أنت هنا

على ماذا يغطي حرق المصحف؟!
7 شوال 1431
موقع المسلم

الضجة الكبيرة الحاصلة حول مسألة إقدام أو عدم إقدام أكثر من قس على حرق القرآن، والتي استدعت ردود أفعال متنوعة من تنديد دولي، أهمها تنديد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمستشارة الألمانية ميريكل، وإسلامي من شيخ الأزهر وغيره، إضافة إلى مظاهرات الآلاف في أفغانستان، والمئات في طهران، تثير لدى المراقبين تساؤلاً جوهرياً حول مغزى التناول الإعلامي الطاغي لهذه القضية التي تهم المسلمين بلا شك لكن غيرها أكثر تأثيراً على أوضاع الإسلام والمسلمين حول العالم، وذلك ليس تقليلاً من شأن المصحف ذاته بطبيعة الحال، ولكن لأن التغطية الإعلامية من وسائل إعلام صهيونية في الأساس ليست بريئة من تهمة التغطية على أمور أخرى توضع على أعلى سلم أولويات الغرب ودوله الرئيسية.

 

الجميع مستفيد من الحملة، ومن التنديد، منهم الذين دنست المصاحف الشريفة في أفغانستان من قبل، وهم جنود أوباما الذي ذكرنا هنا بأنه القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، ومنهم ميريكل التي كرمت قبل أيام صاحب الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنحته جائزة ام100 ميديا 2010، "لالتزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في الدفاع عن القيم الديمقراطية على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت التي يتعرض لها"، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني كاميرون الذي كرمت بلاده من قبل الكاتب البذيء سلمان رشدي متذرعة بالحجة ذاتها.

 

والذين تباروا في التنديد السهل بهذا العمل المشين سواء قبل حدوثه أو بعد حدوثه جزئياً في عالمنا الإسلامي، بعضهم يدرك جيداً أن مثل هذه فاتورة هذه الإدانة يسيرة وغير مكلفة ويمكنها أن تساهم في "تبييض" مواقف أخرى مخزية ومتخاذلة، بل إن بعض المظاهرات التي خرجت في طهران تكشف عن ازدواجية حقيقية أمام تنديد هنا وصمت على إساءات الداعية الطائفي الموتور لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

 

الأقصى في خطر التفاوض كما في خطر الهدم، والعراق بيع للفرس، وباكستان ساحة مستباحة للتنصير في ظل تقييد المسلمين عن إغاثتها، والسودان "تقرر" هيلاري كلينتون مصيره وهي تضع يدها في يد الرئيس الصهيوني كمراهقين عاشقين، والبحرين تلفها "الفوضى الفارسية الخلاقة"، وإيران تبدأ في آخر مراحل إنتاجها للسلاح النووي، ناهيكم عن مشكلات الأمة المزمنة من استنزاف مالي كبير، وفقر، وتغريب، وبطالة، وتغييب وعي، وإلهاء، وتنحية شرع.. الخ، والإعلام يرسم خارطة التفكير العالمية عموماً والإسلامية خصوصاً.

 

ما الذي تخبئه الأيام المقبلة؟ لا أحد يدري، لكن الأحداث علمتنا أن وراء كل قنبلة دخانية حرباً جديدة، وأن لكل سهم طائش في الهواء آخر رديف في سويداء القلب، والقادم مجهول، لكن السودان، والانسحاب الأمريكي من العراق، والترتيبات الجديدة في الخليج العربي تبقى في صدارة التوقعات..

 

نعم، نحن كغيرنا من العلماء والفضلاء وعامة المسلمين لابد أن نستنكر وندين ونقاوم كل إساءة لأعز مقدساتنا وقرآننا الكريم، لكننا ندرك مع ذلك أن القادم لا يقف عند حد خرجة قس مجنون..