البيان الختامي الذي اختتمت رابطة علماء الإسلام مؤتمرها الأول , مثًل نقلة نوعية في طرق تحرك العلماء وتوصيفهم لدورهم المطلوب آنيا ذاك الذي استدعاه الواقع الإسلامي الحالي وتغيراته .
الرابطة - التي استعانت بمصطلحات جديدة ومؤثرة على سماع كثير من أبناء الشعوب الإسلامية ( فيما كان مفتقدا إلى حد ظاهر فيما سبق من فعاليات علمية ) , كرعاية الحقوق الإنسانية والحريات ومحاربة الفساد وغيرها - حاولت أن يكون مؤتمرها الأول وما يصدر عنه من مقررات متلائما مع واقع الأمة الحالي وما يحدوها من تحديات .
فالدعوة إلى وحدة الكلمة بين علماء الإسلام ودعاته وأئمته التي أعلن عنها المؤتمر وعمل تحت شعارها تمثل تحديا ملحا من أهم التحديات العاجلة أمام علماء السنة في العالم كله , بما يمكنه أن ينتح قوة لا يستهان بها أمام محاولات التغريب والسيطرة الفكرية والتنفيذية من أعداء الأمة الإسلامية
وحين ربط المؤتمر صلاح الأمة بصلاح صنفين أساسيين من أبنائها هم العلماء والحكام فإنه قد أشار صراحة إلى حزمة من الخطوات التي ينبغي أن تتخذ في سبيل إصلاح الصنفين بما يتناسب من أساليب ننتظر أن نراها فيما هو قادم من أيام .
التأكيد كذلك على مفاهيم إيمانية كمفهوم الربانية لاتخفي إشارته إلى دور العقيدة الإيمانية في بناء الأفراد والمجتمعات وأن إهمالها يشي بكارثة أخلاقية غير محمود عقباها , وأن " التغيير الحقيقي هو ما يبدأ من القلوب توبة إلى الله، واعتصاماً بهداه " .
ما لفت الانتباه بشكل كبير كذلك تلك اللهجة الحاسمة التي استخدمها العلماء فيما يخص التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تحدث في أقطارنا المسلمة , فأكدوا بوضوح على رعاية حقوق الأفراد , والحريات المنضبطة بالضوابط الشرعية , كما ركزوا على أهم الطرائق التي يمكن اتخاذها في استنهاض الأمة واستعادة دورها الريادي .
دور آخر تأكد ظهوره في مؤتمر رابطة علماء المسلمين كان غائبا لفترات ليست بالقصيرة في كثير من الأقطار وهو ماأسماه البيان الختامي " الاحتساب على الظالمين ونصرة المظلومين ومناصحة الحكام " , وهو يمثل - في حال تفعيله بوسائلة المختلفة - عودة إيجابية لدور العالم الرباني في دفع الظلم والدفاع عن الحق .
العالم الإسلامي أجمع ينتظر دور العلماء ويحملهم مسئولية ثقيلة هم الأجدر على حملها والبذل في سبيلها والحياة من أجلها , فهم مصابيح الهدى في لحظات التيه والتراجع , وهم قادة الصف في لحظات الثورة والإصلاح .