أنت هنا

تشكيلة الحكومة اللبنانية ليست بعيدة عن صعدة
25 ذو القعدة 1430
ما يمكن استخلاصه من الدرس اللبناني يجب أن يكون هادياً في النظر إلى ما يحدث في جبال صعدة وإلى الشمال منها، وحتى تخوم السعودية وساحل البحر الأحمر؛ فالأجواء التي أحاطت بتشكيل الحكومة اللبنانية والتنازلات التي اضطر إليها ممثلو السنة سياسياً في لبنان تشي بأن لا غطاء دولياً ولا إقليمياً يتقي به حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من الأمطار الغزيرة غير الموسمية الطائفية القادمة مع رياح شرقية عنيدة.
والذي يتأمل في حجم الإهانات التي تعرضت لها الرموز السنية في لبنان، والتحرشات اللفظية وغير اللفظية بدار الفتوى اللبنانية السنية، والمناوشات والتحضيرات الطائفية في جبل محسن بالقرب من طرابلس معقل المسلمين السنة في الشمال اللبناني يلحظ ما ينتظر المسلمون في المنطقة العربية نتاج العلاقات الصهيوأمريكية/الإيرانية النامية في الإقليم.
وأبرز ما يستشف من كل ما يجري في العالم العربي اليوم أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت راضية بشكل أو بآخر عن جميع الاستفزازات الإيرانية للدول العربية، سواء أكان ذلك بغرض مزيد من الابتزاز لتلك الدول، ورغبة في الحصول على صفقات وتمويل مشروعات بمقدورها أن تنقذ الاقتصاد الأمريكي الواهن من التردي، وعرض المزيد من تشكيلات الأسلحة الثقيلة من ترسانتها الراغبة في تجديدها في سوق الطلب العربي الواعد هذه الأيام، أو كان الأمر يجاوز هذه التطلعات الاقتصادية إلى استراتيجية أخطر بكثير، تتعلق برغبة الولايات المتحدة في تطويق الدول العربية بحزام واقٍ من الاضطرابات والفتن الطائفية، والقبول أو بالأحرى تشجيع وجود هذا الحزام، والعمل على زيادة سماكته ليتداخل أكثر فيما عُرف مؤخراً باسم "القمر الشيعي" أو "البدر الشيعي" كاستراتيجية أكثر تطوراً من سابقتها "الطوق الشيعي"، وهو ما قد كان حذر منه المشرف العام على موقع "المسلم" د.ناصر بن سليمان العمر قبل أكثر من عام حين لفت إلى فكرة التطويق هذه مستدلاً بـ" النفوذ النامي في صعدة للحوثيين وأحداث نجران والاضطرابات الشيعية وأعمال الشغب في البحرين، والسيطرة الشيعة على العراق، واستيلاء "حزب الله" على بيروت الغربية" [طالع نص الخبر في العام الماضي]، والذي بدوره هو نموذج تطويري لاستراتيجية "الهلال الشيعي" التي كان حذر منها الملك الأردني عبدالله بن حسين.
إن اللافت أكثر في القضية أننا لم نر أي رد فعل أمريكي على ما حدث في الجنوب السعودي، ولم نسمع لها تحفظاً على الضغوط الهائلة التي مورست على رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري ليقبل في النهاية بهذه التشكيلة وهذه المحددات القاسية للحكومة فيما يتعلق بسلاح "حزب الله" والنفوذ الهائل لكل من إيران بالأصالة وسوريا بالنيابة في لبنان، ولم نشهد ما يثير توقعات بأن الولايات المتحدة "ستظلل حلفاءها بحمايتها" في الخليج الذي يعاني هو الآخر من تدخل سافر من قبل إيران، ولم نسمع لها إدانة لمسألة خلية "حزب الله" في مصر، ولم نرَ أي جهود نحو ملاحقة سفن تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين.. ولن نسمع ولا نأمل بالطبع، لا لأننا فقدنا في الولايات المتحدة الأمل، لكن لأننا لا نطلب من أعدائنا شيئاً.. هذا ما نفهمه وهذا ما ندين الله به، ولكننا فقط نجادل شركاءنا في الوطن وفي أوطاننا العربية والإسلامية، ونردد لهم:
 "ما حك جلدك مثل ظفرك         فتول أنت جميع أمرك".