أنت هنا

الصيد في الماء العكر لمأساة غزة
27 شعبان 1430

الكل حزين في غزة لما حدث في غزة، حتى قادة حماس الذين ترحموا على عبد اللطيف موسى قائد أنصار جند الله الذي قتل بطريقة ما في منزله برفح الفلسطينية، ومنهم القيادي خليل الحية الذي سأل الله الرحمة للقتيل.

أصوات صغار السن الذين يتحمسون لكل من يخطب فيهم عن تطبيق الشريعة سرعان ما ملئوا مدوناتهم ومدوناتهم بعبارات الثأر القاسية لكنهم لم يخفوا حزناً لانتهاء حلمهم المفترض مع آخر أحلام مرشدهم الروحي التي تلاها في خطبته.

الشعب الذي تعود أن تزف جنازات شهداء القسام بسبب قصف أو توغل صهيوني هالهم أن يتجمهروا لتوديع خمسة لاقوا ربهم في قتال بين مسلمين كلاهما يردد "الله أكبر" وينطق بنفس العبارات ويتمثل الشعارات ذاتها..

عجبنا حين استمعنا إلى الخطبة الأخيرة لموسى والمصلون من حوله يهتفون "عليها نحيا وعليها نلقى الله".. هي ذاتها العبارات الشهيرة لحركة حماس ذات الجذور الإخوانية التي عرفت هذا الشعار منذ عقود بعيدة..

دفن الناس موتاهم وعادوا يتساءلون عن سبب التصلب الذي أبدته الجماعة الصغيرة بسبب مسجد لا تساوي حرمته حرمة دم مسلم تراق فيه أو خارجه.. عن هذه المعركة التي تمنى الجميع أن يصوب فيها السلاح باتجاه العدو الغاصب لفلسطين الذي ارتكب مجزرة غزة في يناير الماضي ويظل يتربص بالمسجد الأقصى الدوائر ويحيله هيكلاً معلقاً في الهواء استعداداً لهدمه لا قدر الله..

لا ريب أنها مأساة، كانت في الحقيقة متوقعة لأسباب عديدة مبعثها قلة فهم البعض وغلوهم وعدم إدراكهم لمقاصد الشريعة وظروف الواقع وعدم وضع الأمور في أنصبتها الصحيحة وأحجامها الحقيقية.

لكن على كل حال، ما كشفته الأحداث خارج هذا الإطار أن حركة حماس ستظل مدانة من قبل المتنفذين في حركة فتح ومن الناقمين من خروجهم من غزة ومن الجهات الخارجية الغربية المناوئة لهم؛ فلقد صارت الحادثة مناسبة جيدة لجميع من أراد أن يصيد في الماء العكر، ويتحدث من قيادات فتح المناهضة لحكومة حماس المنتخبة عن تجاوز حماس وعن تحويلها القطاع لأفغانستان أو الصومال، وهي في حسهم مذنبة إن قمعت "الإرهابيين" أو آوتهم!!

حماس هي التي جلبت التطرف إلى غزة في نظرهم، وهي مدانة إن قمعته!! حماس في خانة النقص إن تصرفت بهدوء مع المجموعة المعارضة لها أو اقتحمت مسجد ابن تيمية وصفت هذا الجيب الذي كان سيبرر للجميع اتهام الحركة بإفساح المجال للتطرف والإرهاب، والأمر ذاته تدندن عليه هيئة الضمير الحقوقية الموالية لرام الله التي اعتبرت أن حماس أفرطت في استخدام القوة، مع أنها كانت ستدين حكومة حماس إن هي تراخت في إيقاف مسلسل التفجيرات في النوادي وغيرها بغزة!!

إنه الإنصاف الغائب لدى القوى الكارهة لحماس في الضفة الغربية والإعلام الغربي، والتي تتبنى جميعها خطاً علمانياً لكنها فجأة أصبحت من أنصار أنصار جند الله!!