أنت هنا

كيف تؤسس دولة جديدة؟
14 ذو القعدة 1431
موقع المسلم

إعلان لكل مغامر وطامع بالسلطة –مطلقة أو مقيدة لا فرق!!-:
تعلن الولايات المتحدة الأمريكية عن الشروط الأساسية لإنشاء دولة جديدة، وهي:
-أن يكون العميل الراغب في إنشاء دولة مواطناً غير مسلم في أي دولة أكثر أهلها مسلمون، وتعطى الأفضلية للنصارى ثم الذين يلونهم فالذين يلونهم...
-أن يتعهد الزبون بالاعتراف بدولة"إسرائيل" وبتطبيع علاقات دولته تحت الإنشاء بها فور استقلالها.
-أن يمارس البكاء سنتين متصلتين كحد أدنى على اليهود الذين فتك بهم هتلر في محارق الغاز النازية خلال الحرب العالمية الثانية، والرقم المقبول هو ستة ملايين ضحية، ويحصل أصحاب الأرقام الأكبر على أولوية في صفقة دولته.
-أن يعلن انخراطه المسبق والمطلق في الحرب الأمريكية على "الإرهاب"، مع الاستعداد التام للمشاركة في أي حرب تخوضها أمريكا أو تكلفه بخوضها ضد أي جهة قريبة أو بعيدة.
***

 

نحن لا نمارس السخرية الخيالية، بالرغم من إقرارنا بأن ما أوردناه أعلاه يشبه المسرح التهكمي، لكن الحقيقة في الساحة الدولية باتت أغرب من الخيال، وأصبحت أشد منه إثارة لضحكٍ كالبكاء.
فها هو جنوب السودان بزعامة أزلام مجلس الكنائس العالمي على طريق الانفصال، بدعم صريح من العم سام، الذي تمنعه فرحته بهذا الانتصار من شكليات انتظار الاستفتاء المقرر تنظيمه هناك في الأسابيع المقبلة!! فالقوات الدولية تأخذ طريقها للفصل بين السودان وجنوبه المزمع سلخه، في حين فشلت قرارات الأمم المتحدة بالعشرات على مدى ستة عقود في نشر مراقبين بين الكيان الصهيوني والأراضي التي احتلها في عام 1967م!!!
والعراق منذ تحققت أحلام التلموديين وغلاة الصليبيين الجدد باجتياحه، أصبح من الناحية الفعلية ثلاث دويلات، تديرها طهران بالتنسيق الكامل مع " الشيطان الأكبر"، حتى إن تحديد رئيس وزراء شكلي لبغداد أصبح يجري بتعاون علني بين "العدوين"، اللذين اتفقا على تجاوز مرحلة التقية!!
ومصر-كبرى البلدان العربية-يجري ابتزازها برعاية البيت الأبيض لغلمان شنودة في المهجر، فإما التلويح بتفكيك البلد وإنشاء دويلة كنسية في الجنوب، تكمل وظيفة دويلة جنوب السودان، في محاصرة الإسلام لوقف انتشاره جنوبي الصحراء، ولإخضاع القاهرة والخرطوم عبر تحكم العملاء السابقين واللاحقين بتدفق مياه النيل .

 

وفي اليمن يستغل الأمريكيون أخطاء النظام وخطايا الحمقى وعمالة الحوثيين وهستيريا القاعدة، لتمزيق اليمن كيانات متناحرة، والتمهيد لتطويق السعودية قلب جزيرة العرب وقلب العالم الإسلامي!!
إنه المشروع القرمطي بثياب معاصرة وبأحلام أكبر وأشد خطورة، وهو كذلك تجديد لشباب المشروع الصفوي الذي أدت عمالته للغرب الصليبي إلى وقف المد الإسلامي العثماني في قلب القرة الأوربية!!
ومن ينظر إلى خريطة العالم وتغيراتها في العقدين الأخيرين، يلمس عياناً أن ما ندعيه عن حصر حق الاستقلال في المشاريع المناوئة للمسلمين، هو واقع لا ريب فيه، من تيمور الشرقية إلى سايكس بيكو الجديد في العالم العربي.وفي المقابل جرى وأد كل مسعى استقلالي لأي شعب مسلم، من كشمير والشيشان إلى تركستان الشرقية فجنوب الفلبين فإقليم فطاني في تايلند....

 

وربما كان إقليم كوسوفا هو الاستثناء الوحيد من هذه القاعدة الراسخة في السياسة الغربية كلها،  فقد حظي بنوع من التأييد المشروط من بعض دول الغرب وليس منها جميعاً، لكنه استثناء يؤكد القاعدة بدلاً من أن ينفيها.فهو إقليم صغير المساحة محدود السكان شحيح الموارد كما أنه في موقع مخنوق  ومحصور بين أقوياء أوربا، وتم تكليف غلاة التغريبيين بقيادته لكي يكملوا مسيرة المحتلين الصرب السابقة بمسخ هوية مواطني الإقليم لأن أكثريتهم الساحقة من المسلمين!!وها هم الحكام المسلطون على أهل كوسوفا يمنعون الزي الإسلامي المحتشم بصورة أشد غلظة وصلفاً من سياسات ساركوزي التي استفزت جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان الغربية نفسها.
نحن لا نستغرب من عدو الأمة أن يمضي في كيده ضدنا، بل إن العكس هو الصحيح.لكن المتابع الحصيف يؤلمه أن بعض القوى السياسية في بلاد العرب والمسلمين سادرون في غفلتهم عن تلك المؤامرات التي صار ضجيجها قوياً إلى درجة توقظ النائمين منذ قرون!!