تتناوش اليمن السعيد مخاطر عديدة، لكن القادم إليها هو الأخطر مع وجود فئام من أبنائه البسطاء لا يدركون ما يروجون له، والخبثاء ما يتاجرون به ويخططون له.
منتسبون لما يُسمى بالحراك الجنوبي يحملون أجندة خاطئة أولى بالشرفاء أن يمزقوها عن أن يتمزق اليمن كله، وطائفة منهم يبرزون في وسائل الإعلام ينادون بالانفصال عن اليمن ويعتبرون إخوانهم محتلين كما الصهاينة تماماً، ولا يتورعون عن طلب النجدة من "قوى الاستعمار" الغربية لنيل "الاستقلال" عن اليمن "الشمالي"، ما يهدد أمن الجزيرة العربية كله ويعبد الطريق أمام الطامعين فيها.
وتتطاير الأنباء قائلة أن "عناصر مسلحة من أتباع حركة الحوثي استولت على اللواء 82 مشاة بالكامل، والذي يحوي عشرات الأطقم ومدفعية وصواريخ ودبابات ومصفحات وأكثر من مليوني طلقة منوعة، بمديرية شدا"، وفقاً لموقع مأرب برس، الذي يؤكد أن عدداً من الضباط والجنود فيه قد فروا إلى داخل الأراضي السعودية، ثم يعود الحوثيون فينفون ذلك وسط صمت رسمي!!
وتزيد الأنباء قتامة مع أحداث أبين تلك المحافظة الجنوبية التي ينشط فيها ما يُسمى بالحراك الجنوبي، ويسقط ضحايا ويزداد الشرخ بين أبناء البلد الواحد اتساعاً، وتتوارد أنباء عن أن محافظة مأرب قد صارت تابعة لمسلحي القاعدة.
ما الصحيح في كل هذا؟ لا ندري، فالأنباء متضاربة، لكن الصحيح والأكيد فيها أن اليمن يعيش أزمة حقيقية في تاريخه، ومع تنوع الضربات ضد نظامه يُخشى أن يتحدد مصير اليمن ضمن مربع الأخطار، وتتوالى الاضطرابات لتدخل محافظات ظلت هادئة، ويتهدد أمن واستقرار المواطن اليمني العادي، وتدخل البلاد في دوامة الحروب الأهلية.
انفجار قنبلة في أبين، وإبطال لغم فيها، وتصاعد العنف الدموي للحوثيين ضد الجيش في صعدة، تعليق فصائل المعارضة الحوار مع المؤتمر الشعب العام الحاكم في صنعاء، مطالبة حميد عبد الله الأحمر للرئيس اليمني بالتنحي ... العديد من الأخبار في يوم واحد تشي بأن القادم خطير في اليمن، وأن البلاد قد دخلت منعطفاً حرجاً يستلزم من أولى العقول والأفهام إدراك اليمن السعيد قبل أن تناله التعاسة.
صحيح أن المظالم كثيرة في اليمن، وأن إهدار المال العام قد حصل على نطاق واسع، وبالتأكيد لم يكن هذا ما يرجوه الجنوبيون الفرحون بالوحدة من هذا النظام، وأن شواهد التمييز والإقصاء كثيرة ومتواترة، وأن لبعض الثائرين مطالب عادلة، لكن هذا كله لا يبرر دخول اليمن في نطاق لن يفيد منه إلا المتربصون باليمن وأمنه.
لبريطانيا رغباتها، ولإيران طموحاتها غير البريئة، ولكليهما جنوده العاملون في شمال البلاد وجنوبها، وثمة من سمح لهؤلاء أن يجدوا الأرض خصبة لتحقيق هذه الرغبات والطموحات من الفساد وقلة الوعي وغياب العدالة، وهي بيادق الاحتلال وكاسحات الطريق له، وهذا هو أخشى ما نخشاه على بلد تفاءل الجميع بوحدته خيراً فإذا بها الآن تصبح في أخطر اختباراتها..
هيئ اللهم لأهلنا باليمن أمراً رشداً ورأياً سديداً وأوبة للحق..