أنت هنا

أخيراً كلفت إيران المالكي بتشكيل الحكومة
6 ذو الحجه 1431
موقع المسلم

بعد ثمانية أشهر من الأخذ والرد وإعادة اختراع العجلة، بدأ النظام العراقي بالرجوع إلى نقطة الصفر مرة أخرى باختيار زعيم الأقلية في البرلمان رئيس الوزراء المكلف نوري المالكي بتشكيل الحكومة العراقية متجاوزة إياد علاوي وكتلته "العراقية"، وتنفيذ ما سبق للأخير التأكيد عليه حين قال "أعتقد أن الولايات المتحدة تقف ضدي، وهي تحاول أن تدعم فقط من له علاقة جيدة مع طهران".

 

وأما من تريده إيران فليس سراً أنه نوري المالكي، وهي قالت ذلك صراحة الشهر الماضي عندما شدد نائب وزير الخارجية الإيراني رؤوف شيباني على أن اختيار المالكي لتشكيل الحكومة هو "أحد الخيارات المناسبة للعراق".

 

هكذا إذن التأم البرلمان العراقي لتقول إيران فيها قولتها الفاصلة في اختيار رئيس وزرائها المعين في العراق، وهكذا أدارت الولايات المتحدة ظهرها للأغلبية الشكلية التي تفيد نتائجهم السقيمة للانتخابات العراقية عن اختيار الزعيم الشيعي العلماني إياد علاوي، وبعد سلسلة من الإجراءات التي زورت بها الدولتان اللتان تحتلان العراق إرادة الشعب العراقي عبر التلاعب في نسب التمثيل المذهبي بالعراق عبر تكريس دوائر كثيرة للأقلية الشيعية في مناطقهم (ككربلاء والنجف والعمارة) في مقابل اختصار عدد دوائر مناطق السنة (كالفلوجة وديالى والرمادي)، وبعد وضع قائمة المرشحين قبل الانتخابات على طاولة الفرز الطائفي الإيرانية، واستبعاد عدد هائل من كوادر سنية بذريعة قانون اجتثاث البعث، والذي بدا أنها إحدى النقاط الخلافية البارزة الآن بين نواب المالكي وعلاوي بعد أن نكث الأولون بتعهداتهم بإسقاط بعض التهم المكارثية عن النواب السنة ونشطائهم، برغم منحهم رئاسة الوزراء والمناصب السيادية في الحكومة.

 

نقول: برغم كل التعسف الذي لاقاه السنة في إجراءات الانتخابات نفسها ناهيكم عن أعمال العنف التي حالت بين معظم سياسييهم والحلول داخل دائرة العمل السياسي وإن كان تحت الاحتلال، إلا أن ذلك لا يكفي شره الطائفيون نحوهم، وبمجرد أن سمع هؤلاء صوتاً هامساً ـ ولو كان شيعياً عرفته أروقة الاستخبارات المتعددة قبل أن تعرفه ميادين السياسة والتجمعات الشعبوية والجماهيرية ـ هرعوا لإسكاته وإضعافه فقط لأنه يحوي في قائمته بعض النشطاء من السنة ولو كان أكثرهم علمانيين أو تجار وهم.

 

إن الذي قال إن طهران تسعى "لنشر الفوضى في المنطقة بالتدخل لزعزعة الأوضاع في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية" قد حيل بينه ورئاسة الوزراء برغم كل ما فيه من سلبيات ورغم مشاركته لهم في مؤامرة إفراغ العراق من سنته وقادته وعلمائه وكوادره بادئ الأمر، وتم ذلك لحساب "الشيطان الأكبر" و"محور الشر"، كليهما معاً! حتى ديمقراطيتهم العرجاء لم تسلم من تزويرهم لإرادة الناخبين قبل وبعد ظهور النتائج، لتكون المكافأة من نصيب سفاح بغداد الذي رسمت وثائق ويكيليكس بدقة بعض ملامح شخصيته الدموية التي قادته للتعاون مع الحرس الثوري الإيراني وما يُسمى بفيلق القدس لارتكاب أكبر مجازر العقد الماضي.