مغزى اتهام "جيش الإسلام" بتفجير كنيسة مصرية
18 صفر 1432
جمال عرفة

بقدر ما كان الاتهام الذي وجهه حبيب العادلي وزير الداخلية المصري لتنظيم "الجيش الإسلامي الفلسطيني" بزعامة (ممتاز دغمش) 2009 بالوقوف وراء حادث تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية مفاجأة للجميع لعدم وجود أي دليل معلن قبل هذا الاعلان، بقدر ما أثار هذا الاعلان الرسمي مخاوف من تداعيات هذا الاتهام علي غزة المحاصرة ، وعلي العلاقات المتدهورة أصلا بين مصر وحكومة حماس في غزة برغم ما هو معلوم من أن حماس تناصب جيش الاسلام العداء وسبق لها الدخول معه في معركة عسكرية عام 2009 .

 

وزاد من هذه المخاوف سعي كتاب ومن يسمون "خبراء في شئون الجماعات الاسلامية" محسوبون علي الاجهزة الأمنية الربط بين "جيش الاسلام " وحركة حماس التي تحكم غزة برغم أن هناك صراعات وقتال بين الطرفين ، حيث نشر موقع الحزب الوطني حوارا مع الباحث في شئون القاعدة (عبد الرحيم علي )، أكد فيه أن هذا التنظيم متهم بالوقوف وراء حادث تفجير الحسين الذي قتلت فيه سائحة فرنسية وأن النائب العام طالب بضبط ثلاثة من أعضاء هذا التنظيم ، ولكن "حماس مازالت ترفض تسليم ممتاز دغمش زعيم جيش الاسلام أو القبض أو حتى التحقيق معه في غزة " .

 

وقال (علي) أن "حماس تقيم شراكة حقيقية مع ممتاز دغمش منذ أن أتت إلي السلطة في 2005، وتقوم باستخدامه استخدامات شتى سواء في قتل المعارضين لها كما حدث مع موسي عرفات أو مطاردة رجال فتح أو خطف الصحفيين وطلب فدية كما حدث مع ألآن جونسون الصحفي البريطاني الذي ساومت فيه حماس بريطانيا. وأخيرا عملية الوهم المتبدد الذي ساعد فيها دغمش في خطف جلعاد شاليط والذي يحتفظ به دغمش حتى الآن كورقة أمان في مواجهة حماس".

 

أيضا رغم نفى تنظيم "جيش الإسلام"، نفياً قاطعا أن يكون له أي علاقة من قريب أو بعيد بتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، ليلة رأس السنة الميلادية، والذي أسفرت عن مقتل 23 مصرياً وقول متحدث باسم "جيش الإسلام" في تصريح مكتوب لوكالة (قدس برس) اللندنية: "ليس لنا أي علاقة بحادث تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية" كما استبعد مراقبون أن يكون لتنظيم "جيش الإسلام" أي علاقة بالحادث، مؤكدين انه لو كان هو من يقف وراء هذا الحادث لأعلن عن ذلك فور وقوعه، كما أنه لا يقوم بأعمال خارج قطاع غزة ، إلا أن خبراء أمنيون مصريون أكدوا أن هناك أدلة وبراهين علي اتهام مصر لجيش الاسلام، برغم عدم إعلان مصر عن كافة التفاصيل عن خلفيات هذا الاتهام باستثناء توجيه الاتهام لمصري قيل إنه دخل غزة عبر الانفاق واعطي معلومات للتنظيم الفلسطيني ولكنه لم يشارك في العملية .

 

أيضا نفت حركة حماس ضمنا أن يكون جيش الإسلام وراء التفجير وأبدت قلقها لاتهام فصيل من غزة، وأصرت علي أن الموساد "الإسرائيلي" هو المتهم بتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية للوقيعة بين مصر والفلسطينيين ، وطالبت مصر بالتعاون مع الحكومة الفلسطينية في غزة لفحص هذه المعلومات والتأكد من مدى صحتها ، وأشارت إلى أنها "ننظر بقلق إلى ما جاء على لسان وزير الداخلية المصري، من توجيه الاتهام لعناصر من جيش الإسلام في غزة بالمسئولية عن التفجير المؤسف الذي استهدف كنيسة القديسين بالإسكندرية".

 

وأكدت الحركة على أنها "تقود مقاومة ضد الاحتلال داخل فلسطين، ولم ولن تسمح بنقل الصراع مع أي طرف آخر خارج فلسطين". وقالت "إن الأمن القومي العربي والمصري هو على قائمة أولوياتنا، لأننا نعتبر مصر والوطن العربي عمقنا الاستراتيجي الذي لا نقبل المساس به" ، كما إن علاقتنا بالمسيحيين على مر التاريخ علاقة طيبة ولا نقبل أبداً بالمساس بها ولذلك فقد أدنا تفجير الكنيسة من اللحظة الأولى وقدمنا العزاء لمصر ولعوائل الضحايا".

 

مغزى الاتهام المصري
ومن شأن الاتهام المصري لحركة فلسطينية حتى ولو كانت متمردة علي سلطة حماس وتدخل معها في معارك بالسلاح ، أن يغير الكثير من معادلة الإرهاب في المنطقة ، ويدمر العلاقات المصرية مع غزة ، وقد يترتب عليه إجراءات انتقامية مصرية ليس أقلها العودة لإغلاق معبر رفح مرة أخري ، أو المزيد من الحملات الأمنية علي الأنفاق التي يقول خبراء أن مصر تغض الطرف عن بعضها مما يستخدم في توفير الغداء لغزة .
كما أن هذا الاتهام المصري – لو صح تورط جيش الإسلام فعليا – يخدم المصالح الأمريكية و"الإسرائيلية" اللتين تسعيان لنشر فكرة أن تنظيم القاعدة ينتشر في غزة وينتقل إلي سيناء لضرب السياحة "الإسرائيلية"، بهدف تبرير بقاء وزيادة الحصار علي غزة ، والتعاون الأمني مع مصر ضد حركات المقاومة الفلسطينية بدعاوى أنها نقلت الصراع خارج فلسطين .

 

وهذا ما يفسر سر انزعاج حركة حماس وقلقها من اتهام مصر لحركة فلسطينية حتى ولو كانت متمردة عليها ، لأن الإجراءات التي يمكن أن تترتب علي هذا الاتهام ستضر حكومة غزة (حكومة حماس) قبل غيرها ، ويبرر المزيد من الاعتداءات "الإسرائيلية" علي غزة .حيث شنت قوات الاحتلال قبل شهرين حملة اغتيالات ضد نشطاء في "جيش الإسلام"، اتهمتهم أنهم كانون يخططون لتنفيذ هجمات ضد أهداف "إسرائيلية" وأمريكية انطلاقاً من شبه جزيرة سيناء المصرية منهم محمد النمنم، القيادي في تنظيم "جيش الإسلام" بقطاع غزة الذي كشف الجيش "الإسرائيلي" أن عملية اغتياله في غارة جوية الأربعاء جاءت من خلال "تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة" !.

 

وقد أبدى خبراء سياسيون وأمنيون مصريون مخاوفهم من أن تكون غزة هي ضحية ما أعلنته مصر رسميا من اتهام فصيل فلسطيني هو (جيش الاسلام) بالتورط في حادث تفجير كنيسة الاسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية والذي أودى بحياة 24 شخصيا ، وقالوا أن هناك تداعيات متوقعة من قبل مصر لهذا علي غزة وحكومة حماس التي تحكمها، سواء فيما يخص الأنفاق التي قيل أن المتهم المصري دخل منها وتلقى تعليمات هناك، أو الحدود المفتوحة بأمر من الرئيس مبارك منذ العدوان "الاسرائيلي" علي قافلة الحرية التركية، فيما دعا الرئيس الفلسطيني في مصر لعقاب جيش الاسلام لو ثبتت مسئوليته .
وانقسم الخبراء المصريون لفريقين : الأول يستغرب قيام تيار فلسطيني بالقيام بهذا العمل ويخشى تقديم غزة "كبش فداء" لهذا الحادث ، والثاني يؤكد أن هناك "أدلة" علي تورط تنظيم جيش الاسلام ، بيد أن الطرفين أجمعا علي تداعيات ستطال غزة والعلاقات مع مصر عقب هذه الاتهامات المصرية .

 

فقد أكد الدكتور عمار على حسن، الخبير في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية، أن تنظيم القاعدة منذ تأسيسه في أغسطس عام 1997 لم يقم بتنفيذ عملية واحدة داخل مصر، وأن جميع العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها خلال الـ 13عاماً الأخيرة وبلغت 10 عمليات قام بتنفيذها جماعات محلية مصرية صغيرة، وحذر من خطورة اتهام جهات خارجية خاصة «تنظيم القاعدة» من أجل صيانة أمن مصر القومي وتهدئة مواطنيها المسلمين و"المسيحيين" وترك الجناة الحقيقيين دون عقاب.
وأرجع «عمار» إعلان الداخلية عن قيام جهات خارجية بتنفيذ العمليات الإرهابية وتحديداً حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية إلى عدة أسباب من بينها "إشراك جهات أمنية أخرى غيرها في تحمل مسؤولية هذا الحادث، وكسب استعطاف ومساندة العالم لها من خلال إرسال رسالة مفادها أن تنظيم القاعدة أصبح على حدودها" بحسب "المصري اليوم" ، ودعا الأجهزة الأمنية المصرية إلى سرعة الكشف عن المعلومات التي توصلت إليها وأثبتت تورط جيش الإسلام الفلسطيني في الأحداث دون الاكتفاء بإطلاق الاتهامات، خاصة بعدما اعتادت الداخلية تقديم «كبش فداء» لحل مشاكلها الأمنية.

 

كما رفض الدكتور عمرو الشوبكى، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، اتهام «غزة» بالقيام بتفجيرات الإسكندرية قائلاً: «بصرف النظر عن اتهام الداخلية جيش الإسلام الفلسطيني في قطاع غزة بتفجيرات الإسكندرية، فإنه دائماً يتم تقديم (غزة) كبش فداء لحل مثل هذه العمليات» ، وأضاف أن : «معظم الخبراء والمحللين السياسيين أكدوا أن تفجيرات كنيسة القديسين تحمل بصمة (القاعدة) ولكن ليس معنى ذلك أن من قام بتنفيذها جيش الإسلام الفلسطيني المتواجد في القطاع». ودعا الشوبكى الأجهزة الأمنية إلى اتخاذ جميع التدابير بجدية شديدة لمواجهة الإرهاب، وليس لمواجهة نشطاء يوم الغضب 25 يناير.

 

وتوقع الدكتور عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تشهد الفترة المقبلة توتراً في العلاقات بين مصر وحركة المقاومة الإسلامية حماس، على خلفية إعلان مصر أن جيش الإسلام الفلسطيني، جناح تنظيم القاعدة في غزة، وراء تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، لافتاً إلى أن لقاء الرئيس مبارك مع محمود عباس «أبو مازن» رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية سوف يتناول مستقبل غزة بعد هذه التطورات.
وقال جاد : «ستجد مصر مبرراً للضغط على قطاع غزة مثل إغلاق المعابر أو التشديد على عمليات العبور»، لافتاً إلى أن اتهام عناصر خارجية بارتكاب تفجيرات الإسكندرية لا ينفى تقصير الجهات الأمنية إزاء وقوع هذا الحادث، وأنها ستعمل على إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية في الفترة المقبلة خاصة فيما يتعلق بحدودها الأمنية مع القطاع.

 

أدلة وبراهين ضد "جيش الاسلام"
ورغم عدم إعلان وزارة الداخلية التفاصيل الكامل حول أدلة اتهام تنظيم القاعدة وجيش الاسلام باعتباره جناح تابع له نفذ العملية ، فقد أكد الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل رئيس مركز الجمهورية للدراسات والابحاث الامنية أن الأجهزة الأمنية المصرية "لديها أدلة قوية وبراهين على ضلوع التنظيم في التفجير"، مشيرا إلى أن "المتهم في العملية اعترف بأنه تلقى تدريبه على تنفيذ العملية على يد عناصر تنظيم جيش الاسلام" ، وأضاف – في تصريحات للتلفزيون المصري أن "تسلسل الأحداث يدلل على تورط القاعدة في تفجير الاسكندرية ، لاسيما أنه جاء بعد حادث كنيسة سيدة النجاة في العراق ، ثم تهديد القاعدة باستهداف الأقباط في مصر".

 

وقال اللواء سامح سيف اليزل، إن ما أعلنه وزير الداخلية يتماشى تماماً مع ما قاله الرئيس مبارك في كلمته عقب الحادث مباشرة، بأن هناك أيد خارجية تعبث وتستهدف الأمن القومي المصري وهذا كان واضحاً منذ البداية ، وأضاف أن الطريقة التي نفذ بها الحادث والأدوات التي استخدمت فيه كانت تؤكد أن القاعدة وراءه.
وحول توتر العلاقات بين مصر وحماس ، أوضح أن العلاقة بين مصر وحماس لم تصل دوماً إلى حالة الحميمية، وكانت دائماً على المحك حتى إنه أثناء محاولات رأب الصدع والتوصل لاتفاق فلسطيني ـ فلسطيني برعاية مصرية كانت مصر تتعامل بطريقة رسمية مع جميع الفصائل الفلسطينية ، وحول توقعه لرد فعل مصر ، قال سيف اليزل: «مصر لا تقوم بردود فعل انفعالية ولا يفترض أن يكون رد الفعل عنيفاً أو بالطريقة نفسها التي قاموا بها، ولكن هناك العديد من الطرق والوسائل الأخرى ـ رفض الكشف عنها ـ يمكن استخدامها للرد على ما قامت به حماس من استهداف للوحدة الوطنية المصرية».

 

وقال "اليزل" أن نفى تنظيم جيش الاسلام الفلسطيني مسئوليته عن حادث تفجير القديسين يرجع إلى خشيته من معاداة مصر، مؤكدا إن هذا التنظيم يدرك أنه أصغر من أن يعادي مصر ، وأن محاولة التنظيم نفي التهمة عن نفسه لن تجدي نفعا .
فيما قال عبد الرحيم علي مدير المركز العربي للدراسات : إن ما صرح به حبيب العادلي، وزير الداخلية، أمر توقعه هو منذ وقع انفجار حادث القديسين لأن الجيش الإسلامي في غزة متخصص فى مثل هذه العمليات، وأضاف: «هم أيضاً من قاموا بحادث شرم الشيخ وحادثي دهب والحسين بدعم من إيران». واتهم «على» «حماس» بمحاولة إحداث خروق في الوحدة الوطنية المصرية، مؤكداً أنها تحاول دفع "إسرائيل" لإعلان الحرب على مصر وأكد وجود توتر بين مصر وحماس، وأن مصر طالبت ـ عن طريق النائب العام وحكومتها ـ حماس بتسليم رأس الأفعى الذى يدبر الهجمات المستمرة على مصر وهو «ممتاز دغمش» أو القبض عليه ولكن حماس ترفض دون إبداء أي أسباب.

 

تشكيك "إسرائيلي":
لم يصدر عن "إسرائيل" تعليق رسمي باستثناء ما قاله الجنرال احتياط رئيس القسم السياسي في وزارة الأمن الإسرائيلية "عاموس جلعاد" حين شكك خلال لقاء مع إذاعة الجيش بصدقية المعلومات التي نشرتها مصر حول وقوف تنظيم جيش الإسلام في غزة خلف تفجير كنيسة الإسكندرية: "يجب الحذر من هذه المعلومات، فكثير منها موجهة للضغط على حركة حماس التي تحكم القطاع"، حيث أن النظام المصري ينظر إلى حركة "حماس" على أنها تهديد استراتيجي، باعتبار أن اسمها مرتبط بحركة الإخوان المسلمين، وهي تسعى إلى تغيير الوضع في الشرق الأوسط، على حد تعبيره، مضيفاً "من الواضح أن الإخوان المسلمين وكذلك حركة حماس يشكلان خطرا على النظام القائم في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وكذلك على كل نظام حكم على حدا سواء كان النظام المصري أو النظام السوري أو الأردني"، حسب تقديره.

 


ما هو الجيش الإسلامي الفلسطيني ؟

وتأسس تنظيم "جيش الإسلام" عام 2006 من قبل عدد من المقاومين الفلسطينيين الذين عملوا سابقا مع لجان المقاومة الفلسطينية، حيث تزعمه أحد قادة اللجان ممتاز دغمش (38 عاما)، وشارك مع حركة "حماس" ولجان المقاومة في أسر الجندي "الإسرائيلي" جلعاد شاليط في صيف 2006.

 

كما قام "جيش الإسلام" عام 2007 باختطاف الصحفي البريطاني الان جنستون، مراسل هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في غزة، حيث بقي لديهم قرابة أربعة اشهر، قبل أن تتمكن حركة "حماس" من إجباره على إطلاق سراحه بعد سيطرتها على القطاع.
وشهدت غزة خلال عامي 2008 و2009 أحداث متكررة كشفت عن وجود تنظيمات عديدة في غزة تتعارض أفكارها مع أفكار حركة حماس، حيث تطالب هذه الحركات بالتطبيق الفوري والشامل للشريعة الإسلامية في غزة وتصعيد العمليات الجهادية والعسكرية ضد الصهاينة بلا توقف ولا هدنة، مثل:
• جماعة جند أنصار الله في أكناف بيت المقدس)، التي نفت علاقتها بالانفجار الأخير، وقالت إن مقاتليها "هم مجاهدون مطلوبون لأعداء الله اليهود.
• جماعة جيش الإسلام، " .
• فتح الإسلام" "
• جيش الأمة" "
• وجماعات أخرى مثل "جيش الله"، و"التكفير"، و"عرين الأسد للمجاهدين المقاتلين"، و"جلجلة" (قصف الرعد) .

 

وقد انشق بعض قادة هذه الجماعات عن جماعات إسلامية أخرى مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، أو جماعات سلفية دعوية، معتبرين إياها لا تتبني الفكر الجهادي والعمل العسكري المكثف ضد الاحتلال.
وهذه الجماعات لا تتلقى توجيهاتها من تنظيم "القاعدة"، لكنها تتوافق معه حول الإيديولوجية السلفية-الجهادية وتخطط أساليبها واستراتيجيتها حسب نموذج ذلك التنظيم. وتتمثل الغاية الأيديولوجية لهذه الجماعات السلفية-الجهادية، كغيرها من الجماعات الإسلامية السنية، في "إحياء أمجاد الإسلام القديمة وإقامة خلافة إسلامية عالمية تطبق الشريعة الإسلامية".

 

وتتبنى هذه الجماعات السلفية - الجهادية أيديولوجية "المقاومة الصرفة" التي لا مكان فيها لوقف إطلاق النار أو الإيقاف المؤقت للهجمات على العدو، لذلك لم توقف هذه الجماعات– رغم ضعفها وقلة عدد أعضاءها– عمليات العسكرية ضد الإسرائيليين رغم موافقة حماس على الهدنة.

 

وقد تغاضت حماس عن نشاط هذه الجماعات وتركتها تنمو، لأنها اعتبرتها ظاهرة هامشية لا تشكل تهديداً لسلطتها ومكانتها في قطاع غزة، ولأنها تشارك "حماس" العداء تجاه "إسرائيل"، بل إن أحد أبرز هذه الجماعات، "جيش الإسلام"، كان شريكا لحماس في عملية اختطاف الجندي "الإسرائيلي" جلعاد شاليط.

 

ولكن ميل هذه الجماعات للعمل بشكل مستقل يخالف إستراتيجية حماس الخاصة بالتصعيد أو التهدئة مع العدو الإسرائيلي وفقا لآليات سياسية، وخروجها على تعليمات حماس الخاصة بالتهدئة مع إسرائيل عدة مرات، أدي لحدوث مصادمات بينها وبين حماس، وخاصة بعدما أطلق بعض أعضاءها النار على شرطي من "حماس" قبل عامين.

 

وكان أبرز رد من حماس، عقب إطلاق النار علي الشرطي التابع لها، هو محاصرة منزل عائلة دغمش – قائد جيش الإسلام – في سبتمبر 2008، والدخول في قتال مع من بداخله، أسفر عن مقتل أحد عشر شخصاً وجرح عشرات آخرين. وأضعفت هذه المواجهات جيش الإسلام كثيرا، حيث لم يقم بعمل عسكري منذ ذلك الحين، ولكن هذا لم يمنع الجيش من مطالبة حماس بتطبيق الشريعة الإسلامية، والتهديد بالثأر لقتلاه التسعة في اشتباكات مع شرطة حماس يوم 16 سبتمبر 2008.