ضع خريطة العالم بين يديك، ثم أغمض عينيك، وأخيراً ضع يدك على أي قارة من القارات الست، فسوف تجد دماء مسلمة زكية، تراق على أيدي وحوش حاقدين، يتلذذون بقتل المسالمين العزل، تنفيساً عن ضغائن ليس لها من سبب مفهوم، في تكرار عجيب لمحنة أصحاب الأخدود {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} سورة القارعة/الآية8.
فبالإضافة إلى الجراح المزمنة في فلسطين والفلبين وتايلند وميانمار"بورما سابقاً" ثم أفغانستان فالعراق ناهيكم عن البلقان كله....، ها هي تركستان الشرقية تشهد مذبحة همجية ضد أهلها المؤمنين، وكأن استعمار الوثنية الصينية المديد والوحشي لها لا يكفي!! وفي ألمانيا تقلى مصرية مسلمة حتفها بصورة بشعة على يد وحش كاسر في قاعة محكمة، ويتمكن المجرم من تسديد18طعنة لهذه المرأة المسكينة ولا تجد رجل أمن يمنعه من تنفيذ جريمته النكراء، بل إن قاعة المحكمة لم تضم أي إنسان يستحق هذه الصفة لكي يردع المهووس عن إكمال فعلته غير الإنسانية بكل المقاييس!!
وتستيقظ الحكومة الألمانية من غفلتها المتعمدة بعد سبعة أيام كاملة لتعترض على الجريمة الفظيعة!!ويمارس الإعلام مهمة الشريك الكامل للمجرم، فتظهر فيه عناوين صلفة تقول:
مصرع سيدة مصرية والإسلاميون يستعدون لرد عنيف!!!!!
ويقف عضو في البرلمان ليعبّر عن مكنونات شعوب تنهش البغضاء قلوبها، فيعلن أن المسألة تصبح مشكلة تتطلب حلاً، عندما يقتل العنصريون هناك جميع المسلمين في بلده!!
وفي الدانمرك-بلد الرسوم الوضيعة-يجري إحراق المصحف الشريف وامتهانه من قبل الرعاع المتزيين بزي الثقافة في حفلات كراهية عامة غير مسبوقة..وفي فرنسا ساركوزي حرب متجددة على الحجاب وهي حرب وجدت نموذجها الفاضح على يد المتعصب الألماني الذي اغتال الأخت المصرية مروة الشربيني!!
غير أن أشد ملامح هذه الحرب البشعة قتامةً، تأتي من بعض علماء السوء المنتسبين إلى الإسلام، فهم يتطوعون بالنيابة عن الغرب الموتور في تبرير جرائمه التي بات نفر من الأحرار هناك يخجلون من مستوى انحدارها.فأحد هؤلاء ينبري للزعم بأن ما يقع من مظالم هائلة على المسلمين في عقر دار الغرب ليس سوى ممارسات فردية!!أجل، مع أن وسائل الإعلام العالمية تنقل الشواهد يومياً على حرب الكراهية الغربية من طرف واحد، بالرغم من أن هذه الوسائل الإعلامية تحرص على التعتيم وتسعى في الأقل إلى التهوين من شأن الضغوط والسياسات والممارسات المعادية للإسلام.فإذا تجاهل هذا المنتسب إلى أهل العلم ارتفاع أصوات الاستغاثة الجماعية التي يطلقها المسلمون المقيمون في أوربا وأمريكا، وإذا كان لا يتابع الأنباء المتواترة عبر المحطات والصحف والإذاعات الغربية نفسها، فما له يتبرع للدفاع عن جرائم الإبادة الغربية في حين يصمت الغربيون لأنهم أذكى من أن ينفوا وقائع بهذا الحجم وبهذا الوضوح؟
وهلا سأل أمثال هذا أنفسهم:لماذا لا تقع حوادث فردية كهذه ضد نصارى أو يهود أو هندوس أو بوذيين أو......؟وكيف استطاع تزوير تاريخ حافل بالحقد بهذه الخفة وبهذا الاستخفاف بعقولنا وحواسنا؟وهل كانت مذبحة سبرنتسا في البوسنة حادثة فردية مع أن 8000من المدنيين العزل قضوا نحبهم فيها على يد عصابات الصرب؟
أوليس مذهلاً أن يحتج مفكرون وإعلاميون غربيون على جرائم كراهية الإسلام التي يعتبرونها نتيجة حتمية لثقافة البغضاء التي يتبناها الساسة والإعلام وتضخ سمومها في مناهج التعليم، ثم يأتي مسلم-بل عالِمٌ بل ذو موقع كبير جداً-ليتعامى عن أوزار ساركوزي وبرلسكوني وأشباههما من قادة الغرب في مجالات السياسة والعسكرية والاستخبارات والثقافة والفكر والفن والإعلام.....
إن مسارعة هذا الفريق المشبوه إلى تبرئة ساحة الغرب والدماء البريئة لمّا تجف بعد، قد تكون مجرد لعبة سياسية رخيصة لتبرير تخاذل الحكومات في البلدان الإسلامية عن النهوض بالحد الأدنى من واجباتها نحو مواطنيها على الأقل!!
إن القضية لم تعد مجرد احتجاج عاطفي عابر، بل أصبحت قضية كبرى وعاجلة، تستدعي وقفة شاملة تفرض على الغرب الكف عن بث حقده على ديننا وعلينا تحت شعارات الحرية الشخصية وحقوق الإنسان، إذ لم تعد هذه التجارة الفاسدة تنطلي على أحد، باستثناء الذين يبيعون آخرتهم بدنيا سواهم!!