أنت هنا

المـزورون
23 شوال 1430







في حواره مع موقع المسلم، أعرب القيادي المعروف في حركة حماس، عضو مكتبها السياسي، محمد نزال عن خشيته من تزوير الانتخابات إذا ما جرت في الضفة الغربية، وسط هذه المعطيات، واشترط لإقامتها: "أن تكون الانتخابات نزيهة ولا بد من وجود ضمانات لنزاهة الانتخابات"، وأن يتم "الإفراج عن المعتقلين، فجميع قياداتنا قيد الاعتقال وبالتالي من سنرشح وكيف ستتم انتخابات وجميع كوادرنا في السجون؟!!"، ثم تناول أخيراً المسألة الأمنية معتبراً إياها قضية في غاية التعقيد، مضيفاً: "نحن نتحدث عن إعادة بناء الأجهزة وهيكلتها في الضفة والقطاع هم يريدون فقط في غزة، بما يعني استمرار سيطرتهم على الأجهزة الأمنية في الضفة ويريدون أيضا أن يسيطروا عليها في غزة".

وما يبدو من حديث القيادي بحماس، أن تلك الشروط منطقية وعادلة، فلماذا لا تعتبرها الأوساط السياسية العربية والغربية عند الحديث عن أهمية إجراء تلك الانتخابات؟ إن الأمر ببساطة يمكن إيجازه في أن تلك الدوائر لا تريد حياة ديمقراطية حقيقية، ولا إفرازاً معبراً عن مزاج الجماهير الفلسطينية، وميولها الفكرية والعقدية، وإنما يريدون بلا مواربة النيابة عن تلك الجموع في اختيار من يمثلها، والذي يمكنه تنفيذ أجندة الغازي وحلفائه.

الأمر ذاته، يستبين عند النظر إلى الانتخابات الأفغانية التي أعلن ممثل الأمم المتحدة الخاص في أفغانستان كاي إيدي أمس أن "عمليات تزوير ضخمة" شابت الانتخابات الرئاسية الأفغانية الأخيرة، ولم يكن هذا الإعلان بوازع أخلاقي، وإنما أتى بعد أن فضح مساعده السابق المستقيل مساعيه إلى تغطية مخالفات انتخابية خطيرة، حيث عقد إيدي الذي بدا عليه الغضب بوضوح مؤتمرا صحافيا ليرد على مساعده السابق بيتر غالبريث الذي أقيل مؤخرا من مهامه، والذي اتهمه بأنه حاول إخفاء أدلة حول عمليات تزوير شابت الانتخابات الرئاسية، هذا مع أن الطريف في الأمر أن الحديث عن التزوير ليس بريئاً هو الآخر، لأن كلا المتنافسين الرئاسيين خاض المعركة تحت سقف الاحتلال والرضا به.

وثالثة الأثافي ما يقام التحضير له من انتخابات غير شرعية ثالثة تجري وسط سلسلة طويلة من القهر والتجيير لمصلحة المحتلين وأذنابهم في العراق، لا يفوت أن نذكر على سبيل المثال فيها أن أحد أبرز نواب السنة في البرلمان العراقي لم يزل مختطفاً ـ إن كان لم يزل على قيد الحياة ـ من قبل جلاوزة "الحرية والديمقراطية الجدد"، ولم يزل يتم تداول الحديث باستغفال واضح عن انتخابات وطريقة الاقتراع والتفاضل بينها!!

إن المزورين هؤلاء، ليسوا أصحاب أنظمة مردت على الاستبداد بالنسبة لشعوبها، بل هي تقيم انتخابات حرة إلى حد بعيد في بلادها، ثم إنها إن أتت إلينا محتلة وغازية أذقتنا ويلات الاستبداد والقهر، وغلفته بقشرة ديمقراطية.. وأولئك الذين يبشروننا بديمقراطية الغرب إما بلهاء أو عملاء، لا فرق، لأنهم يتخيلون فرضية لن تحدث، ويحلمون بأوهام لن تكون.. على الأقل إن كانوا يأملونها من عند هؤلاء..

ديمقراطية الغرب احتكارية داخل حدودهم، ولن يسمحوا لغيرهم بمحاكاتها وإلا أفرزت لهم من يقول لهم لا.. وكيف لـ"مستعمر" أن يجلب من يقول له في النهاية: لا؟!