أنت هنا

ابن علي ..ليس وحيداً!!
23 محرم 1432
موقع المسلم

(سيدي بو زيد) اسمٌ مغمور ربما لا يعرفه إلا أهل تونس،فهو عبارة عن اسم ولاية أو إقليم في الداخل البعيد عن العين مثلما هو بعيد عن القلب،إذ إنه لا يحظى بشهرة صفاقس أو جزيرة جربا أو الحمامات أو المستنير....
فجأة أصبح الاسم أكثر شهرةً من نار في رأسها عَلَمٌ،يتردد في وسائل الإعلام على اختلافها، وأضافت التغطية معلومات موثقة تتمثل في نشر خريطة لتونس،تُبْرز موقع منطقة سيدي بو زيد.

 

اندلعت الشرارة على أيدي مواطنين أغضبتهم البطالة المتفشية بين حَمَلَة الشهادات الجامعية،فتجمعوا للتعبير عن استيائهم لتصب عليهم أجهزة القمع جام غضبها،بعد أن استفزتها "وقاحة"هؤلاء الذين ازدروا-عملياً-ترهيب النظام البوليسي وبطشه!!فقد تغلب أولئك البسطاء على الاستكانة القسرية المديدة التي أدمنوها،حتى توهم الطاغية أن إحساسهم قضى نَحْبَه وولى إلى غير رجعة.

 

بيد أن التنكيل بالمحتجين أتى بنتائج عكسية،فقد ازداد المتظاهرون جرأة،ثم أخذت الرقعة تتسع إلى مناطق أخرى وشرائح متعاطفة.
جُنّ جنون نظام ابن علي،وعبثاً راح يفتش عن كبش فداء ،فلم يجد في التظاهرات أي ملمح سياسي ولا سيما شبح أعدائه"المفضلين" من الإسلاميين المذبوحين بقسوة مفرطة بشهادة حُماة النظام في عواصم النفاق الصليبي.بل إن أكثر النسوة المشاركات في الاحتجاجات هن من النوع الذي يروّج له النظام :سافرات-بصرف النظر عن كونهن مقتنعات بالتهتك أم مكرهات -!!

 

ومع ذلك،وجد رأس النظام في جعبته من الصفاقة ما يكفي لكي يتهم"المتطرفين"بالمسؤولية عن الأعمال "غير الحضارية"التي"تشوّه"صورة تونس في الخارج،ولا تشجع على تدفق الاستثمارات الأجنبية!!

 

فالحضارة في عُرف هذا النظام اللا ديني وأشباهه،تتلخص في محاصرة الإسلام في المسجد-مع التضييق  على الصلاة والمصلين-وتعرية النساء بالضغط والإكراه،والرضوخ للبطالة والجوع والفقر،والتصفيق للحلقة الضيقة المقربة من المستبد، والتي تنهب ثروات البلد وتعيش عيشة الأباطرة على حساب الأكثرية المطحونة.
إن النظام مذعور ليس لأن الرعية الذليلة دبت فيها روح الرفض والتمرد على الظلم فحسب،وإنما لأن ذريعته لتسويغ سياسته الدموية قد سقطت.والذريعة هي أن التنمية الاقتصادية تحظى بالأولوية المطلقة،وأن أي إصلاح سياسي يجب تأجيله حتى يتم تطوير البلاد اقتصادياً!!

 

صحيح أن هذه الأكذوبة الرخيصة التي تفننت فيها جميع النظم التغريبية الديكتاتورية في المنطقة،ساقطة في أصلها لأن تحقيق أي تنمية فعلية أمر مستحيل  في ظل تحويل المجتمع إلى قطيع والوطن إلى سجن كبير.لكن ما أهان النظام وضربه على عصبه الحساس،أن تظاهرات الجياع أصابت الأسطورة في مقتل،وهتكت أركان الصورة المزيفة في الإعلام الاحتكاري،الذي يفتري حين يزعم أن الرخاء يعم البلاد،وأن الناس مقموعون لكن أحوالهم المعيشية بهية!!

 

إن ما يجري في تونس يتجاوز نظام زين العابدين لأن هذا النمط الغارق في الفشل والفساد لا يقتصر على تونس التي كانت خضراء ذات يوم،بل إن هذا النظام مجرد  عضو في نقابة المستبدين العرب،الذين أضافوا إلى البطش بمواطنيهم الإفقار المنظم لهؤلاء وتجويعهم لتركيعهم ولكي يسرق هؤلاء الطغاة وأزلامهم ثروات الأمة لملذاتهم الخاصة مع حواشيهم الفاسدة المُفسدة.

 

ولذلك لا ينبغي للعقلاء تشبيه هذه الفئة المجرمة بطاغية مثل ستالين فذاك المجرم قتل الناس بالجملة لكنه قاد حرباً شرسة لتحرير بلده من الغزاة النازيين،ثم جعل  روسيا دولة نووية عظمى وهلك وليس له ولا لأفراد عائلته حساباتٌ سرية في سويسرا،أما عبيد الغرب من المستبدين العرب فهم جزارون كستالين ولكن ليس لهم "حسنة"واحدة من حسناته النادرة!!

 

ولم يمنحنا جلاد ليبيا فرصة لنتوقع هبّة أعضاء النقابة للتضامن مع زميلهم ابن علي المحاصَر من شعبه الثائر،فسرعان ما قرر فتح حدود بلاده أمام الجياع التونسيين لتخفيف نقمتهم على ديكتاتورهم.والسؤال الحتمي:لماذا كانت ليبيا مغلقة في وجوه الأشقاء؟أم أن العقيد اكتشف اليوم فقط أن جيرانه في تونس عرب؟