الخبر الذي نشره موقع "المسلم" نقلاً عن صحيفة الوفد المصرية قبل أيام وتحدث عن تكتل شيعي من نشطاء عراقيين ويمنيين ومصريين شيعة لـ"ملاحقة" علماء السنة السعوديين، وتحديداً 21 عالماً سنياً بارزاً يعدون من طليعة علماء السعودية أمام المحاكم الدولية، أريد له أن يحوز على استحواذ الأوساط الإسلامية في الخليج وخارجه كونه يمس جلة من العلماء العاملين ـ نحسبهم كذلك ـ، وكونه يرتبط بالملف الشيعي، وتداخلاته في الأوساط الخليجية التي تضم بينهما طائفية شيعية.
وخلاصة ما حواه الخبر، هو أن مجموعة من النشطاء فيما يعرف بـ"مؤسسة الإمام علي لحقوق الإنسان" التي حضر المرجع الشيعي اليمني فيصل محمد شايع كممثل عنها لتوقيع بروتوكول تعاون مع "مؤسسة آل البيت" المصرية بزعامة محمد الدريني (السني السابق)، وهدفهما ـ فيما تذكر الصحيفة ـ هو "ملاحقة علماء المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية بزعم أنهم يطلقون فتاوى تكفيرية تستحل دماء الشيعة وأموالهم."
وإلى هنا، والخبر مفهوم ويسير بالسياق الطبيعي، وهو رغبة هؤلاء في التحاكم إلى المحاكم الدولية من أجل "جر" العلماء المسلمين في أروقة المحاكم "الشيطانية" لإحداث نوع من التقارب مع السنة وفقاً لما يمليه "مذهب آل البيت"!! إذ إن عقيدة هؤلاء تسمح لهم بفعل هذه السخافات التي لا يقدم عليها في الحقيقة إلا من يرى في تلك المحاكم ملاذه وحصنه ضد أهل العلم المسلمين، ساعياً لتحقيق هدفه، وهو إرهاب العلماء وحشرهم في زاوية عدم الاقتراب من دائرة محاربة البدع والخرافات الفارسية والصفوية، وإلا صاروا هدفاً لتهمة معولبة جديدة تدعى "معاداة الشيعية".
نقول: هذا كله مفهوم اقتداءً باليهود الذين نجحوا في جعل ما يسمى بـ"معاداة السامية" تهمة جاهزة لكل من ينتقد "إسرائيل" وسياساتها العدوانية أو حتى يضع الأفكار اليهودية الدينية موضع النقد والتحليل المنهجي والدراسة.
غير ذلك، قد يكون غريباً على تصورنا؛ فمن يرسم الخط اليهودي ويمده على استقامته لابد وأن يجد في النهاية سعياً وراء تعليب تهمة جديدة اسمها "معاداة الشيعية"، وتدويلها، والبدء بأوروبا لتسويقها تحت مسمى مؤسسة حقوقية تحفظ للناس حرية العقيدة (التي حفظها القوم في العراق حين قتلوا ما يزيد عن مليون مسلم سني على الهوية، وأضحى اسم عمر في بعض الأحياء بالعاصمة العراقية وغيرها تهمة تستوجب الإعدام!!).
لكن الذي لا نفهمه، أن يتصور هؤلاء أنهم سينجحون في مراميهم الدنيئة بترهيب العلماء وتحفيزهم على ألا يقولوا الحقيقة في شأن الخرافات والبدع، ويكشفوا المخططات والاستراتيجيات الإيرانية الرامية إلى السيطرة على منطقة الخليج ومد نفوذها عبر الحدود وتصدير الثورة الطائفية.
بالطبع، كان التحرك هادفاً إلى تبريد التحذيرات المخلصة تحت ذريعة أن العلماء "يستحلون دماء الشيعة" وهي تهمة لم نقف لها على نص لعالم من هؤلاء، بغرض إرباك المنطقة برمتها بأكثر من وسيلة سعياً لحرق الوقت قبل تطوير إيران برنامجها النووي.
والأخطر فيما لا نفهمه، هو أنه في حين يسعى هؤلاء النشطاء في تفريغ أوروبا شيئا فشيئا من أصوات علماء السنة العاقلة، وإفساح المجال لغيرها بفعل هذه الملاحقات على فرض حصولها، إلا أن الغريب هو وقوف الدول العربية (السنية) عموماً مكتوفة الأيدي أمام عبث هؤلاء واجترائهم على علماء السنة ولو بالكلام والتشويش والإرجاف.
لكن، سواء أكانت المواقف العربية على قدر المسؤولية أم لا؛ فإن رسالة العلماء كما بينها الله عز وجل في كتابه العزيز هي الميثاق الذي أخذه الله عليهم في الكتاب: { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ }