أنت هنا

الحرب الصليبية على العمل الخيري!!
10 رمضان 1431

في الأمثال الشعبية مثل يقول: فلان لا يرحم ولا يريد لرحمة الله أن تنزل!!
والناس يضربون هذا المثل لمن لا يقف عند حدود تخلفه عن فعل الخير الواجب عليه وإنما يسعى جهده لمنع الآخرين من إغاثة ملهوف أو مد يد العون لمنكوب...
وهذا هو حال الغرب اليوم مع محنة باكستان الإنسانية التي تبكي الصخور الصماء، فاليهود والصليبيون يتفرجون على مأساة 20مليون إنسان–والأصح أن نقول: يتشفون بمصابهم الأليم-، فقد غلبهم حقدهم حتى على صورتهم المصطنعة وسمعتهم التي هبطت إلى الحضيض، فآثروا التظاهر بالصمم والعمى، ولم يحركوا ساكناً للتخفيف من معاناة ضحايا الفيضانات ولم تكترث أبواقهم التي تضخم التافه عادة، وتصغّر الكبير ما استطاعت.
لكن القوم الساديين المتلذذين بآلام عدد هائل من البشر يتجاوز عدد سكان كثير من الدول في مختلف القارات، استيقظوا من حلمهم الأثير فزعين ساخطين، فقد عثر الضحايا على من يجري وراءهم لمساعدتهم في محنتهم، وأثبت هؤلاء المغيثون جدارتهم بشهادات غربية موضوعية، اضطر أصحابها إلى النطق بالحق وهم كارهون.

 

إذا غاظهم أن توجد قلوب رحيمة تهب لإسعاف أشقائها، فإن غيظهم تضاعف عندما تبينت هوية هؤلاء الملبين لنداءات ذويهم، فهم من المنتمين لجمعيات ومؤسسات إسلامية!! وهنا بيت الداء في القلب الغربي المليء بالضغينة على الدين الإسلامي!! فالجماعة لا يطيقون سماع كلمة إسلام، ولو أنهم يقبلون تداولها إلى أمد بحيث يصنعون إسلاماً آخر ليس فيه من الإسلام سوى الاسم، وذلكم ما تفعله مؤسسة راند منذ بضع سنوات، ومشروعها الهدام منشور وجرت ترجمته إلى اللغة العربية.
فالاستنفار الغربي بعامة والأمريكي منه بخاصة وضاح وعنيف ضد استجابة جمعيات إسلامية باكستانية لمعاناة إخوانهم في الدين والوطن، والاتهام الرخيص جاهز في جعبة الموتورين هناك، بل لم يتم سحبه من التداول البتة.فكل عمل خيري إسلامي يموّل الإرهاب، لأن القوم باختصار شديد يمقتون الإسلام جذرياً ولن ترتاح قلوبهم المغتاظة إلا باستئصاله من الوجود كلياً!!

 

صحيح أن البلاء الصليبي أعم وأشمل وأقدم من هبة الإسلاميين لمؤازرة إخوانهم في باكستان المنكوبة، لكن هذه المحنة أثارت سعارهم لأنهم ظنوا أن ضرباتهم الأثيمة للعمل الخيري الإسلامي وحده دون سواه، على مدى السنوات التسع الماضية على الأقل تكفي لإزهاق روحه تماماً.وما غذى ذلك الوهم أن ضغوط الصليبيين الجائرة أجبرت الحكومات في البلدان الإسلامية على المشاركة في التضييق الشديد على كل عمل خيري تحت سلطتها!!
وبالرغم من عجز هذه القوى الرهيبة بجبروتها وسلطانها عن إقامة دليل واحد يثبت تورط أي جمعية خيرية إسلامية أغلقتها ظلماً وعدواناً في أي نشاط يمكن تصنيفه على أنه إرهابي حتى بمقاييسهم أنفسهم.

 

ولذلك فيجب التنبه إلى أن الطعنة التي تلقاها الغرب في باكستان واستفزت مكنونات صدورهم السوداء، قد تزامنت مع تجديد حملاتهم على العمل الخيري الإسلامي في بلدان إسلامية أخرى، كتعويض لمرارة الضربة التي سددها لهم إسلاميو باكستان.
إن الدول الإسلامية تستعدي شعوبها على حكوماتها كلما أذعنت لضغوط البيت الأبيض في محاصرة العمل الخيري، ومطاردة الإغاثة للمحتاجين، الذين بات كثير منهم طعمة لمؤسسات التنصير الغربية الوقحة التي يجري دعمها على رؤوس الأشهاد.
وحتى لو غضضنا الطرف عن الهوى الغربي المعادي لديننا ولشعوبنا كافة-كما تنطق الوقائع الحاضرة يوماً بعد يوم-فإن أول واجبات هذه الدول بوصفها دولاً يفترض أنها ذات سيادة، هو رفض الوصاية الأمريكية على أموال المساعدات الخيرية الإسلامية.ثم أليس من المهانة أن واشنطن تذل هذه الحكومات أمام رعاياها إذ توضح أنها لا تثق برقابتها الداخلية على حركة أموال الغوث والمساعدات الدينية والإنسانية؟!
إننا نرفض فكر الخوارج لأنه يتناقض مع قطعيات ديننا الحنيف وليس خوفاً من أوباما ولا أمثاله، لكننا نحذر من أن الانصياع للإملاءات الغربية الصلفة لا يخدم بعد الغرب الحاقد ، سوى الغلاة المتربصين الذين لطالما استغلوا مثل هذه الأمور في الترويج لمذهبهم الباطل وفكرهم المنحرف.