أنت هنا

الليبيون يهزمون الغرب والعميل !!
21 ربيع الأول 1432
موقع المسلم

فُضِحَ النفاق ولم يريدوا فضحه..

في لحظة صدق نادرة، وصفتِ المستشارةُ الألمانية أنجيلا ميركل الخطاب الأخير لنيرون ليبيا بأنه (مرعب) وأنه بمثابة (إعلان حرب على الشعب الليبي)!!

 

لكن زلة لسان المستشارة الألمانية تظل حتى الآن هي الاستثناء الذي يثبت القاعدة الغربية في التعامل مع الشعوب المسلمة بدلاً من أن ينفيها. فلقد كنا نتهم الغرب بعدائه لكل نهضة سياسية في بلد إسلامي وحرصه على إقامة النظم المستبدة العميلة لحماية مصالحه غير المشروعة. كانت تلك الاتهامات تعتمد-قبل نصف قرن- على الاستنتاج المنطقي  والربط بين الوقائع وقراءة مسارات الأحداث، ثم استندت لاحقاً على الوثائق الغربية السرية التي يتم الإفراج عنها-غالباً- بعد ثلاثة عقود أو أربعة.إلا أن الوضع اختلف في السنوات القريبة بتأثير التقدم العلمي في وسائل الاتصال ونقل المعلومات وحفظها وسهولة استرجاعها....وأسهم استسلام الشعوب المسلمة لمقاصل قتلتها في استخفاف الغرب بالتكتم على وكلائه فصارت عمالتهم مكشوفة إلا قليلاً.

 

ففي حالة القذافي جرى تشكيك طفيف في انقلابه الذي يسميه "ثورة"، إذ تعذر على المتعمقين في استقراء الوقائع، أن يهضموا قيام ملازم أول بانقلاب في بلد يضم قاعدة عسكرية أمريكية-قاعدة هويليس -ليوافق العم سام على تفكيكها (ويقول الساخرون: فالأمريكان معروفون مثل سائر المستعمرين بل أكثر منهم جميعاً بالأدب الجم وسرعة الاستجابة لمن لا يرضى بوجودهم العسكري ولذلك سرعان ما يُخْلُون قواعدهم بهدوء ثم يطفئون الأنوار بعد تلميع أرضيات المكان لتسليمه نظيفاً!!!).

 

ضاع ذلك الشك المنطقي  القوي في بحار الجهل والغوغائية وشراء الأبواق، وفي ظل تفشي تجارة الشعارات والقابلية للانخداع بأصحاب الحناجر الصاخبة، وبات القذافي "صانعَ ثورةٍ عظيمة تناوئ الاستعمار وتهابها الأمبريالية"، إلى آخر تلك المعزوفة المقيتة. واكتملت مسرحية لعبة الأمم بتلميع إضافي  لدميتهم في ليبيا، عندما قصف الأمريكيون ثكنة باب العزيزية التي يقيم فيها الزعيم "المُلهَم" في عام 1986م، وكان الرجل-ويا للمفارقة!!- خارج المكان، وغاب عن عتاة أجهزة الاستخبارات الأمريكية الجبارة وقرون استشعارها الفضائية-أقمار التجسس- أن يتثبتوا من وجود "غريمهم" في الموقع قبل قصفه والظهور بمظهر الأغبياء والحمقى والمغفلين!!

 

أما اليوم في مواجهة مفصل تاريخي حاسم حقيقةً لا مجازاً، فإن"التقية" أصبحت ذميمة، ولذلك كان القذافي صريحاً في تأكيد عمالته إذ أكد ما قاله ابنه قبل يومين من أن الغرب لن يرضى بزوال حكمه، وإن كان تهويله بالخطر الإسلامي-على غرار سادته من الصهاينة والصليبيين الجدد-هو الستارة الرقيقة التي ظن أنها كافية ستر سوءة خيانته وتبعيته!!
والغرب ذاته يتصرف الآن بأسلوب لا يجهر بتبعية نظام القذافي لكنه لا يتبرأ منها.

 

فقمع من حسني مبارك  لملايين المطالِبين برحيله  لم يبلغ همجية القذافي نوعاً ولا حجماً، ومع ذلك فإن  إدارة أوباما بدأت في الابتعاد عنه مبكراً ثم أخذت تمارس ضغوطها عليه سرّاً وعلانية لكي يسلّم السلطة لنائبه.أما القذافي الذي يستخدم الطيران والمدفعية ومضادات الدروع لإبادة الشعب الليبي-بشهادة ميركل- فإن الغرب ما زال ينتظر لكي "يفهم" ما يجري!!

 

وأخيراً اضطر السادة إلى التحرك السلحفائي على استحياء، فعقدوا-مكرَهين- جلسة لمجلس الأمن الدولي، ليتساوموا على شلال الدم الليبي، ثم يخرجوا ببيان سقيم يستنكر العنف ضد المدنيين العزل، ويهدد بمحاسبة المسؤولين عنه-كأن هؤلاء المسؤولين مخلوقات خرافية قادمة من الفضاء-.

 

حتى كبار الإدارة الأمريكية لا يجرؤون على الهمس باسم القذافي المجرم، مع أنهم أساتذة في ترديد أسماء زعماء آخرين بطريقة استعلائية مثل صدام حسين سابقاً والبشير مؤخراً وتشافيز دولياً!!علماً بأن أيّاً من هؤلاء الساسة لم يقترف جريمة تهديد شعبه بالذبح الشامل والقتل العشوائي، أو استعداده الوقح علانية لاستقدام مزيد من المرتزقة لنحر ملايين الليبيين-حتى آخر رجل بحسب نرجسية الابن وحتى آخر قطرة دم وفقاً لهوس الأب-.

 

ويبدو أن الدجال أوكامبو-المدعي  العام لما يسمى:المحكمة الجنائية الدولية-يرتاح في إجازة تمنعه من رصد جرائم القذافي غير المسبوقة، لأنه تعب من مطاردة رئيس السودان عمر البشير الذي قاتل فصائل مسلحة تسعى إلى تفكيك بلاده وسلخ دارفور عنها.
فجريمة الشعب الليبي عند الغربيين من حاملي أقنعة العدالة الزائفة وكذلك لدى حاملي رايات حقوق الإنسان، أنه خرج في مظاهرات سلمية ليحتج على ظلم عمره زهاء أربعين سنة، اشتمل على الاستبداد والقتل الجماعي ونهب ثروات البلاد.فهي وقاحة من شعب يجب أن يستكين في مواجهة عميل يحبه الغرب ويحرص على استمراره وتوريث البلد لأبنائه كأنه مزرعة خاصة!!

 

لقد سقط دجل القذافي كما سقط نفاق سادته.وعلمت الأمة أنها لن تمتلك ناصية حقوقها وتحرر رقبتها وتستعيد كرامتها وتصبح سيدة قرارها إلا إذا بذلت التضحيات في وجه الفراعنة المتجبرين، كما ثبت لها بالدليل الحسي أن قدرتها على الحراك السلمي حراكاً جماعياً يقهر العبيد المحليين كما ينهش صدور سادتهم في الغرب المنافق.