أنت هنا

طالبان تمزق وحدة خصومها!!
24 شعبان 1431

وفقاً للصورة النمطية التي اختلقها الإعلام الصليبي اليهودي وتلقفها أشياعه المتغربون، تبدو حركة طالبان الأفغانية في هيئة قوة خارقة تطورت فجأة وبصيغة الطفرة العجائبية التي تستعصي على الفهم!!
لا نتحدث هنا عن الأداء القتالي القوي للحركة بالرغم من احتشاد جيوش عشرات الدول وتواطؤ مئات أجهزة الاستخبارات ضدها، لكنها ثبتت لقواتهم الهائلة حجماً والمزودة بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً، فها هي السنة العاشرة على الغزو الأجنبي تمر دون أن يحقق الغزاة هدفهم الأكبر: استئصال شأفة المقاومة الأفغانية جذرياً، في حين شهدت السنون التسع تزايداً ملحوظاً في نجاحات طالبان، حتى اضطر أعداؤها إلى تسول مفاوضتها لكنها أبت إلا بجلاء الغزاة سلفاً!!

 

فهؤلاء المقاتلون الذين دأب عدوهم على تصويرهم كنموذج للتخلف، وعنوان للحماقة ورموز للجهل بتقنيات العصر، قهروا الصورة النمطية المعادية، من خلال التركيز على الإبداع في ساحات القتال، ثم فاجأ رجال الكهوف كل الناس بإتقان لعبة الصورة المؤثرة والكلمة الموظفة بذكاء في الحرب النفسية، وبخاصة أن الحركة بسبب هويتها الإسلامية تتحدث إلى جمهور الأفغان بصدق لا وجود لرائحته لدى قادة الغزو الذين يقتلون المدنيين العزل، ثم يصرون على أنهم مقاتلون"إرهابيون"، وهو صدق تناوئه الأدوات الأفغانية المحلية بالفرق الشاسع بين القول والفعل، فضلاً عن ازدراء الأفغاني العادي لهم باعتبارهم واجهات لعدو أجنبي غزا البلد وآذي أهله. والأفغان من أشد شعوب الأرض حساسية تجاه كل ما يتصل بسيطرة الأجانب على أي من مقدراتهم!!

 

ألم يؤجج رجال طالبان صراعاً علنياً بين أوباما وقائد جيشه في أفغانستان، ثم اضطر الأخير إلى الاستقالة؟والشيء ذاته وقع بين واشنطن ودميتها في كابل: كرزاي إلى درجة التراشق بالاتهامات قبل أن تلجئهما ضرورة طالبان إلى ابتلاع أقاويل كل منهما في الآخر على مضض؟
وكذلك يتبارى الحلفاء في الوقت الحاضر في سحب قواتهم مثلما تنافسوا في عام2001م على المشاركة في الجريمة!!
وها هو رئيس وزراء بريطانيا-الشريك الأول للغازي الأمريكي- يبحث عن منافع بلاده في الهند فلا يجد مركباً للتقرب إلى نيودلهي غير هجائه المقذع لنظام زرداري في باكستان التي يستحيل من دونها طعن البشتون في بلاد الأفغان!!ولولا تواطأ حاكميها المتغربين منذ برويز مشرف لما تمكن الصليبيون من احتلال أفغانستان والمكوث فيها هذه المدة!!

 

وتزامن الهجوم البريطاني الحاد على إسلام أباد مع تسريبات موقع إلكتروني أمريكي ما قيل إنه عشرات الألوف من الوثائق السرية، التي اختير منها بالدرجة الأولى مزاعم عن مؤازرة سرية من أجهزة أمن باكستانية لحركة طالبان!!
وبالرغم من كل ما سلف، قام الرئيس الباطني لباكستان آصف علي زرداري بزيارة إلى لندن، متناسياً حتى الكرامة الشخصية، فأكمل الإنجليز حفل احتقارهم له فلم يستقبله أي مسؤول رسمي رفيع المستوى في المطار!!
وكان زرداري قد أعلن في باريس التي زارها قبل العاصمة البريطانية أن"المجتمع الدولي" في طريقه إلى خسارة الحرب أمام طالبان!!
إن نظرة عجلى على خريطة التصريحات والمواقف على الأرض، تؤكد حقيقة واحدة هي عمق المأزق الذي يواجهه أعداء الشعب الأفغاني من الغزاة وحلفائهم المحليين والإقليميين والدوليين، فالهزيمة لا أب لها ولذلك يحرص كل طرف مسبقاً على تحميل وزرها للآخرين لتبرئة نفسه من دمها.

 

وبصرف النظر عن مدى الصدق في الاتهامات الموجهة لأجهزة استخبارات باكستان بدعم جهود طالبان، فإن الدلالة المقطوع بها، هي أن نظام زرداري لا يمثل سوى نقمة أقلية موتورة، تتآمر مع أعداء باكستان ضد باكستان جهاراً نهاراً. فالمنتفع الأول من الغزو بعد المعتدي الصليبي هو الهند الهندوسية وإيران المجوسية!!
وإذا كانت الغاية المرجحة من التسريبات والاتهامات هو دفع نظام زرداري إلى مزيد من الانغماس في نحر مصالح باكستان لفائدة أعدائها اللداء، فإن الرجل بذل أقصى طاقته لكن ثبات الباكستانيين في أكثريتهم الساحقة، جعله منبوذاً وربما عاجزاً عن كبح أجهزته الأمنية عن اتباع سياسة مناوئة لتوجهاته كلها!!

 

لقد نجحت طالبان حتى في الحقول التي كان التغريبيون يظنونها حكراً عليهم وعلى سادتهم، فقد أبدعت في حربها الإعلامية، كما برهنت عن تفوق مثير في مجال التكتيك السياسي البارع، الذي جعل الأعداء تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، يتنابزون بالألقاب ويتبادلون الاتهامات للفرار من وزر هزيمة ماحقة لم يعد هنالك ما يفصلنا عنها سوى توقيت إعلانها رسمياً!!