حرب الفرقان.. وهاجس "إسرائيل" من تكرار العدوان
22 محرم 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

مر عامان على العدوان الشرس الذي شنته قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة أواخر ديسمبر من عام 2008 وأوائل 2009، ولازالت الذاكرة حية بـمشاهد الدماء والدمار التي خلفتها حرب استخدمت فيها "إسرائيل" جميع الأسلحة المحرمة وغير المحرمة لتقتل بدم بارد 1400 فلسطينيا أغلبهم من النساء والأطفال في ظل تواطؤ أمريكي وإدانات شفوية من العالم والأنظمة العربية.

 

فما خلفته الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة من ضحايا ودمار على مدار ثلاثة أسابيع فقط يفوق ما خلفته خلال سنوات طويلة من العدوان والاحتلال، الأمر الذي يعكس ضخامة الوحشية الصهيونية، التي حاولت اقتلاع حركة حماس، لكنها خرجت من حربها مخذولة، في حين وجه صمود الشعب الفسطيني والمقاومة في غزة، صفعة قوية للاحتلال الصهيوني وأعوانه.

 

وبدأت قوات الاحتلال عدوانـها آنذاك بشن غارات واسعة على أغلب المقرات التابعة لوزارة الداخلية، ومواقع كتائب القسام، والفصائل الفلسطينية، إلى جانب استهداف المقرات التابعة للحكومة لتوقع مئات الشهداء والجرحى.

كما استخدمت أنواعاً مختلفة من الأسلحة، كما قامت القوات الجوية والبرية والبحرية التابعة لها بإطلاق آلاف الصواريخ والقذائف الموجهة التي يصل وزن الواحدة منها نـحو ألف كيلوجرام، حيث نالت من كل شيء في غزة ولم تفرق بين مدني أو عسكري.

ومع استمرار الغارات التي لم تتوقف ليلاً أو نهاراً، شنت قوات الاحتلال في اليوم الثامن للعدوان هجوماً برياً حشدت خلاله مزيداً من قواتـها واندفعت إلى عمق القطاع من عدة محاور، من الشمال والجنوب والوسط تحت مظلة من النيران الكثيفة براً وبحراً وجواً.

واستخدمت قوات الاحتلال في عدوانها مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، بما في ذلك الأسلحة المحظور استخدامها ضد المدنيين وممتلكاتهم، بـما يؤكد تعمد إيقاع الأذى في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

 

وكان من أبرز الأسلحة المحرمة دولياً القذائف الفسفورية، والقذائف المغلفة باليورانيوم، والقذائف المسمارية الأمر الذي خلف آثاراً بالغة الخطورة على الأشخاص والممتلكات على حد سواء.
وخلفت الحرب حوالي 1400 شهيد، و5500 جريح، غالبيتهم من المدنيين، حيث كان من بين الشهداء 318 طفلاً، و111 امرأة، وبـحسب اللجنة المركزية للتوثيق وملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، فقد استهدف العدوان جميع مناحي الحياة في قطاع غزة، حيث لم تسلم المساجد والمؤسسات الحكومية والصحية والشركات التجارية ولا حتى المقابر من القصف والتدمير.
وشهد قطاع غزة المحاصر منذ 4 أعوام، خلال فترة العدوان، أوضاعاً إنسانية كارثية، تدهورت خلالها مختلف جوانب الحياة للسكان على نحو غير مسبوق، تعرضت خلالها حياة نـحو 1,5 مليون فلسطيني يقطنون غزة إلى خطر حقيقي، هدد حياتـهم بصورة جماعية.

 

وعلى الرغم من وحشية العدوان لم تستسلم المقاومة الفلسطينية، ونـجحت وعلى رأسها كتائب القسام في صد العدوان، واستمرت في إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف وخوض الاشتباكات، حتى اضطر الاحتلال للانسحاب من جانب واحد، دون أن يـحقق أهدافه من وراء العملية بعد ثلاثة أسابيع من الدموية.
فقد كان العدو يضع ثلاثة أيام كحد أقصى لإنهاء حكم حماس ومنع إطلاق ما يسميه أعوانه وعلى رأسهم الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس بالصواريخ " العبثية"، فضلا عن إعادة الجندي الأسير جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة في يونيو 2006 ، لكنها امتدت إلى ما يزيد عن العشرين يوما دون أن يحقق العدو أيا من أهدافه.

 

ووفقًا للإحصائيات الرسمية التي اعترفت بها قوات الاحتلال الصهيوني خلال حرب غزة فقد قُتَل منهم تسعة جنود صهاينة خلال العدوان، وإصابة العشرات وتدمير آليات ودبابات "إسرائيلية".

وفي الذكرى الثانية للعدوان، جاء وزير الداخلية في حكومة غزة فتحي حماد ليؤكد أن وزارته تمكنت من تشييد وإعادة بناء وإعمار قرابة 50 في المائة من المقرات الأمنية التي دمرتها قوات الاحتلال الصهيوني، خلال الحرب وذلك بجهود ذاتية من الوزارة والحكومة الفلسطينية.
وعلى وقع الذكرى الثانية للحرب الغاشمة يـدق جيش الاحتلال الآن طبول الحرب من جديد، لينكأ بذلك جراحاً لم تندمل بعد. فقد عادت الحكومة "الإسرائيلية" هذه الأيام للتلويح بعملية عسكرية جديدة ضد قطاع غزة تسقط فيها حكم حماس على القطاع بعد اشتباك مسلح سقط فيه ناشطان من الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وإعلان حالة تأهب في صفوف البحرية الصهونية.

 

وادعى الجيش "الإسرائيلي" أنه اشتبك مع الفلسطينيين بعد أن حاولا زرع عبوة ناسفة على طريق يسلكه جيش الاحتلال على الحدود..

وإثر ذلك توالت تصريحات المسئولين الصهاينة والتي تبرر لعدوان جديد، فها هو نائب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" من حزب الليكود سيلفان شالوم يقول إنه لا يستبعد "أن تضطر إسرائيل إلى تنفيذ عملية عسكرية أخرى في قطاع غزة"، مضيفا "أن الوضع في محيط القطاع لا يمكن أن يستمر كما هو عليه الآن".

أما الوزير الإسرائيلي يوفال شتاينتس من حزب الليكود اليميني المتطرف فقال "إن) إسرائيل) ستضطر عاجلا أم آجلا إلى البت في مسألة إسقاط حكم حماس في قطاع غزة".

 

وأمام هذا التهويل والمبررات، أكد رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية أن "إسرائيل تلجأ إلى التمويه والتحريض والمبالغة في القوة المضادة لها حتى تبرر للعالم استخدامها القوة الباطشة ضد الطرف المقابل لها".
وشدد هنية على حق فصائل المقاومة الفلسطينية في أن تملك ما تريد في إطار الدفاع المشروع عن الشعب الفلسطيني، مؤكداً سعي "إسرائيل" عبر تصعيد خطابها الإعلامي والسياسي لتبرير ما تقوم به ضد غزة.
لكن هنية استبعد أن تقوم "إسرائيل" في المنظور القريب بشن حرب جديدة ضد قطاع غزة، لكنه قال إن ذلك "لا يعني أن العدو قد تخلى عن نواياه ضد الشعب الفلسطيني" مؤكداً أن مقاومة قطاع غزة أقوى مما كانت عليه خلال الحرب الماضية.
وأكدت كتائب القسام في ذكرى العدوان أنها تستعد لصد عدوان محتمل من جانب الصهاينة، مؤكدة أنها ستكون جاهزة للتصدي لأي عدوان رغم فارق الإمكانات. وشددت على أنها اليوم أكثر قوة وأصلب عوداً وأشدّ استعداداً لمواجهة العدو الصهيوني، وهي تعلن دوماً أن لا عودة إلى الوراء بل إنها تسير بخطى ثابتة في طريقها الصاعد.

 

وبعد عامين على معركة الفرقان، لا زال العدو ينظر إلى غزة بعين الريبة من تصاعد قوتها من جهة وعين الانتقام من جهة أخرى، لإعادة قوة الردع التي تحطمت على أعتابها.
وتؤكد كل الوقائع والمؤشرات على أن غزة التي تحكمها الشرعية وتواطأ عليها القريب والبعيد والصديق قبل العدو، باتت اليوم أقوى شوكة وأصلب عودا من أي وقت مضى رغم الجراح التي لا زالت تنزف.
وإذا فرض العدو المواجهة وأراد أن يختبر رد المقاومة "فسيجد منها رداً قاسياً" وعلى قادة العدو أن يدركوا أن العدوان على غزة لن يكون نزهة أبداً" كما يقول أبو عبيدة الناطق باسم القسام معتبرا أن الاحتلال فشل فشلاً ذريعاً في حرب الفرقان واليوم المقاومة أقوى من ذي قبل والعدو إلى الفشل أقرب.