أنت هنا

اللاصق الأمريكي للعراق وسوريا ضمن الهلال الإيراني
12 رمضان 1430

لم يتفاجأ المراقبون الإسلاميون من التوبيخ الذي تلقاه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من الإدارة الأمريكية بسبب اتهاماته لسوريا بالمسؤولية عن تفجيرات "الأربعاء الدامي" في المنطقة الخضراء ببغداد، ووفقاً لما نقلته صحيفة الوطن السورية في عددها الصادر يوم الأحد عن مصادر التي لم تسمها قولها؛ فإن "الإدارة الأمريكية بعثت رسالة توبيخ للمالكي على تصرفاته المتسرعة وغير المدروسة", مشيرة إلى أن "واشنطن فوجئت بتصرفات المالكي وتصريحات أعوانه وإنها سارعت إلى إصدار بيان تؤكد فيه أن الحوار هو الحل الوحيد لحل كل الخلافات العالقة بين البلدين".

وطبقاً للصحيفة ذاتها ومصادرها؛ فإن "واشنطن طلبت من المالكي الاستجابة فوراً إلى الجهود التركية التي ستبذل في الساعات القليلة المقبلة من أجل إعادة الأمور بين البلدين إلى نصابها", مشيرة إلى أن "واشنطن تدعم بشدة الجهود التي ستقوم بها أنقرة لحل الخلاف بين دمشق وبغداد وأنها طلبت من المالكي الالتزام بالمبادرة التركية وعدم تصعيد الأزمة مع دمشق".

وكانت الولايات المتحدة أصدرت بيانا في أعقاب تبادل سورية والعراق سحب سفيرهما تحثهما فيه على الحوار معتبرة أن ما يحصل بين البلدين هو "شأن داخلي" لكليهما.

لا جديد لدى الذين أكدوا حين كانت القوات الأمريكية على الحدود العراقية السورية في أعقاب غزوها للعراق وصدور تهديدات مبطنة بالزحف نحو دمشق، أن واشنطن لن تجازف أبداً بعلاقتها المصيرية مع دمشق الذين تخشى أن يحل محلهم حكومة تمثل الأغلبية السنية في سوريا.

والذين تحدثوا عن الهلال الشيعي في المنطقة ومنهم الملك الأردني عبد الله بن حسين لم يفتهم أن هذا الهلال هذا يتمدد بموافقة أمريكية، لا بل بإرادة أمريكية.

أليس غريباً الآن أن توبخ واشنطن حليفها في المنطقة الخضراء على إساءته للعلاقة مع سوريا وهي التي تصخ آذاننا ليل نهار بمسؤولية سوريا عن "الإرهاب" في العراق، وعدم بذل دمشق الجهد الكافي لمنع المقاتلين من التسلل عبر الحدود إلى العراق لتنفيذ عمليات "إرهابية"؟!

لا ليس غريباً على العالمين ببواطن أمور العلاقة التي تربط دمشق بواشنطن، والتي تربط بغداد بواشنطن، والتي تربط طهران بواشنطن؛ فظاهر الأمر عجيب بالفعل، لأن المالكي لم يفعل سوى الترتيب العملي والمنطقي على الاتهامات الأمريكية الصوتية لسوريا وبالتالي كان على واشنطن أن تقدر غضبته وتتفهم اتهاماته لسوريا، لكن ذلك لم يحدث!!

من الطبيعي ألا يحدث ذلك؛ فاللاصق الأمريكي ما بين العراق وسوريا ضمن المنظومة التي ارتضتها للمنطقة العربية لا يجسد حرصاً على "الوحدة العربية"، وهي وقفت من قبل تناهض أي فكرة للتقارب العربي مع نظام الراحل صدام حسين، وظلت حريصة على الانقسام العربي، لكنها الآن أكثر حرصاً على ألا يحدث شرخ في العلاقة التي صارت حتى وقت قريب متميزة بين بغداد (الإيرانية) ودمشق (الإيرانية)..

هل بقي الآن شك في تناغم السياستين الإيرانية والأمريكية حيال العالم العربي، أو على الأقل وجود قواسم مشتركة أكبر مما كان يتصور أكثر المتشائمين بذلك؟!