16 جمادى الأول 1432

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد.. وأحياناً يزيد الإيمان وينقص، وأخاف أموت في فترة قلة إيماني؛ فبم تنصحونني لأثبت إيماني. ويقيني واسع في زيادته دائما؟ وما هي الأعمال التي تعين على ذلك؟

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

أيتها الفاضلة الكريمة.. إن الذي يذوق حلاوة الإيمان في قلبه يشعر بالضيق والأذى عندما يجد الانتكاسة في ذلك الإيمان.
وإن هبة الإيمان هبة عظيمة يهبها الله سبحانه وتعالى لمن يشاء ويحرم منها من يشاء، ولكن الله سبحانه وتعالى أكرمنا بعقول وقلوب للتدبر في كل عمل نخطو إليه.
فلا شك أن الإيمان يزيد وينقص عند المؤمن وهي عقيدة أهل السنة والجماعة، فهو يزيد بالطاعات والأعمال الصالحات وينقص بالمعاصي والآثام.
ولكن عليك أن تكوني يقظة لعدة أمور حتى تستطيعي أن تحافظي على هذه النعمة؛ لذلك أنصحك بما يلي:
أولاً: عليك أن تعلمي أن كل ابن آدم خطاء فلا يوجد منا من عُصم من الخطأ.
فقد يبدأ الإنسان بالتراجع بسبب وقوعه واقترافه بعض الذنوب؛ فالذنوب تتوالد، وفي بداية الأمر قد يكون الذنب كالذرة وعندها لا بد لقلبك التقي أن يتبعه مباشرة بالاستغفار والتوبة؛ لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: من الآية135]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "واتبع السيئة الحسنة تمحها".. فعليك أن تكوني واعية لذلك.
أما إذا غفلتِ عن التوبة فقد يصبح الذنب الصغير كبيرا بالتدريج حتى يصل إلى أن يُظلم القلب. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: "إن للحسنه ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القبر والقلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضاً في قلوب الخلق".
لذلك قد يلاحظ الكثير من الناس التزام البعض دينيا لسنين طويلة وفجأة يفتقد هذا الالتزام ويعود للوراء بصورة لا يتوقعها من حوله.
ثانياً: إن اقتراب الإنسان من مواضع الفتن يوقعه فيها ويؤثر عليه فإن الشيطان يزين له هذه الفتن في عينه فهو يجري في عروق بني آدم مجرى الدم فلا بد أن يجعل الإنسان بينه وبين الشيطان عداوة، ولا بد لتلك العداوة أن تتخد أسلحة من أهمها البعد عن الفتن والقرب من الإيمان.
ثالثاً: عدم البعد عن مجالس العلم الشرعي ومجالس الإيمان، ففيها يوقظ القلب من غفلته وفيها تعاد للقلب حياته إذا تسرب إليه الفتور والخمول عن طاعة الله.
رابعا: مما سبق وغيره يتهاوى الإنسان وينسى شيئا فشيئا أمورا هامة.. كأذكاره التي كان يتعهدها صباحاً ومساء، ويغفل عن مزاولة ما كان يحافظ عليه من ورد يومي للقرآن، لذلك لا بد أن يكون للإنسان صلة بينه وبين القرآن وصلة بينه وبين السنة النبوية.
خامساً: أيضا انغماس الإنسان بالقيل والقال وسيرة من الناس والثرثرة الزائدة التي لا يجني منها إلا غيبتهم وهذه من المهلكات لإيمانه.
سادسا: إن العمر يتهاوى، فالثواني والدقائق تصبح ساعاتٍ، ثم أياماً، ثم شهوراً فسنين؛ فيضيع عمر الإنسان الذي يسأل عنه فيما أبلاه.
فإن الفتور في الإيمان غالباً لا يكون مرة واحدة ولكن يحدث الفتور شيئاً فشيئاً بترك ما تحدثنا عنه سابقاً.
فعليك أن تجعلي بينك وبين الله صلة وثيقة وملجأ تلجئين إليه وكهفاً تأوين له ساعات بركعات في جوف الليل.
وأن تجعلي لسانك رطبا من ذكر الله.... كلمات خفيفة على اللسان وثقيلة في الميزان وحبيبة إلى الرحمن مثل هذه الكلمات "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"، و"الحمد لله" تملأ الميزان، "ولا إله إلا الله" فكل هذه تعيد حياة القلب بعد موته.
وفي تذكر الموت عبرة وعظة، وعشرات النداءات عن الموتى في كل يوم تمر على آذاننا وتستمع إليها عقولنا فهل تمر عابرة أم إن للموت اعتباراً وهيبة وخشوعا؟!
وعليك بالبحث عن الصحبة الطيبة فعليك ملازمة صديقات الخير، صاحبات الإيمان، التي لا تصاحبك إلا لله.
أيضا عليك موقف آخر هام للغاية وهو البحث عن مجالات التقصير في حق الله فربما ذلك كان سبباً في فتور الإيمان مثلا كنسيان الزكاة المفروضة عليك فهذا حق الله، وحق الله أولى بالقضاء.
أيضا أجد من الأسباب التي تجعل الإنسان محافظاً على إيمانه محاسبته لنفسه دائما فقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبو أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر، وقرأ الآية {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:18].
وكان يقال: "النفس كالشريك الخوان إن لم تحاسبه خانك"؛ فعلى الإنسان توبيخ نفسه عندما يجد التهاون منها.
وأخيراً أوصيك بهذه الكلمات..
الأولى: وهي الخوف من الجليل. فالخوف من الله يساعدك على عدم اقتراف الذنوب.
والثانية: العمل بالتنزيل. فعليك العمل بكل ما أمر به سبحانه بقدر استطاعتك.
والثالثة: الاستعداد ليوم الرحيل. كوني حريصة أنه قد يكون هذا اليوم بعد لحظات فماذا تفعلين؟؟!