أنت هنا

حلم العلماء واجتراء السفهاء
5 شعبان 1431
موقع المسلم

أن ينساق الإعلام في معظمها كله خلف تحريف لنص كلام لعالم دين له صفته الاعتبارية؛ فذاك دليل على أن هذا الإعلام المؤدلج والموجه، هو أبعد ما يكون عن المهنية الصحفية، وهو منذر بأن صحافتنا وإعلامنا المحلية في معظمه خاضع لأجندات لا إلى ضوابط ومعايير مهنية، وهو آخذ في التردي إلى وديان التزييف الجارح لكل أدبيات العمل الصحفي والمصداقية المرتجاة.

 

والبيان الذي أصدرته ثلة من العلماء والدعاة انتصاراً للشيخ البراك، ومن قبله قول الشيخ عبد الرحمن البراك ذاته، هو مجرد كاشف يجلي الحقيقة التي يحاول الغوغاء تمرير نقيضها عبر نثر ونشر حزمة من الشائعات والتخرصات حول العلامة البراك وتحميل كلامه ما لا يحتمل، ثم البناء عليها بجملة من الإجراءات والاستنتاجات المتخلفة عن افتراض لم يحدث وعبارات مجتزأة، ما جعل أصحابها الحنجوريين يسقطون في درك التزييف والكذب والتحريف المتعمد، ويتداعون إلى اتخاذ مواقف عنترية في غير مواضعها، تكشف بجلاء عن كفرهم بما يدعون الإيمان به من "حرية الرأي" و"التعبير" وغيرها التي يقصرونها على أصحاب الآراء الشاذة والأفكار المستوردة دون غيرهم من سائر الشعب فضلاً عن رواده من العلماء وأصحاب الرأي والفكر.

 

كل ما هنالك أن الشيخ استحسن عدم إبداء النساء زينتهن في صالات الأفراح وغيرها ليس لأنه يحرم كشف المرأة شعرها أمام بنات جنسها بطبيعة الحال!! ولكن لما يعرفه القاصي والداني عن عدم انضباط التصوير في تلك الحفلات والأفراح بما ينجم عنه رؤية الرجال لصور نساء مستترات غافلات عن انسياب بعض الصور دون ضابط أو رابط من بعض النسوة، وهذا أمر قد يقول به عالم أو حتى غير عالم وغيره، ثم الشيخ من بعدُ توقع أن يثور بعض من أسماهم بـ"جنود الشيطان" على فتواه ولم يقل أبداً أنه يقصد كل الصحفيين بذلك وإنما طائفة منهم تحب أن تشيع تلك التجاوزات بين الناس.

 

ولذا نحن نقول: قد يوافق البعض الشيخ أو يخالفونه في رأيه هذا، ولكن أكان من المنطقي أن يتنكر كل هؤلاء لحق الرجل في أن يقول رأيه ما داموا هم أنفسهم يستبيحون لأنفسهم كل يوم الاجتراء على الفتيا كل يوم في مقالاتهم وتصريحاتهم وبياناتهم دون علم ـ بخلافه ـ وما داموا يزعمون أنهم من دعاة حرية الرأي والتعبير عن الرأي والحق حتى في الاختلاف في العقيدة؛ فما لهم كيف أزعجهم هذا التعبير عن الرأي، سواء أصدرت عن عالم كبير كالبراك أو غيره من آحاد الناس؟!

 

إن رد الفعل على كلام الشيخ إذا افترضنا جدلاً حتى أن القوم قد لبس عليهم فلم يقرؤوا كلامه جيداً، وانساقوا جميعاً خلف تقرير مزيف، بل لو حتى لو قلنا أن الشيخ قد أخطأ في كلامه، مبالغ كثيراً فيه، ويحمل في طياته سخرية واستهزاء وتطاول لا يوقر كبيراً ولا يحترم عالماً، ولا يتحلى بآداب الإسلام ولا أخلاقيات المهنة الصحفية، ويبدو على نحو من يتحفز بشكل مستفز لأي عالم يدلي بدلوه في قضية معينة كما لو كان من حق المسلمين جميعاً برهم وفاجرهم أن يفتوا في أمر دينهم ما عدا العلماء المعتبرين!! فما للقوم كيف يحكمون؟!