أنت هنا

المسؤولية العامة في مسألة تركستان
15 رجب 1430




يلتئم باسطنبول الثلاثاء الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي الست وتركيا على مستوى وزراء الخارجية، للتشاور في مجمل القضايا السياسية والإقليمية والدولية التي تهم الجانبين؛ فهل ستكون الأحداث في تركستان الشرقية المسلمة على جدول أعمال الاجتماعات؟ نأمل.

نأمل كذلك في تصعيد القضية من قبل جميع زعماء العالم الإسلامي، والمؤسسات المعنية، ونتطلع إلى جهود متضافرة من الهيئات الإسلامية من أجل نيل المسلمين هناك حقوقهم التعبدية والمعيشية الطبيعية.

إن أحداث تركستان أنعشت الذاكرة لدى المسلمين عن هذه الدولة المسلمة المحتلة التي كانت ملء السمع والبصر في سالف الأزمان عندما كان طريق الحرير يمر بها فيعرفها القاصي والداني في أطول طريق تجارة بري عرفه المسلمون والعالم، ثم تنامت أهميتها بعد اكتشاف النفط والمعادن الثمينة بها القرن الماضي.

قبل نحو ثلاثين عاماً تقدمت رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة بمذكرة لمؤتمر القمة الإسلامي جاء فيها: "نتيجة تحسن نظرة حكومة (الصين الشعبية) للمسلمين.. تطالب رابطة العالم الإسلامي الحكومات الإسلامية بالقيام بمساع لدى (الصين الشعبية) لتحقيق المزيد من الحرية الدينية للمسلمين في (تركستان الشرقية) .. هذا بالنسبة للدول التي لها علاقات مع (الصين) .. وإرسال الوفود الإسلامية بصورة متواصلة إلى (تركستان) ومحاولة إيجاد بعض المؤسسات الإسلامية وتقديم المساعدات الثقافية"، لكن هذا التحسن اللحظي لم يستمر طويلاً بل انتكست الصين كعادتها في معاملتها للإويجور المسلمين واستمر اضطهادهم ومعاملتهم كالعبيد، وظلوا محرومين من حقوقهم الأساسية، وفي رمضان الماضي تكرر قرار الإدارة المحلية في تركستان بمنع المسلمين من الصيام، هذا إضافة إلى منعهم من إقامة المساجد وشعائر دينهم.

آلاف القتلى والجرحى والمعتقلين في مظاهرة تقول التقارير الصينية الكاذبة أنها ضمت ألفاً من المحتجين فقط، لكن الواقع أن الإويجور ما زالوا ثائرين، وانتفاضتهم مع القمع الشديد كامنة وتغلى مراجل الغضب في صدور المسلمين الذين يعانون من دولة لها علاقات اقتصادية هائلة مع الدول الإسلامية مما لا تأبه له، ما لا يتصور في القرن الواحد والعشرين.

إن حجم المسلمين في الصين عموماً وفي تركستان خصوصاً ليس هيناً وهو يبلغ عشرات الملايين بما يفوق عدد المسلمين في الخليج العربي كله، وأرضهم التركستانية التي لا تتكلم اللغة الصينية وتكتب بحروف عربية ولها جذور علاقات مع الأتراك ودول آسيا الوسطى الإسلامية تجعل منهم جزءًا منبتاً عن الطبيعة الصينية المقهورين على التعامل وفقها، ويجعلهم مرشحين للتعامل الندي مع الجمهورية الشيوعية لا عبيداً في معسكرات سخرة تعمل تحت إمرة الصيني ثم يصدر إلينا منتجاته ونتلقاها فرحين!!

لقد سقط إخوان لنا في مصنع للألعاب في عاصمة الدولة المحتلة قبل نحو أسبوعين، ثم تبعهم مئات الضحايا ونحن ندخل على أطفالنا البهجة بلعب مضرجة بدماء إخواننا المسلمين هناك، وهذا ما لا يمكن قبوله ولا التعامل معه بهذه السطحية التي تتعامل بها معظم الأنظمة الإسلامية؛ فالمطلوب وقفة جادة وإعلان صريح من الحكام والشعوب المسلمة بلا استثناء أننا نرفض هذا العبث بحياة وحريات إخواننا، وإلا فما قيمة أن ندعي الأخوة الإسلامية ثم نجافيها في تلك المواقف المصيرية.