أنت هنا

وفي العراق جوع ونهب واحتلال
7 رجب 1430

أحدث فصول المسرحية المضحكة/المبكية التي تجري فوق أرض العراق وعلى حساب شعبه حاضراً ومستقبلاً، هو الفصل الذي يتم تمثيله غداً بخروج جنود الاحتلال الأمريكي من المدن العراقية، ليس لمغادرة بلاد الرافدين وإنما للاختباء في قواعد خاصة وشديدة التحصين، ليكون للعم سام القرار الاستراتيجي من دون تبعاته الأمنية، فيصبح اصطياد جنود الغزو أمراً عسيراً،  ويغدو على الأدوات المحلية أن تنوء بعبء توفير الأمن للقواعد الأجنبية ودفع الثمن في مواجهة المقاومة الباسلة التي لا ترضى بأقل من جلاء الصليبيين كافة عن ديارها.

 

فهذه الخطوة ذات الأبعاد المكشوفة  يجري تقديمها من أزلام المنطقة الخضراء على أنها فَتْحُ الفتوح ونهاية الاحتلال وتحقيق السيادة الوطنية!!وربما لا تعد العمليات العسكرية الأخيرة ضد المحتلين وأشياعهم في بغداد وسائر مناطق العراق سوى رأس الجليد الذي يخفي أكثر مما يُظْهر، لأن الجانب المتعلق بالأمن مباشر وسريع الظهور، في حين يغفل البعض عن تزامن الخطوة التضليلية هذه، مع حدثين واضحَيْ الدلالة، أولهما:مُضِيّ غلاة الكرد في مشروعهم التمزيقي بإجراء استفتاء على ما يسمى دستور إقليم كردستان، بعد فترة قصيرة من تصديرهم النفط من المناطق التي يحتلونها بحماية الأمريكيين منذ عام 1991م، الأمر الذي يؤكد إصرارهم على تفكيك العراق لمصلحة الصليبين واليهود والصفويين معاً!!!

 

أما الحدث الثاني فهو مسارعة التحالف الشيعي التابع لإيران إلى حماية حسين الشهرستاني-وزير النفط في حكومة المالكي-من استجواب 120نائباً من أعضاء ما يدعى(البرلمان)العراقي.فالرجل الذي تسبب في تقليص الميزانية العامة للبلد-وهي جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى-والذي تفوح روائح الفساد من حواشيه ومساعديه، بدلاً من محاسبته حساباً عسيراً، تمت حمايته من قبل شركائه، فقد ضغطوا بشراسة على رئيس البرلمان إياد السامرائي الذي عالج الضغوط بالفرار من المواجهة بتحديد موعد للاستجواب يكون فيه السامرائي خارج الحدود!!وهو يعلم أن نائبه في هيئة رئاسة البرلمان خالد العطية ينتمي إلى الفريق الطائفي والسياسي نفسه الذي ينتمي إليه الشهرستاني!!

 

وقد تحققت مخاوف المخلصين فالعطية نجح في تعطيل الاستجواب عبر حركات التفافية على الدستور والقوانين السائدة، وهي جميعاً من تفصيل أدوات الاحتلال ذاتها، بحسب رؤاها وأهوائها ومنافعها الخاصة غير المشروعة بكل المقاييس.
وما دام القوم نفعيين رديئين، فليس يعنيهم احتجاج النواب الذين اتهموا العطية وحلفاءه بالخروج على الدستور والقانون،  وأن ممارسته تعني أن  الشهرستاني لديه ولديهم أفضل من الشعب العراقي أو أفضل من العراق.
وهم لا يبالون بافتضاح مساعيهم اللا أخلاقية لحماية اللص الشريك، مثل محاولة تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بحيث لا يُسْمَح  باستجواب المسؤولين إلا بموافقة هيئة الرئاسة كاملة،  بينما ينص  النظام الداخلي على موافقة رئيس المجلس وحده، إذا تقدم بطلب الاستجواب 25نائباً!!!

 

ولا يخفي النواب المصرّون على ملاحقة الشهرستاني ومعاقبته لا يخفون خشيتهم من لجوء شركائه إلى الحيلولة دون اكتمال النصاب للجلسة التي سوف تناقش الاستجواب!!
فإذا جمع المرء جوانب الصورة على حالها، فإنه يخلص إلى أن المسرحية الملهاة/المأساة مستمرة ولن يوقفها سوى الشرفاء الذين قاوموا الغزو المعادي منذ أول يوم، وما زالوا على العهد بالرغم من هول الضغوط وقلة النصير وتكالب الأعداء من كل صوب ضدهم، حتى من فريق يرفع شعارات مناوأة الاحتلال بالكلام، وينسّق خطوات تمكينه معه ليل نهار.
بيد أن خطوات الترقيع هذه، تعني لذوي الألباب أن مشروع الغزو قد شبع فشلاً بإذن الله، وأن الغاصب ما زال يبحث عن مَخْرَجٍ مقبول من مأزقه غير المتوقع.فكل تراجع من المحتل وأدواته ليس سوى إقرار ضمني بأنه يعد العدة للفرار.وكل قراءة سوى هذه تفتقر إلى إدراك الواقع، وإلى جهل مطبق بحقائق التاريخ ومواعظه البليغة!!