أنت هنا

خفايا انتحار رفيق الحريري !!
29 شوال 1431
موقع المسلم

مسكين سعد الحريري-رئيس وزراء لبنان-!! بل المساكين هم أهل السنة في لبنان!!
هو رئيس حكومة  -أي أنه واحد من ثلاثة رؤساء يقودون البلاد نظرياً-، لكنه من الناحية الفعلية يقاد ولا يقود!! فالهيمنة الرافضية تمنعه حتى من إقرار المبلغ الذي يتعين على لبنان تقديمه لتمويل المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة رفيق الحريري ورفاقه!!
وسبق لهذه الهيمنة أن أكرهت سعد الحريري على استرضاء –وليس مصالحة!! - الذين ظل يرفع صوته باتهامهم باغتيال والده في فبراير2005م!! بل إنه بات يركض وراء رضاهم وهم يتمنعون عليه ويزيدون في ابتزازه، حتى لينطبق عليه كل الانطباق قول الشاعر العربي قديماً:
يرضى القتيل وليس يرضى القاتل
فلا زياراته المتكررة لبشار الأسد نفعته، ولا مغازلاته لحسن نصر الله بدلت من الواقع شيئاً، فشعر القوم الذي تربوا عليه منذ نعومة أظفارهم هو طلب جهنم ذاته: هل من مزيد!!
وها هم اليوم يقلبون الطاولة، فيصدر القضاء السوري-المشتهر بعدالته ونزاهته واستقلاله!! -يصدر 33مذكرة توقيف في حق قضاة وضباط وساسة لبنانيين،  كلهم محسوبون على الحريري!! وعلى سعد إلغاء المطالبة بدم والده وربما القول بأن أباه قد انتحر بتفجير نفسه!!
لقد توهم الحريري الابن أن تبرئة الأسد الابن من دم الحريري الأب، تكفي لفتح صفحة جديدة،
ولو استمرت المحكمة الدولية في ملاحقة المشاركين في الجريمة من أتباع حزب اللات!!

 

وخاب ظن الحريري مثلما خاب ظن ساسة عرب من قبل في هذا الشأن ، وهم أكبر منه  سنّاً وأعمق خبرة وأعز مكانة.فالتلاحم بين النظام الديكتاتوري المسيطر على سوريا بالحديد والنار، وبين نظام الولي الفقيه في قم، تلاحم عضوي يستحيل تفكيكه لأنه قائم على  ميراث من  الحقد المشترك الدفين والمديد على الإسلام والعرب.

 

لقد خابت كل تلك الآمال، لأن الذين سعوا إلى فصم التحالف الوثيق بين الطرفين،  انطلقوا من رؤية غربية مباشرة من زعماء غربيين أو غير مباشرة يقدمها مستشارو السوء التغريبيون،  جاهلين أو متجاهلين الجذر العقدي الذي يربط بين نظام يتشدق بالعلمانية والقومية العربية، وآخر يتاجر بإسلام كنسي محرف يخفي شوفينية فارسية مجوسية حقيقية!!
وليت سعد الحريري اتعظ بتجربة أبيه الفاشلة، فلطالما اعتقد رفيق الحريري أن إقصاء الإسلام عن صناعة سياسة المسلمين سوف يرضي عنه الآخرين من قوى إقليمية ودولية، بمن فيهم حزب حسن نصر الله  بعمامته الواضحة وولائه العلني لخامنئي!! وكانت النتيجة المأسوية تصفية الرجل دموياً!!

 

فلو أن الولد استفاد الدرس من مصرع أبيه بهذه الهمجية، لما راهن على نصارى سبق لهم أن تعاملوا مع الصهاينة ومع النصيريين، ولا على الدروز المعروفين بباطنيتهم وتآمرهم وعدم وفائهم لأحد من أهل التوحيد!!
إننا نتألم لحال إخوتنا في لبنان وليس لمشكلات هذا السياسي أو ذاك.

 

 فالمسلمون الواعون يشعرون بغصّة مؤلمة  في قلوبهم إزاء محنة أشقائهم في لبنان، وهو شعور ليس مستحدثاً بسبب ما يقع لهم الآن،  وإنما يرجع إلى ما يقرب من 100عام عندما حقق الغرب الصليبي انتصاره الإستراتيجي الأكبر على الأمة الإسلامية، ممتطياً بعض المنتسبين إليها من حمقى وعملاء، باسم القوميات النتنة، فمزق آخر دولة تجمعنا-على ما فيها من أخطاء وعورات-، واحتل أكثر ديارنا ولم يغادرها إلا بعد أن جعلها دويلات مفككة متعادية، يحكمها عبيده في الغالب بالحديد والنار.وكان نصيب بلاد الشام من تلك المأساة هو النصيب الأسوأ، إذ قرر الغزاة الشانئون سلخ فلسطين وتقديمها لليهود، وصمموا كياناً نصرانياً في لبنان، يضم قلة من المسلمين فاضطهدهم الموارنة وأضاعاتهم زعامات علمانية تائهة، لكنهم  بالرغم من التنازلات الفادحة التي قدموها من دينهم وكرامتهم لم يحظوا بقبول الآخرين لهم.

 

 وهذا البلد الصغير الذي يضم 18طائفة متفاوتة في حجمها بين ما يربو على مليون شخص وما لا يتجاوز عشرات الألوف، يقوم على التقاسم الطائفي للمناصب والمواقع صراحة أوضمناً.وما يضاعف من الأسى إزاء أحوال أهل السنة أنهم هم الطائفة الوحيدة التي يتزعمها العلمانيون دائماً، مع أنهم يقودون جماعتهم من نكسة إلى نكبة، أما الطوائف الأخرى-ولاسيما النصارى الموارنة والدروز والرافضة-فإن ولاءاتهم الدينية تتقدم أي اعتبار آخر، ولذلك ترى رجل الدين عندهم يقود طائفته مباشرة أو بصيغة غير مباشرة، لكن كلمته تبقى هي الفيصل والحكم على الكبير والصغير.
المؤسف أنه يتعذر الآن على سعد الحريري أن يصحح مواقفه في ذروة اللحظة الحرجة، حيث كشّر الرافضة وحلفاؤهم عن أنيابهم واستغلوا التأييد الصليبي اليهودي لخططهم، وقرروا تحويل لبنان إلى بقعة تتبع المشروع الصفوي الصليبي المشترك، على غرار ما نفذه الجانبان في العراق !!