
كانت الصورة مثيرة للصدمة، على الرغم من الجانب المتوقع منها، رغم من أنها لم تفاجئ أحدا في النهاية، إلا أنها بدت أشبه بالقشة التي سوف تقصم ظهر البعير الجزائري! لأول مرة منذ بداية الأزمة الأمنية بصورتها الحالية، ينفجر سكان إحدى مناطق العاصمة في ثورة سميت لأول مرة بثورة الضواحي الجزائرية، كانت الصورة مثيرة للدهشة، ربما لأنها جاءت لتعري الخطاب السياسي الرسمي الهارب إلى الأمام، ولتكشف حجم الغبن والمعاناة التي يعيشها المواطن الجزائري داخل بلده، وبأيدي مؤسسات رسمية ترى فيه مجرد "غاشي" لا يرتقي إلى مستوى الشعب. حرب الضواحي في منطقة "ديار الشمس" ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، لأنها ببساطة أشبه ما تكون ببداية النهاية!لقد وجد الجزائريون أنفسهم أمام واقع مرعب، قادهم منذ أكثر من عشرين سنة إلى الإفلاس بأكثر من شكل وعلى أكثر من وجهة، حيث لم تتراجع الأزمات التي تعاني منها البلاد، إنما زادت حدتها، ليس أولها أزمة السكن ولا آخرها أزمة البطالة والعنف اليومي بكل أشكاله. لقد وجد الجزائري البسيط نفسه بين سنديان السلطة ومطرقة الأوضاع المعيشية المتدهورة، والتي تبدو الأزمة الاقتصادية العالمية كأنها جاءت لتزيدها تدهورا يدفع ثمنه المواطن نفسه، في غياب بديل حقيقي لم تنجح التشكيلات السياسية الهشة في تحقيقه، لأنها مجرد استنساخ رديء ومشوه من السلطة نفسها، فالتغيير في الجزائر يبدو بعيدا، لهذا بدأ المواطن يشعر بالضغط، وأنه يخسر سنواته مجانا، وأن الدولة التي ينتمي إليها تعتبره مواطنا درجة ثانية لأنه فقير ولا ينتمي إلى الأثرياء الذين يسكنون الأحياء الراقية النظيفة التي لا تنقطع عنها الكهرباء ولا الماء، وتعيش وضعا أمنيا مطلقا، في الوقت الذي يوجد فيه المواطنون البسطاء في غيتوهات بنتها الدولة لأجل حبسهم فيها، لا ساهمت في تحسين وضعهم ولا منحتهم تأشيرة السفر ليرموا أنفسهم في البحر بكامل أوراقهم الرسمية!