أنت هنا

"النموذج"الأمريكي/ الصفوي في العراق.. انتخابات بنتائج مسبقة الصنع
2 ذو الحجه 1430
بعد طول مساومات ومماحكات، مرر ما يسمى"مجلس النواب"العراقي، قانون الانتخابات الجديد، تمهيداً لانتخاب برلمان جديد في مطلع العام الميلادي 2010م. ولأن القانون مفصل على مقاس أتباع طهران بكل وضوح، فقد اضطر طارق الهاشمي –عضو ما يسمى مجلس الرئاسة-إلى استخدام حقه الدستوري في نقض القانون لكي يعاد إلى البرلمان لإعادة النظر فيه، وبخاصة في مادته الأولى التي تقنن ظلماً اشد من كل ما مضى لملايين المهجرين العراقيين. وهنا قامت قيامة الأدوات الصفوية في العراق من ساسة وزعامات حزبية، ونعتوا موقف الهاشمي بأنه معادٍ للديموقراطية-كذا والله-، وبأن الهدف من ورائه تأجيل الانتخابات النيابية عن موعدها المقرر. فكيف يوصف تصرف رجل من رجالات النظام بأنه طعنة للديموقراطية، مع أن تصرفه سليم 100% بحسب الدستور، الذي قام بتفصيله وخياطته الشريكان "اللدودان": العم سام المحتل رسمياً، والخال الصفوي المحتل غير الرسمي؟
لكي نفهم هذه الألاعيب المضحكة/المبكية، لا بد من وقفة ضرورية أمام تسميتنا للنظام الهجين في بغداد بأنه نتيجة شراكة بين عدوين في وسائل الإعلام فقط،   فهذا التسمية قد تبدو ملتبسة نوعاًما، أو توحي بأن مصدرها هو فقط الصفقة الشائنة في فترة الغزو فحسب،  بين الغزاة الصليبيين للعراق وبين دولة الولي الفقيه في إيران، والمرجعية الشيعية "العراقية"!!ومبعث المفارقة في وصف مرجعية النجف بأنها عراقية يتلخص في أن رأسها(علي السيستاني) ليس عراقي الجنسية بل إنه رفضها عندما قرر الحكام الجدد تقديمها إليه هدية، في دلالة أكيدة على أنه يزدريها!!كما أن الرجل من معارضي نظرية ولاية الفقيه المهيمنة في طهران منذ ثورة الخميني، لكنه يتفق مع أطماع أصحابها في السيطرة على بلاد الرافدين!!
وبعبارة أكثر جلاء: تغلب العنصر العرقي الفارسي الصفوي على الخلاف الفقهي بين قم والنجف!!
لكن المشاركة الكاملة بين واشنطن وقم لم تقف عند حدود مرحلة الغزو، بل إنها مستمرة حتى اللحظة، بالرغم من المتغيرات الشكلية في توليفة النظام القائم، وبالرغم من تبدل رؤية الأمريكيين لتبعات غزوهم، منذ صعود باراك أوباما إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل استرجاع عناوين المحطات البارزة منذ اجتياح الغزاة أراضي العراق في 9/4/2003م،  تؤكد تلك الحقيقة، بدءاً من مجلس الحكم من تأليف وإخراج وإشراف بريمر-مندوب الاحتلال حينئذ والحاكم الفعلي الذي دمّر بنية البلد وهدم مؤسسات الدولة كافة-، ثم مروراً بالجكومات الشكلية التي تنفذ ما يُمْلى عليها من المحتل الرسمي وشريكه غير الرسمي.
ولم تختلف الأحوال قيد أنملة، عندما تحول الرداء إلى مسرحية "ديموقراطية"تقوم على انتخابات محددة النتائج والمعالم مسبقاً. وها هو البرلمان الحالي الذي أفرزته انتخابات 2005م شاهد ملموس على ذلك، فهو أداة في يد أتباع قم وغلاة التغريبيين الأكراد، أما أهل السنة فليسوا سوى ديكور تجميلي لا يقدم ولا يؤخر فعلياً.
وأمام استحقاق الانتخابات الراهنة، امتعض القوم من موقف الهاشمي اليتيم، لأنه يعني نسف النتائج المجهزة مسبقاً، فانقلب السحر على الساحر، ما لم يتراجع الهاشمي ذي المسيرة السلبية منذ ارتضائه أن يكون شاهد زور لمصلحة مسرحية الاحتلالين الصليبي والصفوي.
وإلا فبم يستطيع عاقل أن يهضم انتقاص الرافضة في القانون المرفوض حصة خمسة ملايين من المهجرين من ديارهم، من45مقعداً في انتخابات2005 البائسة أصلاً،  إلى 7مقاعد في الانتخابات المقبلة؟!علماً بأن الدستور الهزلي الذي فرضوه على العراقيين بحسب مصالحهم الطائفية ومصلحة سادتهم الصفويين، يقرر قاعدة مقعد نيابي لكل 100ألف مواطن!!أم لأنهم يدركون أن الأكثرية الساحقة من المهجرين هم من ضحايا فرق القتل الر افضية؟
إنه درس إضافي للمساكين من المسلمين الذين انخدعوا بأكذوبة المشاركة في العملية السياسية، وخلاصته أن القوم يرون في عراقهم الجديد دولة رافضية صفوية، ولن يفرطوا بها إلا إذا اضطرتهم المقاومة الشريفة إلى ذلك بالقوة، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها سادتهم الذين جاؤوا بهم إلى الواجهة كأدوات لخدمة الغرب الصليبي والشرق الصفوي في حقدهما المشترك، واستراتيجيتهما اللئيمة.