أنت هنا

من العم سام إلى الحكام العرب. . لا تقلقوا من إيران النووية!!
10 جمادى الثانية 1431

مشكلتنا المزمنة مع الأصوات الأعلى في بلاد العرب والمسلمين أنهم لا يصدقون إلا ما يودون تصديقه. ولديهم مقولات جاهزة يواجهون بها كل ناصح أمين، من أهمها: لا لنظرية المؤامرة!!
فالغرب عندهم ليس عدواً، حتى لو كان هو صانع الكيان الصهيوني على حسابنا، وهو راعي استمرار ظلمه المديد منذ 62عاماً حتى الآن، ولو كان الغرب الذي تخلى عن الغزو المباشر مع سائر البشر باستثنائنا( سبتة ومليلية منذ قرون ثم إعادة غزو العراق وأفغانستان)!!
وأنت تقدم لهم الدليل على المجرم متلبساً-كما يقال- فيكذبون أعينهم ويصدقون ألسنة الأعداء.

 

وتثبت لهم تواطؤ واشنطن وتل أبيب مع آيات قم والنجف، فيكيلون لك من الاتهامات ما لم يقله مالكٌ في الخمر.
لقد جاء الغزو الصليبي الجديد للمشرق انطلاقاً من رؤية إستراتيجية تقوم على استحالة قبول الأكثرية السنية في المنطقة بوجود كيان الغصب اليهودي مهما طال الزمان، ومهما تبدلت الوجوه والأسماء فوق كراسي الحكم. كما تقوم في المقابل على إمكان التفاهم مع الصفويين الجدد، تأسيساً على تاريخ طويل يعود إلى زمن دارا الذي أعاد اليهود من سبيهم البابلي قبل ميلاد المسيح، مروراً بالتآمر الصليبي الصفوي ضد الفاتحين العثمانيين في قلب أوربا...

 

وأكدها العصر الحديث في زمن الخميني(كونترا جيت)حيث تدفق السلاح من الكيان الصهيوني على جيش الولي الفقيه في حربه المديدة مع عراق صدام حسين.
وهي رؤية تبناها الأمريكيون سراً منذ عقود، ثم تبنوها علانية بعد أحداث سبتمبر 2001م، ونصبوا في واجهة الترويج لها عملاء من أمثال فؤاد عجمي وكنعان مكية وأحمد الجلبي، الذين دعوا واشنطن صراحةً إلى بدء مخططها الجديد انطلاقاً من احتلال بلاد الرافدين بالتنسيق مع إيران. وما التعاون الوثيق بين الطرفين في العراق وأفغانستان سوى رأس الجبل الظاهر والذي يخفي أضعاف ما يبديه. .

 

وأما ملف إيران النووي فيقدم لنا شاهداً قوياً جداً على ما نزعم. فاليهود بمؤازرة أمريكية كاملة دمروا مفاعل تموز(أوزيراك)العراقي في عام 1981م، وهو في مهده، مع علمهم بأنه حتى لو اكتمل لن يكون مؤهلاً لإنتاج بلوتونيوم يصلح لصنع أسلحة نووية!!فكيف يصمت القوم عن مشروع طهران ذي الإمكانات العسكرية الأكيدة، فلا يقاومونه إلا في الإعلام؟وما سر سكوت إدارة بوش الابن وجيوشه الغازية تحتشد في جوار إيران من الغرب ومن الشرق؟
وكيف سكت اليهود حتى اليوم عن مشروع ينافس تفردهم في السلاح النووي في المنطقة؟

 

إن من يتابع صحافة أمريكا ولا سيما الصحف المهمة(نيويورك تايمز وواشنطن بوست ومجلة فورين أفيرز. . ) يهوله التمهيد الذي يجري عمداً من خلال تسريبات استخبارية عن إمكان قبول الغرب بإيران دولة نووية!!بل إن هؤلاء يتحدثون اليوم بجلاء عن فوائد الغرب من تحوّل الدولة الصفوية إلى دولة نووية، من زيادة سيطرتهم العسكرية والاقتصادية على المنطقة، ومن حسم صراعهم مع المتشددين السنة الذين يرفضون الكيان الصهيوني أصلاً وفروعاً!!!

 

بقي الالتفات إلى مبادرة تركيا الأخيرة بالتنسيق مع البرازيل لإبرام صفقة لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، فأنقرا تدرك الصفقة الكبرى وأن الجهر بها ليس سوى مسألة وقت، فلماذا لا يبحثون عن مصالحهم في ضوئها، مع التنبه إلى أن الأتراك سوف يكونون أول دولة في المنطقة سوف تدخل الحقبة النووية عن جدارة وعلناً. .
فهل استيقظ أهل الاختصاص وبخاصة أولئك الذين يخدّرهم التغريبيون بادعاء أن الغرب مخلص لهم ؟!