الأوزبكيات اللاجئات إلى كازاخستان: "في أوزبكستان الاغتصاب والتعذيب والقتل"
16 ذو القعدة 1431
يحيى بن ثابت الطشقندي

تقرير صحفي (من إذاعتي بي بي سي الأوزبكية وأوروبا الحرة)
ترجمة وتعليق/ يحيى بن ثابت الطشقندي – خاص لموقع المسلم

لا يزال مصير المهاجرين والمهاجرات الذين فروا بدينهم وأنفسهم من جحيم كريموف في أوزبكستان إلى كازاخستان المجاورة كمحطة أولى للهجرة البعيدة والشاقة – لا يزال مصيرهم مجهولاً في ظل تعنت وتشدد الحكومة الكازاخية التي لا تزال تساعد طاغية أوزبكستان في قمع المسلمين الأوزبكيين.
خلال السنوات القليلة التي مضت كانت مفوضية اللاجئين لدى الأمم المتحدة هي التي تتولى مسئولية استقبال اللاجئين والنظر في طلباتهم، إلا أن الحكومة الكازاخية سحبت ترخيصها من مفوضية الأمم المتحدة منذ فترة قريبة وكلفت بالمهمة إدارة الهجرة التابعة لحكومة كازاخستان في مدينة "ألما آتا".
ومنذ ذلك اليوم وحتى الآن لم يمنح لأي لاجئ مسلم حق اللجوء ولم يسمح لأحد منهم بالخروج من كازاخستان إلى دولة ثالثة، بل أقدمت السلطات الأمنية لترويع اللاجئين وأسرهم وأطفالهم باعتقال العشرات من رجالهم وتعريضهم لتعذيبات شديدة وتهديدهم بتسليمهم جميعاً إلى الحكومة الأوزبكية.

 

ولم تسمح السلطات الكازاخية لتعيين أي محامي للدفاع عن حقوق ثلاثين مسلما أوزبكيا معتقلا من اللاجئين في كازاخستان منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، بتهمة القيام بأنشطة إرهابية مزعومة في أوزبكستان.
وقد تقدمت أسر وزوجات وأطفال هؤلاء اللاجئين المعتلقين بخطابات ونداءات إلى الرئيس الكازاخي وإلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى المجتمع الدولي طالبين المساعدة في الإفراج عن أزواجهم وإسراع ترحيلهم إلى دولة ثالثة قبل أن تسلمهم الأجهزة الأمنية الكازاخية إلى أوزبكستان التي تنتظرهم فيها التعذيبات الوحشية والاغتصاب والقتل على أيدي السجانين الأوزبكيين المتوحشين.

 

ويقول الناشط الحقوقي الكازاخي "دينيس جيواغا" في تصريح صحفي له بأن اللاجئين الأوزبكيين وزوجاتهم لم يبق أمامهم إلا أحد احتمالين إثنين فقط؛ إما أن يسلّموا إلى السلطات الأوزبكية أو أن يفرج عنهم ليسافروا إلى أي مكان آخر.

وتحكي سيدة أوزبكية مهاجرة تسمي نفسها "رابية" – وهي إحدى اللاجئات الأوزبكيات اللاتي اعتقل أزواجهن- في مقابلة صحفية لها في إذاعة "بي بي سي الأوزبكية" قصة مأساتها ومأساة الأسر الإسلامية في أوزبكستان قائلة:
"لما كنت في أوزبكستان اتهمتني الأجهزة الأمنية هناك بتهمة تدريس القرآن للبنات، ثم قاموا باعتقال زوجي، وضربوا على منزلنا حصارا مشددا بمنع الدخول والخروج، إلا بإذن السلطات ومراقبتها. ولما اقتادوني أنا أيضاً إلى مركز اعتقال وتحقيق سمعت صراخات النساء المسجونات من عند أبواب المعتقل، وكانت قوات الاستخبارات التي اقتادتني إلى هناك يهددونني بالقول: "لقد جمعنا في هذا المكان رجالاً مخصوصين وسنضعكِ بينهم".

 

وتستمر السيدة الأوزبكية في حكاية مأساتها وتقول بأن أختها الشقيقة تعرضت لتعذيبات وحشية على أيدي المحققين أمام عينيها، وكانوا يطلبون منهما الإدلاء بشهادات زور بحق معلّمة النساء في مسجد "القبة الزرقاء" بمدينة "قارشي" بأوزبكستان، واسمها "ميهرنسا حمداموفا".
"لقد شاهدت أختي الشقيقة وهي ممدة ملقاة وراء الكرسي في غرفة التحقيق، وقد عذبوها لإجبارها على الإدلاء بشهادتها بحقي بأني درست البنات القرآن الكريم، ثم طالبوني أيضاً أن أدلي بشهادة ضد السيدة "ذوالخمار" والسيدة "ميهرنسا" بأني تعلمت على أيديهما القرآن وأنهما قامتا بإعدادي للجهاد، وأنهما درّساني دروساً في الجهاد".

 

وتحت وطأة التعذيب تضطر السيدة الأوزبكية التي سمت نفسها "رابية" للإقرار بأنها قامت بتدريس القرآن للبنات بالفعل، وتكتب ورقة الاعتراف بخط يدها.
ثم وبعد أشهر من التحقيقات والتعذيبات تسمح السلطات بزيارة لها إلى بيتها، وتبادر هي باستغلال هذه الفرصة للفرار بدينها ونفسها وتسافر إلى كازاخستان سراً لتطلب من مفوضية اللاجئين هناك حق اللجوء.
وتختم السيدة المهاجرة حديثها وهي تؤكد مرة أخرى وتستنجد المجتمع الدولي بأنها ومثيلاتها من اللاجئات الأوزبكيات في كازاخستان يتهددهن خطر تسليمهن إلى السلطات الأوزبكية هذه الأيام وأنهن سوف يتعرضن للقتل والاغتصاب والتعذيب الوحشي إذا تم ذلك، لا قدّر الله.

 

وفي السياق ذاته، لا تزال تتواتر الأنباء من أوزبكستان حول تشديد السلطات الأوزبكية في جميع أرجاء البلاد اضطهادها للمسلمات المتحجبات، حيث يقوم رجال الشرطة المنتشرين في كل مكان بنزع حجاب كل امرأة متحجبة وإن كانت كاشفة لوجهها، مع تسجيل اسمها وعنوانها ومن ثم تحويل ملفها وملف أقاربها إلى القوائم السوداء، وأما النقاب الذي يغطي الوجه كاملاً فلم يعد له وجود منذ سنوات.