دحلان وسجل حافل من الخيانة
26 محرم 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ما يقوم به القيادي في حركة فتح محمد دحلان الآن تجاه زعيم الحركة محمود عباس ليس جديدا عليه فتاريخ دحلان الخياني والانتهازي حافل, ومن السذاجة أن يتخيل عباس أو غيره أن دحلان يمكن أن يغير جلده أو أن يعرف الوفاء لفكرة أو لمبدأ ما؛ فمنذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وهو يتآمر على قيادات فتح والسلطة ناهيك عن تآمره على قيادات المقاومة وعلاقته المتينة مع الاحتلال الصهيوني والإدارات الأمريكية المتتابعة.

 

لقد أصدر دحلان بيانا نشرته صحيفة الحقيقة الأردنية وقتذاك هدد فيه بإهدار دم عرفات وعدد من القيادات في اللجنة المركزية إذا لم يتم إجراء ما أسماه بـ "إصلاحات لابد منها", وعلى رأسها منح القيادات الشابة في الحركة المزيد من المناصب والصلاحيات, كما كشفت وثيقة نشرها موقع "نوبلز نيوز" عن تورط دحلان في مقتل ياسر عرفات وتضمنت الوثيقة رسالة من دحلان الذي كان يشغل منصب وزير شؤون الأمن الفلسطيني آنذاك إلى وزير الحرب الصهيوني وقتها شاؤول موفاز يعرض فيها واقع الفلسطينيين الذين تسيطر عليهم "المافيا التي تنشر الفوضى",على حد قوله، متعهداً أن يتم استئصال من لا يقبل التعايش مع "إسرائيل"، كما جاء في الوثيقة: "تأكدوا أيضا أن السيد عرفات أصبح يعد أيامه الأخيرة، ولكن دعونا ننهيها على طريقتنا وليس على طريقتكم"، وأفادت الوثيقة بأن دحلان بدأ باستقطاب الكثير من أعضاء المجلس التشريعي من خلال الترغيب والترهيب لتنفيذ مخططه. وكان وزير الداخلية الفلسطيني السابق هاني الحسن قد كشف عن وجود نية "اسرائيلية" لاغتيال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بواسطة احد الفلسطينيين, وشن الحسن هجوما شديدا على دحلان متهما اياه بأنه وراء الفوضى والمظاهرات التي حدثت في مدينة غزة، وتم فيها التهجم على اللجنة المركزية لحركة فتح وحرق صور بعض اعضائها. وقال الحسن: ان دحلان اعد اثناء توليه حقيبة الداخلية في حكومة ابو مازن، خطة امنية قدمها الى الولايات المتحدة ورفض تسليمها الى اللجنة المركزية لحركة فتح وهو ما اثار شكوكا وريبة حول مضمونها.

 

وما قام بهد دحلان قبل سنوات ضد عرفات محتميا بعباس حينا وبرجاله النافذين حينا آخر يقوم به اليوم تجاه عباس وبنفس الطريقة تقريبا فقد أعد خطة عرضها على الاحتلال والادارة الامريكية بشأن اقتحام غزة في معزل عن قيادة فتح مما يشير إلى رغبته  في السيطرة على السلطة في رام لله وتقديم غزة كقربان للاحتلال والأمريكيبين ليؤكد قوة نفوذه وأنه القادر على التصدي للمقاومة وأن مهمة عباس انتهت وأنه أصبح قليل الحيلة, ومن هنا بدأ بشن حرب على عباس متهما إياه بحماية الفساد وقال: إن عباس يأخذ نجليه معه في كل سفرية ليعقدا صفقات تجارية مستغلين نفوذ والدهما وتحدث عن علاقة غير شرعية لعباس بفتاة تعمل في مكتبه, لقد وصلت هذه التصريحات لعباس عن طريق أحد مرافقي دحلان الذي سجل له, كما وصلت إليه أيضا معلومات عن محاولة إقناع دحلان لناصر القدوة ابن شقيق ياسر عرفات بالإطاحة بعباس وتولي السلطة بدلا منه, كما سعى لتعزيز نفوذه داخل الاجهزة الامنية وداخل السفارات الفلسطينية في الخارج طوال الفترة الماضية, ولمعرفة عباس بتاريخ دحلان الخياني قرر حسم القضية سريعا فقام بعزل رجاله وسحب الحراسة التي كانت على بيته, واغلق قناة الغد المقربة منه وقرر محاكمته داخل اللجنة المركزية للحركة, وهو ما تم الإعلان عنه رسميا مؤخرا لاول مرة ؛الامر الذي اصاب دحلان بالصدمة وقرر المثول للجنة التحقيق بعد أن كان يرفض ذلك طوال الفترة الماضية. إن دحلان كان السبب المباشر لحالة الانقسام الفلسطيني الحادثة الان وهو الذي اوحى لعباس بامكانية التخلص من حماس في غزة والانقلاب عليها قبل ان يفر هو ورجاله منها كالجرذان, وعندما فشل مخططه اتهم حماس بانها وراء الانقلاب خلافا لما أكدته الوثائق التي عثر عليها داخل اجهزة الامن الوقائي التابعة لدحلان في غزة عقب هزيمته وفراره.

 

قد يبدو للبعض أن هذه الحلقة هي النهاية لواحد من أكبر العملاء في تاريخ القضية الفلسطينية لكن الواقع يكذب ذلك فلدحلان حتى الان رجاله داخل فتح المرتبطين معه بمصالح, وبعضهم يمسك دحلان عليهم مستندات تدينهم في قضايا فساد وقضايا اخلاقية, كما أن بعض الانظمة العربية وثيقة الصلة بالقضية ما زالت تعطي ثقتها لدحلان وترى أنه رجل المستقبل نظرا لعدائه الشديد لحركة حماس وللمقاومة بصورة عامة ولتعاونه معهم في العديد من الملفات الامنية , كذلك يرى الاحتلال والادارة الامريكية معه أن دحلان ورقة رابحة في ظل ضعف عباس ولعدم وجود البديل المناسب له في الوقت الحالي؛ لذا فقد تشهد الفترة القادمة مرحلة صعود أخرى لدحلان وهو ما سيؤدي حتما لانقسامات اكبر داخل فتح واستحالة تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية بين الفصائل المختلفة, وهو ما سيكون في مصلحة الاحتلال وتنفيذ مخططاته الرامية لتهويد القدس وهدم الاقصى والاستمرار في بناء المغتصبات.