أنت هنا

رجاءً لا تنقذوا أوروبا!!
17 جمادى الثانية 1431
موقع المسلم

الجولة التي تسوق المستشارة الألمانية إلى دول الخليج ليست ـ كما قالت ـ لاستعراض قدرات ألمانيا الاقتصادية، والتأكيد على "متانة اقتصاد ألمانيا وتواجده على الخارطة الاقتصادية العالمية، كخامس أقوى اقتصاد عالمي خلال العقد الأول من القرن الحالي، والأول في أوروبا، من جانب الصادرات إلى الأسواق العالمية"، وإنما لتشجيع دول الخليج على التدخل لإنقاذ الاقتصاد الأوروبي المتردي في وقت تعاني فيه ثلاث دول أوروبية من أزمات اقتصادية محققة، وتعاني البقية من تبعات تلك الأزمة بما يهدد الاقتصاد الأوروبي الواهن بكارثة كبيرة.

 

ولمثل ذلك يلفت الخبير الاقتصادي السعودي د.عبد الله إبراهيم القويز إلى "ما قد تتعرض له بعض الدول العربية ذات الفائض من الضغوط للمساهمة في برامج الإنقاذ إما عن طريق القروض أو الضمانات مباشرة أو عن طريق صندوق النقد الدولي، وقد يكون لذلك علاقة بالزيارة الحالية للمستشارة الألمانية لمنطقة الخليج" [صحيفة الاقتصادية 29 مايو الحالي].

 

إنها ليست هواجس مسكونة بما يُسمى بنظرية المؤامرة، بل تحميها شواهد نجد أنفسنا فيها فجأة في كل أزمة مدفوعين إلى المساهمة في إنقاذ اقتصادات لم نتسبب في إلحاق الضرر بها، بل العكس هو الحاصل دائماً، وهو أننا نجسد حالة "الشريك السخي" إلى درجة تتجاوز حدود المعقول والمنطق، والمستشارة ذاتها تشجعنا على هذا الظن حين تقول: "أقوم شخصيا بتقديم كل ما لدي من مجهود لتسريع اتفاق التجارة الحرة ، وإذا لم نحرز تقدما، فعلينا أن نرحلها إلى المتحف".

 

والاتفاقية التي هرعت المستشارة الألمانية إلى بذل مجهودها لكيلا تتحول إلى "المتحف"، هي ذاتها التي حاولت بها أوروبا لي ذراع الخليجيين بدعوى حرصها على حقوق مواطنيهم ورغبتها في إنجاز قرارات وسن قوانين تتعلق بأوضاع المرأة الخليجية، لكنها الآن، أجلت البحث عن "حقوقنا السليبة"!! لكيلا ترحل الاتفاقية المربحة أوروبا إلى "المتحف".

 

ولأننا لسنا "مستغلين" كأوروبا؛ فبطبيعة الحال لن نباشر برفع عقيرتنا مطالبين بمنع السلطات الأمنية في أوروبا من كشف وجوه نسائنا المتواجدات في أكثر من بلد أوروبي بغرض التعليم أو العلاج أو حتى السياحة، كما لن نطالب بعدم هتك سلطات المطارات لأعراض النساء والرجال على السواء بأجهزة التفتيش الآلية الحديثة، بل سنتعامل بكل أريحية ونسدد الفواتير دون قيد أو شرط!!

 

إن أوروبا التي جاءتها أكثر من ضربة اقتصادية مفاجئة، ليس أكبرها ما حل بشركة بريتش بتروليوم (بريطانيا) العتيدة في خليج المكسيك بسبب تسرب بقعة النفط الهائلة، والتي قد تقوض مطامح تطويرها بعد أن تسببت لها بخسائر ضخمة تجاوزت مئات المليارات، ولا أدناها تبعات بركان آيسلندة واحتمال تفاقم أوضاعه أو انفجار آخر بالبلد أكثر منه بنحو عشرة أضعاف تأثيراً، ستكون دوماً في حاجة لإنقاذ دولية، ولا يعتقد أن تسعفها واشنطن، ولا غيرها، ولا سوانا مستعد لأن يدفع فاتورة كل خسارة في العالم.. فهل هذا هو دورنا في منظومة الاقتصاد العالمي؟!