أنت هنا

لبنان ولاية إيرانية
7 ذو القعدة 1431
موقع المسلم

بلا تقية ولا أدنى مواربة جاء الاحتفال الطائفي الكبير في لبنان بزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليبرهن على حقيقة لم تعد خافية مع تفرد أجواء الاحتفاء بـ"ضيف لبنان" الأسطوري عن تقاليد الترحيب الرسمية والشعبية برؤساء الدول المناظرين في لبنان.

 

خوش آمديد الرئيس نجاد، بهذا الشعار استقبل لبنان ليضفي على الاحتفال طبيعة فارسية اللغة، وبعبارات الولاء الكامل والتقديس المطلق للولي الفقيه في طهران من أفواه وجهاء لبنان وعلى رأسهم الحاكم الفعلي للبنان حسن عبد الكريم نصر الله، تعالت فوق المسميات الوطنية لغة التبعية والدينونة الكاملة للسلطة السياسية في إيران.

 

مليون شجرة تزينت بها لبنان ـ أو هكذا قيل ـ، وحشود بمئات الآلاف في الضاحية الجنوبية جمعت بطريقة ما لإعلان لبنان ولاية إيرانية بلسان الحال، أما لسان المقال فقد حاول نصر الله أن يمارس مزيداً من التخدير للشعوب العربية أو من لم يزل فيهم مخدوعاً بصوتيات نصر الله، عبر التوكيد على فرضية تماهي المشروع الإيراني مع المشروع العربي، الكاذبة، فـ"ليس هناك مشروعات أخرى خفية لإيران في المنطقة، فمشروعها للعرب هي مشروع الشعب العربي، فإيران هي لاءات العرب الثلاثة التي أطلقها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، قبل أن يتخلى عنها الكثيرون، بينما شياطين أمريكا وإسرائيل في العالم العربي والإسلامي، لم يأتوا لنا إلا بالخراب"، كما قال نصر الله.

 

والحقيقة أنه مع الاتفاق مع نصر الله في الشطر الثاني من حديثه عن شياطين أمريكا وإسرائيل، التي يظل ميليشيات الطائفيين العراقيين والحوثيين اليمنيين جزءاً أصيلاً من كتائبهما الشيطانية في المنطقة، إلا أن استحضار لاءات عبد الناصر القومي العروبي مع "خوش آمديد" يبدو طافحا بتناقضاته القومية، إذ لم يكن عبد الناصر بمشروعه التوحيدي القومي ـ مع اختلافنا الشديد معه ومع التفاتنا إلى الطريقة التي أراد بها نجاد محو صورة عبد الناصر نفسه من لبنان ـ متسقاً أبداً مع تركيع العرب لعرش الطاووس الفارسي مثلما يفعل ويجهد "حزب الله" وبقية البيادق الأخرى في منطقتنا العربية، فضلاً عن أن يكون الإسلام هو مشروع الإيرانيين وهديتهم إلى لبنان وغير لبنان.

 

وما "يبشر" نصر الله به الفلسطينيين من مساندة إيران لقضيتهم والحديث عن تبنيها لمطالب الفلسطينيين المتعلقة بالقدس واللاجئين وعودة الأرض وإقامة الدولة هو ذاته ما بدا متحققاً على الأرض فعلياً في لبنان التي قال عنها نصر الله: "إيران تؤدي واجبًا إلهيًّا منسجمًا مع عقيدتها وإيمانها ودينها، فما تريده من لبنان هو ما يريده اللبنانيون، بلد حر موحد سيد مستقل عزيز أبي شامخ حاضر بقوة وتأثير في المعادلة الإقليمية"، بينما كانت السيادة اللبنانية سجادة ـ في مشروع إيران ـ وطأها نجاد منذ أن نزل من سلم طائرته في مطار "رفيق الحريري"!!