أنت هنا

الكويت... التغريبيون ووأد الحريات
7 محرم 1432
موقع المسلم

مهما قيل في التجربة الكويتية فإن الأمر المؤكد والمجمع عليه،أن دولة الكويت سبقت محيطها ولا سيما أكثرية الدول العربية في تأسيس هيكلية سياسية تقوم على قسط وافر من الحريات الفردية والعامة.
صحيح أنها تتراوح بين المَدّ الجَزْر،فتارةً يجري حل مجلس الأمة"البرلمان"،بل يتم تعطيله فترة،لكن النظام الكويتي ظل –بعامة-وفياً لأسسه ومنطلقاته،ولذلك سرعان ما يتجدد النشاط السياسي الاجتماعي بقوة وهمة.

 

 

وليس من دليل على رسوخ  هذا النهج،من تجربة الغزو الأليمة،إذ أثبت الكويتيون أن قواعد نظامهم السياسي موضع إجماع لا يشذ عنه أحد.
بيد أن التعثر الذي بات أكثر حضوراً في العقدين الأخيرين،كان مثيراً للاهتمام،ومحط جدل صاخب بحثاً عن الأسباب الكامنة وراءه،لتفسير التحولات السلبية المتنامية،والتي أصبحت تقلق بال كثيرين على المستقبل،وبخاصة في ضوء تشابك الظروف والمعطيات المحلية والإقليمية المعقدة.
وإذ نقدم هنا تفسيراً مدعماً بالأدلة والبراهين،فإننا لا نراه أكثر من اجتهاد نسأل الله عز وجل أن يجزينا عليه أجرين،تأسيساً على قاعدة سلفنا الصالح في المسائل الخلافية:رأيي صواب يحتمل الخطأ،ورأيك خطأ يحتمل الصواب.

 

 

لتلاحظ ابتداء أن انطلاق التجربة الديموقراطية في الكويت  تزامن مع المد التغريبي الجارف قبل زهاء نصف قرن،بصرف النظر عن تلوناته وأطيافه ما بين راية يسارية وشعار قومي علماني،لأن القاسم المشترك بين تلك الرايات كافة هو ازدراء الدين واعتباره رجعية وتخلفاً.

 

واستغل التغريبيون في تلك الحقبة عنصرين مهمين،أولهما جهل أكثر الناس بحقيقة دينهم بعد قرون من الجهل وعقود من القهر الصليبي العسكري المباشر،والثاني:هو تفرد تلك النظم بالسلطات جميعاً،واحتكار سائر عناصر القوة المادية والتوجيهية في المجتمعات.

 

 

ولذلك اقترنت الحريات السياسية في الواحة الكويتية بإطلاق حريات سيئة على الصعيد الاجتماعي،وتجلت المفارقة في اقتصار الحريات السياسية النسبية على الكويت ولبنان فقط،أما في عواصم الاستبداد العربية الرازحة تحت أحذية الضباط المتسلطين فلم يكن فيها سوى حرية الكفر وحرية المجون والتهتك.وما زال الأمر كذلك في الأغلب!!
وعلى غرار سائر المجتمعات المسلمة،كانت الكويت على موعد مع بوادر عودة الروح إليها،فبدأت معالم الصحوة الإسلامية تبرز رويداً رويداً في ثمانينيات القرن الميلادي العشرين.

 

 

أما فترة ما بعد الغزو الصدامي فكانت إيذاناً بولادة مشهد آخر،حيث أصبح التيار الإسلامي أقوى حضوراً وأعمق تأثيراً في شتى مناشط الحياة،من خلال العمل الخيري الذي وضع للكويت بصمة فريدة تزهو بها عن جدارة،ومن خلال الإصلاح الاجتماعي والريادة السياسية...
وهنا دب الذعر في قلوب الغربيين وأتباعهم،فعملوا بكل طاقاتهم لتشويه الصورة الناصعة،لكن النتائج جاءت عكس مشتهاهم،فالمجتمع الكويتي بتعداده الصغير نسبياً يعرف بعضه بعضاً،فلا تستطيع الدعاية الإعلامية الزائفة تحريف الحقائق،ما دامت الصلات المباشرة والعلاقات الاجتماعية الحميمة تدحضها.

 

 

ولعل هذا الحصاد التغريبي المرير يلقي ضوءاً كاشفاً على اللغة البذيئة الحاقدة التي يتحدث بها رموز التغريب هناك عن الإسلاميين جملة وتفصيلاً،وكذلك على دعواتهم الرخيصة للسلطة التنفيذية أن تتبنى نهج القمع،بذريعة أن الأكثرية جاهلة!!وهو مطلب لا يقل عن مستوى فضيحة من الحجم الضخم،لأنه يصدر عن زعامات تزعم أنها رائدة في تبشيرنا بعصر الشعوب والحريات الأساسية.

 

 

وما لم تحسم الدولة قرارها وتنأى بالبلد عن أهواء حفنة من التغريبيين المنبوذين المتحالفين مع قوى التبعية الطائفية،فإن المشكلات سوف تستمر بل إنها قد تغدو أشد خطورة على أمن الكويت ورخائها واستقرارها.