أنت هنا

أمريكا تسوّق خيبتها بعدساتها!! أسطورة كرة القدم النسائية الأفغانية..
25 ذو القعدة 1431
موقع المسلم

عمدت أبواق الدعاية العسكرية الأمريكية إلى بث لقطات مما قيل: إنها مباراة في كرم القدم بين فريقين نسائيين أحدهما من جيوش الغزو الصليبي بلاد الأفغان، والآخر لفتيات وُصِفْن بأنهن أفغانيات من كابل!! وجرى توزيع اللقطات على فضائيات الأرض ووكالات الأنباء مجاناً، كجزء من الحرب النفسية التي يشنها الغزاة ضد ضحاياهم في الأصل، لإقناعهم بأن الغرب استطاع بعد تسع سنوات أن يقهر العفاف الأفغاني في عقر داره!!

 

لكن الرسالة فاشلة بكل المعايير السياسية والعسكرية والإعلامية والنفسية المعتبرة.بل إننا لا نبالغ إذا ادعينا  أن القوم لو كانوا  يتمتعون بقواهم العقلية ومَلَكاتهم النفسية السوية، لوجب عليهم التكتم الشديد على اللقطات الفضيحة، إلى حد مطاردة من يختلسها ويبثها من وراء ظهورهم، على غرار ملاحقتهم للصحافيين الشرفاء وعلى رأسهم موقع ويكيليكس الشهير.

 

فالمباراة المثيرة للرثاء تجري تحت حراسة أمريكية مشددة، بالرغم من أن الملعب يقع داخل منطقة عسكرية لا سبيل إلى ولوجها فهنالك عدة حواجز تمنع المتطفلين حتى لو كانوا من أزلام جيش كرزاي التابع ذاته!! واللقطات تستعيد إلى الذاكرة مشهد مظاهرات تجري في بعض بلاد العرب، إذ لا يتجاوز عدد المتظاهرين عشرات الأشخاص-أو مئاتهم على أبعد تقدير-في حين يحيط بهؤلاء المساكين حشد ضخم من الجنود المدججين بالسلاح، في ما يشبه الصورة الساخرة في إحدى المسرحيات الهزلية: خلاص أنتو حتحاربوا!!

 

فالمسكوت عنه أو المراد طمسه في اللقطات المزرية أكبر وأشد دلالة مما أراد الغزاة أن يتشدقوا به. فالوقت هو وقت الهزيمة المحققة عسكرياً وسياسياً تحيق بالمحتل وأشياعه، فهم يتسولون مفاوضة طالبان التي تتأبى عليهم وتضع عليهم الشروط تلو الشروط.
ومن الناحية العملية، كان في وسع المعتدين أن يتغطرسوا ويدّعوا الانتصار على قيم المجتمع الأفغاني لو أن المباراة المضحكة المبكية جرت في ملعب عادي، وفي حضور جمهور محلي كبير!!فربما كان لذلك الادعاء حينئذ شيء من الوجاهة يجعله قابلاً للمناقشة والأخذ والرد.

 

أما جلب بضع فتيات متغربات ممن يعشن في الغرب، أو من عائلات الخيانة الملحقة بجيوش العدو لتأمين خدمات وضيعة يترفع عنها الغربيون رجالاً ونساء، فليس بعمل خارق يستحق هذه الاحتفالية الباهتة الواهية.
ولعل من المفيد في هذه الحالة، استدعاء لقطات شبيهة مبكرة، فقد حرص الغزاة وطبولهم على الاحتفاء فور سقوط كابل تحت جنازير دباباتهم، حرصوا على بث صور لنفر من الأفغان يهرولون إلى مشاهدة أفلام سينمائية غربية تم تجهيزها على عجل، ومحلات بيع أسطوانات غناء ورقص ماجن، وآخرين يبادرون إلى حلق لحاهم في صالونات الحلاقة.

 

والفارق اليتيم بين لقطات الأمس تلك ولقطات اليوم هذه، أن الأولى تزامنت مع غطرسة القوة والاستعلاء بنصر همجي في مواجهة غير متكافئة بين جيوش جرارة ومجاهدين يمارسون حرب العصابات. أما الآن فالجميع يدركون أن الجمع مهزومون ويولون الدبر، والمسألة مسألة وقت ليس غير!!

 

ولو كانت لقطات صبيحة الغزو الصليبي  صادقة الدلالة على ما تلهف الأمريكيون إلى قوله من خلالها، لما كانت طالبان تطارد قوات الناتو وتقطع عليهم طرق الإمدادات، بل إنها أصبحت  تحرق إمداداتهم في مهدها وليس في الطريق، الأمر الذي يعني نكاية أكبر، وإهانة أجلى على الصعيد الاستخباري، بالرغم من الفوارق الشاسعة  في القدرات البشرية والمادية التي تجعل أي مقارنة بين الجانبين متعذرة.

 

أما كرة القدم النسائية فتؤكد أن القوم يتخبطون ولا يدركون ما يفعلون، وإلا لاتعظوا من تجارب الغرب مع أمة الإسلام في هذا الحقل، إذ ما زالت هذه الممارسة الشائنة نادرة في عواصم البلدان التي تتسلط عليها نخبة عميلة متغربة تفرض التغريب على الناس بالسياط والحديد والنار!!فكيف بمجتمع شديد المحافظة والاعتزاز بدينه مثل المجتمع الأفغاني؟
إن الغرب بكبره النمطي يرفض الاتعاظ حتى من تجارب التغريب القسري الفاشلة في أفغانستان، وما نبأ الملك المخلوع ظاهر شاه ولا صهره محمد داود ببعيد!!