أنت هنا

وصول التبرعات إلى ضحايا باكستان.. أمنية
13 رمضان 1431
موقع المسلم

ليس جديداً على الرئيس الباكستاني (الإسماعيلي) اتهامه بأنه قد سرق أموال الشعب الباكستاني؛ فالذي أدانه من قبل هو القضاء الباكستاني أيام حكم زوجته الراحلة بنظير بوتو حين استفاد بالظروف التي هيأت له سرقة المال العام باعتباره زوج رئيسة الوزراء قبل خمسة عشر عاماً، لكن الجديد هو ما كشفت عنه صحيفة ديلي تلغراف البريطانية إذ قالت أن مسؤولين باكستانيين اتهموا حكومة زرداري الحالية بتحويل مساعدات خارجية تعادل قرابة النصف مليار دولار إلى جهات أخرى غير ضحايا زلزال عام 2005 الذي وقع في إقليمي كشمير وخيبر الباكستانيين، فأموال التبرعات التي قدمت لمساعدة ضحايا الزلزال بإنشاء المدارس والمستشفيات والطرق والمنازل بحسب المسؤولين ظلت حبراً على ورق وذلك بعد مرور خمس سنوات على الزلزال الذي نجم عنه وقتذاك موت ثمانين ألف نسمة وتشريد أربعة ملايين شخص. وأضافوا بأن المساعدات الممنوحة لم تسلم حتى الآن إلى الهيئة المنوط بها تنفيذ تلك المشاريع. وهو ما جعلها ـ على لسان هؤلاء المسؤولين ـ تشكك في إمكانية وصول أموال التبرعات التي بدأت تدخل باكستان إلى مستحقيها.

 

صحيح أن الصحيفة تسبق شح التبرعات الغربية بهذا التبرير الذي يبدو منطقياً ويتمتع ـ للأسف ـ بمصداقية عالية، ليس في باكستان وحدها بل في بعض الدول الإسلامية التي نصب فيها قادة فارقتهم المروءة وسكنتهم الخسة يسرقون أموال اليتامى والأرامل والفقراء المدقعين، لكنها تنبه في الحقيقة لأمر غاية في الخطورة يستدعي تدقيقاً من أهل الصدقات من المسلمين أياً كانت طبقاتهم ومستوياتهم.

 

تقول الدول الغربية إنها لا تستطيع تلبية حاجات باكستان التي تقدر خسائرها بنحو 43 مليار دولار وفقاً لأرقام باكستانية رسمية (وهو رقم كبير فعلاً) بسبب كوارث الاقتصاد العالمي، كما أن الدول الغربية تتذرع بكثرة الكوارث التي تحتاج إلى مساهمات متوالية، كما أنها ليست متحمسة كثيراً لباكستان كبلد إسلامي كبير (لابد أن نعترف بذلك على الدوام)، لكن تلك الدول وتوابعها في الأفلاك العربية والإسلامية لا تريد أن تعترف بأن كبح تقدم العمل الخيري ودفعه للتقهقر عمداً باسم مكافحة الإرهاب قد ضيع على الضحايا فرصة التمتع بمساندة منظمات إسلامية إنسانية نشطة ونزيهة لا تخشى أن تتبلل أقدامها بفيضانات باكستان مثلما هو حال المنظمات الغربية المغرضة!!

 

لقد وُضع الضحايا بين مطرقة السرقات والاختلاسات الحكومية وسندان الأموال الشحيحة المشروطة من الغرب؛ فكانت الكارثة واستبد بالناس الضياع والحرمان والأمراض.

 

لا نزعم أن المنظمات الإسلامية قد كانت تملك عصا سحرية، لكنها بكل تأكيد كانت تحمل على كاهلها هموم أمة ينتصب لإعانتها على الوقوف من عثراتها رجال من المتطوعين الشجعان، كانوا تجسيداً حقيقياً لـ"منظمات المجتمع المدني" التي "يبشر" بها الغرب لكنه لا يريدها إلا غربية شاذة منبتة عن عالمنا الإسلامي وقيمه وأحلامه وطموحاته وأخلاقياته.

 

لقد أوقفوا معظمها، والآن لا ثقة تدعو كثيرين من الخيرين إلى إنقاذ إخواننا في باكستان، ولا همة تدعو المسلمين إلى النجدة؛ فقد أوصدت الأبواب أمام مؤسسات الزكاة في عالمنا الإسلامي، ودمج التراحم بالإرهاب، وخيفت الإغاثة بسبب التسييس المزعوم، ولولا فتح بعض نوافذ الخير المشكورة والتي نسأل الله أن يثيب فاتحيها من خيري الدنيا والآخرة، لارتعد الخيرون والأثرياء من إخراج زكواتهم وصدقاتهم للأهل المساكين هناك، فمن ذا الذي يمتلك الشجاعة في عالمنا الإسلامي ليرسل ماله إلى باكستان!!