فليسقط حوار القاهرة..ولتذهب المصالحة الوطنية إلى حيث أَلْقَتْ رَحْلَها أم قشعم..
ذلك هو لسان حال رئيس ما يسمى "السلطة الوطنية الفلسطينية"محمود عباس،العائد من رحلة "حجه"إلى قِبْلته وقبلة المستسلمين جميعاً:واشنطن،ببيتها "الأسود"وقلبها الأشد سواداً.فهناك تلقى أحدث تعليمات السادة،بالعودة إلى الأسلوب الدموي في محاولة اغتيال المقاومة،بعد فشل طريقة الخداع في تركيع حماس وفصائل المقاومة،باسم الحوار وتحقيق الوحدة الوطنية والتهدئة وشعارات إعمار غزة ورفع الحصار...
فلقد سقطت محاولات الالتفاف أمام وعي الفصائل المجاهدة،التي رفضت الانجرار إلى فخ اللجنة الرباعية الدولية وخريطة طريق تصفية القضية الفلسطينية.ولم تُفْلح كل تمثيليات المراوغة الرامية إلى تمرير المؤامرة بثياب مستعارة،من خلال الاعتراف باختطاف عصابة رام الله لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد ابتلاع حركة فتح،لكي تتمكن الفئة العميلة من التوقيع باسم الشعب زوراً وبهتاناً على قتل نفسه وإلغاء وجوده عبر محو حقه في العودة إلى وطنه السليب وتهويد القدس نهائياً وإقامة كيانات مسخ تفصل بينها جدر العدو ثم تسميتها "دولة".
بل إن العصابة بدلاً من استثمار التركيبة التلمودية القصوى لحكومة العدو في "إحراج"الأوصياء الظالمين الناطقين كذباً باسم "الشرعية الدولية"،بدلاً من بقايا هذا الحد المتدني ،سارع هؤلاء إلى نسف حوار المصالحة في القاهرة من خلال تغيير الشروط والتراجع عن نقاط الاتفاق،ثم بإلقاء قنبلة تأليف حكومة تبعية جديدة برئاسة سلام فياض نفسه!!
وإلا فبم يستطيع عاقل أن يفسّر تجدد هجمة أنياب السلطة على رجالات المقاومة في الضفة الغربية،بالسعي إلى اعتقالهم وتسليمهم إلى العدو الذي يقتلهم بدم بارد؟وكيف يفهم الإنسان المؤامرة/الفضيحة التي وقعت فصولها في قلقيلية مؤخراً؟
إن "بركات"رحلة عباس الأمريكية لا تقف عند حدود العودة إلى التآمر العلني على حركات المقاومة في الضفة،ما دامت تصفيتها في غزة قد تعذرت على العدو بعد استحالتها بيد الوكلاء الدحلانيين.فهنالك "مكسب"إضافي لا تخطئه عين المراقب الموضوعي،يتمثل في إسكات الأصوات الفتحاوية الساخطة على عباس وبطانته،مع أن هذه الأصوات قد استفزها تكوين حكومة عميلة جديدة من دون استشارة كتلة فتح البرلمانية ولو في نطاق الشكليات والمراسم الفضفاضة؟
ويكفي العصابة ذاتها عاراً،أنها تلقت ثناء غلاة الصهاينة على جريمة قلقيلية،مشفوعاً بطلب المزيد باعتبار ما جرى خدمة لازمة للعدو لكنها غير كافية!!كما يكفيها سقوطاً إجماع فصائل المقاومة على استنكار تآمرها على الشرفاء الأبرار من الفلسطينيين الصامدين،فإذا كانت أبواق عباس تتهم حماس بأنها راغبة في الحكم،فما الذي يمكنها التشدق به نحو فصائل كانت وما زالت ترفض أي مشاركة في العملية السياسية مثل حركة الجهاد الإسلامي؟وبأي لسان تستطيع مواجهة التوثيق المحايد الذي قام به المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان-الذي لا يمكن اتهامه بمحاباة حماس-؟
وأما التلاعب المصطلحات والتسميات فلم يعد يجدي نفعاً مع شعب مؤمن مرابط وشديد الوعي بحقائق الصراع وطبيعة العدو.فمن المضحك/المبكي تسمية جرائم قتل المجاهدين أو تسهيل اغتيالهم بيد اليهود تنفيذاً ل"سيادة القانون"بحسب تصريحات الأداة سلام فياض.وكأن التصدي للاحتلال باتت في عرف المجرمين خروجاً على القانون،في حين أصبحت العمالة التزاماً بالقانون!!فبئس القانون إن كان في الدنيا قانون كهذا!!وأما سرقة قوت المساكين وإرشاد طائرات العدو الحاقد فهي سيادة لقانون الخيانة التي تجاوزت عند هؤلاء مرحلة"وجهة نظر"إلى مرحلة تقنينها المرفوض في كل زمان ومكان لدى كل الشعوب والأمم،فكيف يكون الرفض في مجتمع مسلم يرجو رحمة ربه ويخاف عذابه؟
إن أولئك الخاسرين لم يتنبهوا إلى أنهم بمسلكهم هذا قد أثبتوا للجميع أن المشكلة لم تعد انقساما بين حماس وفتح كما يراد تصويرها في وسائل إعلام الضرار، بل أضحت مأزق حفنة مأجورة ربطت مصيرها بتنفيذ إملاءات واشنطن وتل أبيب تنفيذا أعمى بلا أدنى مناقشة بل من دون تفكير أو تردد.