المتحدة أن تربط مساعداتها باشتراطها على الرئيس صالح بضرورة إحداث المزيد من الانفتاح السياسي الحقيقي، الأمر الذي من شأنه أن يتيح للمشاركة المدنية والسياسية -المحصورة حالياً على الشبكات التي يرعاها ويدعمها الرئيس صالح- من تقديم زعماء يمنيين أكثر قدرة على مواجهة المشاكل في المستقبل؛ مشددا على ضرورة أن يتم ذلك بشكل عاجل لإنقاذ البلاد، "لأن الحقيقة الوحيدة المؤكدة حول صالح هي أنه سوف يجلب على اليمن من المشاكل ما هو أكثر من ذلك بكثير".

 

في 28 فبراير، قال الباحث في الأمن القومي الإسرائيلي والمحاضر في جامعة تل أبيب "يوئيل جوجانسكي": إن اليمن إحدى أخطر الدول الفاشلة، وإسقاط النظام الحالي فيها قد يفضي إلى نضال عنيف بين القبائل، الأمر الذي قد يترتب عليه إضرار بالمصالح الأمريكية -حد تعبيره. وأضاف في مقال بعنوان "في اليمن: انهيار مرتقب خطر" نشره موقع "إسرائيل اليوم": إن إضعافا آخر لسلطة أجهزة الدولة في اليمن على ما يجري داخلها يجب أن يقلق من يريدون إيقاف تأثير إيران المتنامي في المنطقة. مشيرا إلى أن "إن العنف بين القبائل، والجريمة، والقرصنة في البحار، ونسبة شبان غير تناسبية، والجوع والأمراض" جزء فقط من التحديات التي تواجهها اليمن في الحياة اليومية.

 

في 1 مارس، علقت الولايات المتحدة الأمريكية، على اتهامات وجهها صالح لتل أبيب وواشنطن بشأن الوقوف وراء المظاهرات والثورات في الوطن العربي، بأن الرئيس صالح يعرف جيدا أنه لا وجود لمؤامرة أجنبية وراء الاضطرابات في بلاده، وأن عليه أن يستجيب لطموحات شعبه. ونقلت رويترز عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بي.جيه. كراولي قوله -في رسالة عبر موقع تويتر- "الاحتجاجات في اليمن ليست نتاج مؤامرات خارجية، الرئيس صالح يعرف ذلك جيدا".

 

في 2 مارس، وعلى ضوء هذا التصريح اتصل الرئيس صالح بالبيت الأبيض معبرا عن أسفه بشأن "سوء الفهم" المرتبط بتصريحاته بشأن الولايات المتحدة وإسرائيل؛ وليقول: إنه ملتزم تماما بالإصلاح السياسي في اليمن –حسبما ورد في بيان للبيت الأبيض. وأضاف البيان أن صالح اتصل بمستشار البيت الأبيض لمحاربة الإرهاب "جون برينان" لنقل أسفه بشأن تصريحاته العلنية.

 

وقال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جاى كارنى: "لا نعتقد أن اختيار كبش محرقة يشكل رداً مناسباً بنظر اليمنيين أو شعوب دول أخرى"، داعيا صالح إلى إجراء إصلاحات سياسية للاستجابة لـ"التطلعات المشروعة" لشعبه؛ وأردف بأن "شيئا واحدا كان واضحا تماما في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية أن الاضطراب الذي رأيناه ليس مستوحى من تنظيم القاعدة لكنه في الواقع برهان لحركة من داخل هذه المنطقة من العالم، والتي تتنافى كليا مع كل شيء تعتقد به القاعدة والوسائل التي تعتقد أنها تؤمن التغيير".

 

من جهتها أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها استدعت الثلاثاء القائم بالأعمال اليمني في لندن لمطالبته بوقف قمع المتظاهرين في اليمن وتشجيع الحكومة على إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية.
وجاء في بيان للخارجية أن مسئولاً كبيراً في الوزارة أكد للقائم بالأعمال اليمني عبدالملك الإرياني استنكار بلاده "إطلاق الرصاص الحي" على المتظاهرين في عدن، معرباً عن قلقه للأنباء التي تشير إلى تزايد عدد الجرحى والقتلى.

 

في 6 مارس، حذرت وزارة الخارجية الأمريكية رعاياها من السفر إلى اليمن بسبب ما وصفته بالنشاطات المسلحة والاضطرابات الاجتماعية، وطلبت من المقيمين منهم حالياً دراسة مغادرته. كما سمحت الوزارة بالمغادرة الطوعية لموظفي السفارة الأمريكية غير الأساسيين وعائلات الموظفين. وقالت الخارجية: إنه في حال وقوع أزمة سيكون إجلاء الأمريكيين محدوداً جداً بسبب نقص البنى التحتية والعوائق الجغرافية وغيرها من المشاكل الأمنية في اليمن. مضيفة أن التهديد الأمني في اليمن "مرتفع جداً" بسبب النشاطات المسلحة والاضطرابات الاجتماعية.
وكانت كل من ألمانيا وبريطانيا حذرت رعاياها من السفر إلى اليمن نتيجة للأوضاع التي تمر بها.

 

في 9 مارس، قال سفير الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء "جيرالد فايرستاين": إن السبيل الأمثل لحل مشاكل اليمن، يتمثل بالحوار وليس بالتظاهرات، مؤكدا أن إسقاط النظام لا يحل الإشكالات والتحديات التي تواجه اليمن في الوقت الراهن. وقال -في حوار مع صحيفة "السياسية" الصادرة عن وكالة الأنباء اليمنية (سبأ): إن مبادرة الرئيس علي عبدالله صالح في الثاني من فبراير تؤسس لحوار هو محل تشجيع الولايات المتحدة الأمريكية تجنباً لاحتمالات الانزلاق نحو العنف؛ مضيفا بأنه ينبغي إدماج الشباب في منظومة العمل السياسي باعتبارهم بناة الحاضر والمستقبل.