أنت هنا

الوصفة التغريبية لدوام الاستبداد.. كشف العورات وتغطية الفساد
1 جمادى الأول 1431

وزير الداخلية الجزائرية نموذج للساسة المتغربين المناوئين لهوية أمتهم وتطلعات شعوبهم!!
فالرجل "الهمام" لم يجد ما يشغله مؤخراً سوى إجبار مواطنيه على مخالفة تعاليم دينهم التي يلتزمونها عن اقتناع،من خلال فتنة اشتراط حلق لحى الرجال ونزع غطاء شعر النساء للحصول على بطاقة هوية شخصية أو جواز سفر جديد. وقد برر الوزير قراره المتعسف بشروط ادعى أن المنظمة الدولية للطيران المدني قررتها وألزمت بها دول العالم كافة، وكأن الدول التي اعتمدت نظام الجواز الجديد منذ سنوات ولم تلزم مواطنيها بحلق لحاهم ولا النساء بخلع الحجاب تتعامل مع منظمة أخرى أو تعيش في كوكب آخر. ولو كان الوزير يمثل شعبه حقيقة لا ادعاء لضرب بالمنظمة وقرارها المزعوم عرض الحائط،فدين الشعب وكرامته فوق هرطقات الغرب وأدواته.والعجيب في الوزير المنكود وأشباهه الكثر في بلاد المسلمين،أنه لا يكترث بتقارير عشرات المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان،التي تستنكر ممارسات النظم القمعية من تعذيب وتشريد وإهدار كرامة لمواطنيها غير المنساقين وراء تقديس الحاكم الفرعون .وها هي دول إسلامية كثيرة-بل ودول غربية!!-لم تسمع بقرارات الطيران المدني،التي ربما كانت اختراعاً تغريبياً محضاً!!
ولو كان الوزير الجزائري يحترم اليمين التي أداها على التزام دستور بلاده،لما طلع على الجزائريين بقراره المقيت،فهذا الدستور يؤكد أن الإسلام هو دين الدولة وأساس التشريع فيها !!
لكن الوزير ليس سوى تلميذ في مدرسة الهوس بالاستعمار الفرنسي البشع،وهي مدرسة الجنرالات العملاء التي استغلت طوفان العنف الدموي الذي سببته للجزائر حين أوقفت المسار الانتخابي،وذلك لتوجيه ضربة قاضية لظاهرتي الحجاب واللحية، بإجبار كل ذي لحية على حلقها في حواجز الأمن قبل مواصلة طريقه، وكذلك نزع المرأة حجابها!!

 

وما زالت مدرسة عشق الاستعمار والتبعية الببغاوية له، تحظر على الملتحين والمحجبات ً الانخراط في سلك الجيش والشرطة..
ولو كان الوزير مشتغلاً بواجبات منصبه-وحفظ الأمن على رأسها-لما ترك شبكات تهريب حبوب الإجهاض تنشر الرذيلة في بلاده،إذ تبيعها بأسعار رمزية لتخريب الفتيات وإشاعة الفاحشة في بلد المليون ونصف المليون شهيد!!
والحقيقة التي يعلمها الجميع،أن الوزير-أيّ وزير-في نظم التغريب القسري ليس صانع قرار ولا شريكاً فيه،وإنما هو مسمار صغير في يد المستبد الأوحد،الذي لا يتجاوز مكانة المسمار في يد سادته الغربيين!!
ولذلك أدرك المراقبون العارفون بمجريات الأوضاع في الجزائر،أن النظام في مأزق،وأنه أملى على وزير داخليته افتعال مشكلة تثير بلبلة في الرأي العام الجزائري،لتشغله عن مشكلات النظام الفرانكوفوني.ولم يكن هؤلاء المطّلعون في حاجة إلى تنقيب عميق لتحديد المعضلة التي يسعى النظام إلى التعتيم عليها باستفزاز المجتمع في أجلى أركان هويته الدينية والحضارية والثقافية،ففضيحة الفساد الهائل في الشركة الجزائرية للنفط(وتُعْرَف اختصاراً باسم: سوناطراك)،تزكم الأنوف،مما اضطر النظام إلى سجن أبرز قياداته بتهمة تلقى رِشاً ضخمة من مكاتب استشارية أجنبية.فما كاد ملف فضيحة"الخليفة" يُغْلَقُ بعد أن كلف الخزينة الجزائرية مليارات حتى ظهرت ملفات فساد أخرى أثقل وزناً وأشد قبحاً من سابقاتها.
فسوناطراك هي أكبر مؤسسة اقتصادية في الجزائر ، إذ تجاوز حجم نشاطها 61 مليار دولار في 2008، وبلغ صافي أرباحها فيها9،2 مليارات دولار. وموارد الصادرات النفطية والغازية تمثل 98% من العملات الصعبة، كما أن ضرائب المحروقات الداخلية تعادل نصف الميزانية السنوية.

 

لقد أثارت حملة «الأيادي النظيفة» التي أطلقتها الحكومة ضد الفساد قبل مدة، أثارت سخرية مواطنيها لأنها بدت كحملة لتصفية حسابات داخل الجهاز الاقتصادي، بهدف إعادة توزيع نواتج نهب الثروة الضخمة من النفط والغاز، وبخاصة أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، بل إن من المفارقة أن رئيس الوزراء الحالي الذي أطلق الحملة الراهنة أحمد أو يحيى، سبق أن شن حرباً مزعومة على الفساد في عام 1996م، لكنها لم تثمر غير سجن عشرات من الأبرياء.والدليل أن سوناطراك ذاتها عقدت 1600صفقة مريبة-بدون مناقصات نظامية-في السنوات العشر الأخيرة فلم تتحرك الأيادي الموصوفة بالنظيفة إلا الآن،وبعد أن استعصى حجمه الفضيحة الجديدة على إمكان طمسها.
كما تؤكد مصادر صحافية أن قيمة الرشوة التي قدمها المجمع الصيني لمسؤولي وزارة الأشغال العمومية لا تقل عن 530 مليون دولار، ناهيك عن الفضيحة التي مثل هزت صندوق الامتياز الفلاحي، وأخرى كانت بطولتها للشبكة المسماةـ"مافيا الدواء"، وقد وصلت اصداؤها إلى جهات دولية منها منظمة الصحة العالمية، وجاء اغتيال القاضي نبيل بوطرفة ، خلال قيامه بالتحقيق في قضايا فساد، ليشير إلى استفحال قدرة شبكة الفساد في البلاد،حتى بات كثير من الشرفاء يرون الفساد كأكبر تهديد الآن لأمن الدولة كلها!
وهذه الظاهرة تسبب خسارة كبيرة للأموال العامة وللمشاريع التنموية ، لكن الأسوأ هو أنها أدت إلى فقدان ثقة الشعب في أجهزة الدولة،إذ أصبح الجزائريون يمارسون السخرية السوداء بقولهم :نحن شعب فقير في بلد غني!!

 

وهو ما تشهد بصحته كل المعلومات الصادرة عن البنك الدولي ومراكز الدراسات الدولية والجزائرية التي لا تخفي دهشتها من وجود نسبة كبيرة من الفقراء في واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط و الغاز في العالم!!
أفلا يستحق هذا الفساد الهائل والرهيب من النظام الذي يرعاه أن يحاول ستره بالكشف عن شَعْر المرأة الجزائرية وحلق لحية كل رجل له لحية؟