حماس في 23 عاما.. احتلال وحصار وحرب
8 محرم 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

23 عاما هي عمر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) استطاعت خلالها أن تقدم نموذجا رائعا للمقاومة والصمود رغم الحصار وممارسات الاحتلال بل استطاعت أن تشكل رقما في المعادلة الفلسطينية وأصبحت المراحل التي مرت بها محل اهتمام الباحثين والخبراء الذين ينظرون لهذه التجربة من تاريخ الشعب الفلسطيني على أنها فريدة من نوعها.

ولعل التفاف أهالي قطاع غزة حول الحركة التي تتوقع خروج الآلاف من جماهيرها في مهرجان ذكرى انطلاقها يوم الثلاثاء الموافق 14 ديسمبر يثبت أن الحركة لازالت هي خيار الشعب الفلسطيني وشعبيتها في ازدياد متواصل ليس في فلسطين فقط بل العالم أجمع - بعكس ما يدعي البعض أنها فقدت جزءا كبيرا من شعبيتها بعد وصولها للحكم- وذلك لأنها تؤكد على أن فلسطين هي للشعب الفلسطيني وأن المقاومة هي طريق التحرير.

 

 

هذا التأكيد جاء على لسان القيادي في "حماس" أيمن طه، قبل يومين من الذكرى، حيث قال إن رسالة الحركة إلى شعبها في يوم انطلاقتها ال"23" أنها ستبقي حريصة على الجهاد والمقاومة وحماية الأرض والمقدسات.

وعن مسيرة حماس طيلة 23 عاما، أكد طه أن الحركة قدمت نموذجا رائعا رغم الحصار والقتل والاغتيال"، ونجحت في قيادة الشعب، لذا فهي ستسعى لاستكمال مشروع التحرر الوطني، وستعمل جاهدة من أجل تحرير الأرض وستكون رأس الحرب في مواجهة الاحتلال في المنطقة لتحرير الأرض وستنتقل من الدفاع للهجوم لتحرير كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقد شهدت فعاليات الانطلاقة الثالثة والعشرين على مستوى محافظات غزة تفاعلا جماهيريا عاليا في وهو ما يؤشر لنجاح مهرجان الانطلاقة الثالثة والعشرين لحركة حماس خان يونس بحسب مسئول العمل الجماهيري بخان يونس باهر الأغا الذي أشار إلى أنه رغم الأجواء الشتوية والرياح إلا أن المشاركة في الفعاليات كانت فوق المستوى المطلوب. 

 

 

القوة والضعف

وفيما يتعلق بنقاط القوة والضعف التي مرت بها مسيرة الحركة طيلة 23 عاما يقول المحللون إن حماس نجحت في أن تكون حركة جماهيرية واسعة الانتشار على المستوى العربي والدولي وأضافت فصلاً رائعًا للمقاومة، فهي حركة استمدت قوتها وانتشارها من الإسلام وتبنيها للجهاد والكفاح المسلح ضد الاحتلال.

كما يأتي تحسن الوضع الأمني الكبير في قطاع غزة أبرز إيجابيات الحركة في الفترة الأخيرة وذلك يرجع لحكمها للقطاع -الذي اعتبره البعض جاء على حساب المقاومة-، كما تمكنت من بناء مؤسسات من الدرجة الأولى على خلاف الحركات الأخرى، فضلا عن نجاحها في تنسيق علاقات ميدانية مع كافة الفصائل في حال وجود أي اعتداء ضد القطاع.

فحماس اليوم بعيون أهالي غزة الأكثر شرعية، ونفوذها السياسي بين الفلسطينيين يتزايد على حساب حركة فتح التي لم تنجح في تقديم الخدمات للمواطنين، ولم تحقق السيادة على طاولة المفاوضات، بل تعد شريكة للاحتلال في حصار القطاع ، هذا فضلا عن التنسيق الأمني المكثف الذي تشارك به حكومة سلام فياض غير الشرعية في الضفة الغربية مع الاحتلال ضد الفلسطينيين خاصة المجاهدين منهم.

 

ويؤكد الدكتور سامي أبو زهري، المتحدث باسم حركة "حماس" أن الحركة أصبحت رقماً صعباً في الصراع في الاحتلال الصهيوني لا يـمكن تـجاوزه، وأن حضورها السياسي المقاوم، فرض نفسه على جميع الأطراف، مشيراً إلى أن "حماس" برهنت على مصداقية مشروعها من خلال النموذج الذي صنعته في غزة؛ فقطاع غزة رغم صغر مساحته تعرض لحصار خانق، وحرب طاحنة، كانتا كفيلتين بإسقاط أكبر الدول والحكومات، لكن الحركة صمدت ثـم بفضل الالتفاف والاحتضان الجهاهري الكبير لها في غزة.

فقد سجلت حركة "حماس" نـجاحاً في معركتها مع الحصار الخانق على قطاع غزة، وكذلك في معركة الصمود والثبات بـ "حرب الفرقان" 2008-2009، التي أراد الاحتلال الصهيوني من خلالها إنهاء الحركة من الخارطة السياسية، ولكنها صمدت.

وفي المقابل كان هناك بعض الأمور التي أخذها بعض المحللين على حماس ، من بينها أن الحركة لم تستطع نسج علاقات سياسية دولية أو تقوية جبهتها الخارجية بسبب رغبة بعض الدول في ألا يكون للحركة أي دور في العالم من جانب ، واهتمام الحركة نفسها بالشق المحلي من جانب ، فضلا عن فقرها للكوادر السياسية ذات المهارات الدولية، يضاف إليه عدم تمكنها من القضاء على الانقسام الحاد بينها وبين سلطة فتح.

 

العمل العسكري
ويعتبر العمل العسكري لدى حركة حماس توجهًا إستراتيجيًّا لمواجهة المشروع الصهيوني في ظل غياب المشروع التحرري الإسلامي والعربي الشامل، وتؤمن الحركة بأن هذا العمل وسيلة ناجحة للحيلولة دون التمدد الصهيوني التوسعي في العالمين العربي والإسلامي، وعمليًّا تحجّم من خلاله التفكير الصهيوني بالتوسع أكثر.

ومع مرور الذكرى الـ 23 لانطلاقة حركة "حماس" التي تتخذ كتائب الشهيد عز الدين القسام جناحا عسكريا لها فإن الإحصائيات تشير إلى أن الكتائب قدّمت حتى الآن ما يزيد عن 2000 شهيد سواء كان في عمليات استشهادية أو عمليات اغتيال نفذتها قوات الاحتلال الصهيوني.

 

وتنسب هذه الكتائب التي تعمل في فلسطين المحتلة إلى عز الدين القسام المجاهد السوري الأصل الذي استشهد على أيدي القوات الإنجليزية في أحراش يعبد قرب جنين عام 1935م. 

وقد بدأت القسام مسيرتها الطويلة بالحجر والسكين، ثم بالقنبلة والرصاصة، ثم بالعمليات الاستشهادية والتفجيرات، وصنّعت سلاحها بنفسها وبرغم التضييق عليها تمكنت من الوصول إلى تصنيع قذائف الهاون وصواريخ القسام التي أثارت الرعب في قلوب المستوطنين، حيث غيّرت بذلك موازين المعركة مع العدو الصهيوني، وأبدعت مؤخرًا في حرب الأنفاق واقتحام حصون الأعداء وأسر جنودهم كما حالة "جلعاد شاليط".

 

ويكاد يجمع الكتّاب الصهاينة ومعهم حشد كبير من المثقفين العرب والفلسطينيين على أن تطويرات كتائب القسام وعلى رأسها الصواريخ تمكنت فعليًّا من تسجيل نجاح حقيقي على أرض الواقع.
وفي بضع سنوات من عمر انتفاضة الأقصى المباركة عام 2000 نـجحت "كتائب القسام" أن تتحول إلى "جيش" حقيقي، موزع على كتائب، وسرايا، وفصائل، وتقسيمات أخرى مثل وحدة الدروع، والهندسة، والمشاة، ووحدات الدفاع جوي، والتصنيع العسكري.

وكما كانت غزة و"حماس" عصية على الاحتلال، فقد كانت كذلك على وكلائه، الذين حاولوا بكل ما يـملكون إسقاط الحكومة الفلسطينية العاشرة، ومن بعدها حكومة الوحدة الوطنية، وذلك بعد محاولات إلغاء نتائج الانتخابات التشريعة الفلسطينية التي أفرزت "حماس" لقيادة الشعب الفلسطيني.

 

 
لـكن كل هذه المحاولات التي جرت منذ منتصف 2007، لجعل الجماهير تثور على "حماس" وحكومتها بائت بالفشل الذريع، بل انقلبت على رؤوس أصحابـها، فـحركة "حماس" –بـحسب تأكيد المراقبين- ضاعفت من قوتـها عدة مرات، ورسخت من تواجدها التنظيمي والشعبي، ونجحت عبر الحكومة التي تقودها بأن تقدم نـموذجاً جديداً في العدالة والشفافية، لبت طموحات الجماهير رغم الحصار الخانق والحرب الشرسة.

 إذن فـ"حماس" خلال 23 قدمت نموذجًا للصمود والثبات أرق الأعداء، فهل ستظل محافظة على الثوابت الوطنية غير آبهة بتهديدات الاحتلال والضغوط الخارجية والحصار الخانق؟ وهل سيكون خيار المقاومة هو الخيار الأمثل لها لمواجهة الاحتلال والعزلة الخارجية من أجل تحرير الأرض؟