الأفغان كلهم طالبان!!
19 رمضان 1430
وهذه النتيجة المذهلة ليست من عندنا،وإنما جاءت بتوقيع طائرات حلف شمال الأطلسي (الناتو)،التي تحرث أراضي أفغانستان في الاتجاهات الأربعة،وتمطر أهلَها العزلَ بأعتى ما في جعبتها من أسلحة فتاكة،يحرم استخدامها ضد المدنيين،بحسب القانون الدولي،الذي وضعه الغرب الصليبي / اليهودي لحماية مصالحه وفرض رؤاه وأهوائه،على سائر أبناء آدم،الذين لا يرونهم إلا عبيداً لهم،أو مخلوقات أدنى منهم!!فقد حصدت الطائرات الصليبية الغازية أرواح90مدنياً في منطقة قندوز.
والمضحك/المبكي في الأمر،ادعاء الناتو أن القتلى كانوا عناصر من جماعة طالبان،فلما فضحت المستشفيات هوية الضحايا،اضطرت قيادات الناتو العسكرية ومرجعياتها السياسية،إلى الاعتراف بأن القتلى مدنيون،وتباكت عليهم متذرعة بأن الجريمة حدثت خطأً.
والأسوأ بالنسبة إلى دول الغزو الصليبي عنصر التوقيت وعنصر المكان.فالغرب منذ مدة يؤكد أن استراتيجيته الجديدة في أفغانستان تقوم على كسب قلوب الأفغان وعقولهم،وتأتي ضربة قندوز لتسدد سهماً قاسياً إلى هذه الاستراتيجية الساذجة.أما المكان فهو يقع بعيداً عن جنوب البلاد الذي تهيمن طالبان عليه تقليدياً،بل في مناطق يسيطر عليها خصوم طالبان من العملاء في تحالف الشمال.
وبالرغم من كون الأمم المتحدة شاهد الزور الأكبر في تلك البلاد،حيث تضفي شرعيتها المزورة على الاحتلال وما تبعه،فإنها تقر بأن ثلثي القتلى ال 828 المدنيين في أفغانستان في العام الماضي قضوا نحبهم بغارات جوية!!فكيف يكسب الناتو قلوب أهلها،حتى لو غض المرء طرفه عن الرفض الفطري للاحتلال الأجنبي لدى أي شعب،فما بالنا في شعب مسلم ذي بأس شديد،اشتهر في التاريخ برباطة جأشه وقهره غزاته من الإنجليز والروس وغيرهم.
وتسابقت عواصم الغرب في أمريكا وأوربا في التنصل من وزر الغارة الأخيرة،وتنافست في الدعوة إلى إجراء تحقيق،في خطوة نمطية ترمي إلى امتصاص أثر الغضب الشعبي.
بل إن معضلة الغرب هناك،أن ممارساته السادية الهمجية،أخذت تستفز أدواتهم المحلية،فها هو "الرئيس"حامد كرزاي يستنكر الغارات الجوية الغربية،لأنها تصب في خدمة طالبان،وتضاعف من نقمة المواطنين على الوجود الغربي!!
وها هم "النواب"في ما يسمى البرلمان الأفغاني،الذين صنعهم الاحتلال وأشياعه،يرفعون أصواتهم بالشكوى من أفعال الناتو،ويطالبون بوقفها فوراً!!
فهل هنالك مخرج أمام الغرب من هذا المستنقع؟
واقعياً،تبدو الآفاق مسدودة،فالغرب لن يضحي بأبنائه على الأرض،وسوف يبقى على سياسة الأرض المحروقة من الجو.أما على الأرض فإن الأدوات المحلية الأفغانية،عاجزة عن حسم الصراع في مواجهة خصومها.وها هي سبع سنوات عجاف من الاحتلال الغربي،تؤكد هذه الحقيقة،بل إن الحصاد المرير أثبت العكس تماماً،فقد توسعت المساحة التي تسيطر عليها طالبان،بالرغم من اجتثاث سلطتها على يد الناتو كلياً.
فلا المسرحية السياسية الجارية في كابل على تخوف من هجمات طالبان،تمثل منفذاً ممكناً لورطة الغرب الصليبي في أفغانستان،ولا الغرب قادر على حسم الصراع عسكرياً بوساطة الطيران الذي يضعف مكانة أشياعهم سياسياً وشعبياً،ولا الميليشيات المحلية العميلة،تستطيع التحرك شبراً واحداً في خارج مناطق تجمعاتها المحمية من الناتو.وبعبارة أخرى:أصبح الغرب وحلفاؤه الأفغان عبئاً متبادلاً.