أنت هنا

ميرزا.. الكرامة الغائبة والسلطة المنحلة
29 ذو الحجه 1431
موقع المسلم

المحير في تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته الذي فجرها مؤخراً أنها تحمل اعترافاً كاملاً بالفشل والإخفاق التام في الوفاء بمتطلبات وظيفته المغتصبة، ومع هذا فهو يبقى مصراً على البقاء في منصبه رغم ذلك.
يخالف محمود عباس ميرزا كثيراً من الحكام الديكتاتوريين في عالمنا الصغير الذين يفاخرون بإنجازات وهمية، ويسوقون الخيالات لشعوبهم، ويزيفون الوقائع خداعاً لبني قومهم؛ فالرجل صريح ويعلن فشله بكل وضوح، ولا يحول بينه وتلك الصراحة خشية أن يقال: لم إذن تبقى أنت بالذات في السلطة المغتصبة حتى هذه اللحظة وقد انتهت مدته الرئاسية منذ ما يقارب العامين.

 

يتحدى ميرزا "إسرائيل" ويقول إنه سيسلمها البلاد إن لم تكف عن بناء المستوطنات، وسيحل السلطة الفلسطينية ما دامت توفر على الكيان الصهيوني فاتورة الاحتلال، وتجعله يتنصل من مسؤوليته القانونية الدولية، وهو تهديد لا يصدر إلا عن نفس انهزامية مردت على الاستسلام، رضت بالدنية.

 

إن السلطة المنحلة، أو التي "يبشر" الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته بحلها، كرست نفسها منذ رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لخدمة الاحتلال الصهيوني وكبح المقاومة في الضفة وتسليم المقاومين ووأد النضال الفلسطيني في الضفة الغربية، واستمرأت المذلة والمهانة وارتضت بتوسيع هوة الانقسام الفلسطيني وهددت وحدته الجهادية والنضالية التي جمعت فصائله دوماً تحت مظلة مشتركة من الرفض المتعدد الأوجه للاحتلال والسعي لإزالته، ثم هي الآن لما دب الشقاق في صفوفها وفاحت روائح التنافس غير الشريف بين أجنحتها تحاول أن تخترع العجلة بالحديث عن العودة إلى ما قبل أوسلو التي كان ميرزا هو مهندسها الأول عندما دبرت مفاوضاتها السرية بليل بهيم.

 

آلآن بدأ يدرك ميرزا أن تحالفه مع دحلان هو أوهن من أن يحافظ على قدر من احترام أصول اللعبة ولو كانت في اقتسام كعكة السلطة.. أوعند هذا المفترق بدأ فقط يفهم عباس أن هنية الذي تعالى عليه كثيراً في الضفة كان أبر من أن ينقض عهداً، وأوفى من أن ينسى وعداً، وكان الاتفاق معه حول قواسم مشتركة للقضية المشتركة أنفع في الحفاظ على تماسك وهيبة وقوة الفلسطينيين أمام احتلال لم يزل يعاني حتى من مجرد حريق في غابة؟!

 

لا، في الواقع، أدرك ميرزا وفهم، لكنه بعد لم يزل متشبثاً بأوهام أوسلو التي جعلت خطيئة التصريح الكبرى تمر من بين شفتيه دون أن يتوقف عند مغزاها، لا هو، ولا أولئك الذين دوماً ناصروه في اتجاه يعاكس إرادة الفلسطينيين الشرعية، شرعية الأهداف، وشرعية السلطة المنتخبة.. لقد كانت الخطيئة بادية في تصريحات ذليلة بائسة.. الرجل يقبل بأن يعيد الضفة للاحتلال ولا يقبل بحال أن تعود للحكومة الفلسطينية المنتخبة بقيادة زعيم الشعب، إسماعيل هنية.

 

نعرف أن هذا هذر، ومحض استهلاك محلي، وتصريحات جوفاء لم تزل تتردد من أناس يوحون بزهدهم في سلطة هم عليها عاكفون، ولكن التصريحات كانت جديرة بأن نتوقف عندها، لاسيما حينما يقول رئيس غير شرعي أنا فاشل وسأحل الدولة وسأتركها للاحتلال، وكل ذلك يهون في سبيل ألا أمنحها للفائزين الشرعيين في الانتخابات!!