
كم هو مريب تصاعد الاستفزازات الموجهة إلى الأكثرية الساحقة من المصريين الذين يؤمنون بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبياً ورسولاً!! وهي تطاولات تخصصت فيها الكنيسة القبطية ولا سيما منذ صعود شنودة الثالث إلى رأس هرمها، وإن لوحظ في الفترات القريبة الأخيرة انضمام أفراخ الزندقة البهائيين إلى ما يشبه مخططاً مرسوماً ومدروساً، وتقف وراءه قوى خارجية لا تخفي مقتها لمصر وازدراءها للمصريين، وبالتحديد لأنهم أثبتوا استعصاءهم على التذويب والتشويه، وبرهنوا على قدرة مقاومة هائلة، على مر القرون والسنين، وأكدوا-عملياً-تشبثهم بدينهم الذي أكرمهم الله به وأخرجهم من ظلمات الوثنية وحمأة الجاهلية وذل التسلط والطغيان السياسي والمالي(ثنائية فرعون وقارون).
فلا الحملات الصليبية المتتالية، ولا غزو نابليون بخبثه وهمجيته معاً، ولا اللورد كرومر بخداعه وتسلله إلى البنية المحلية من خلال أدوات التغريب التي اجتذبها بالإبهار أو بالمال، كل تلك التجارب المريرة لم تستطع أن تقنع المصريين بالتخلي عن إسلامهم أو-في الحد الأدنى-بالموافقة على إقصائه من الحياة العامة وحصره في نطاق التعبد الفردي، بالرغم من تركة التصوف السلبية المديدة التي تسهم بطبيعة تكوينها المنحرف في تنفيذ مآرب الظالمين سواء أكانوا غزاة كفرة أم طواغيت فجرة.
ولعل النظم المتسلطة التي استبدت بالسيطرة على الحكم في مصر بعد تحررها من الاحتلال الإنجليزي، هي العنوان الأبرز على إخفاق المؤامرة الغربية بعد توكيل المتغربين المحليين بفرضها على الناس عنوة.علماً بأن ما ظهر على السطح في فترة اللبرالية ثم القمع الناصري، كان يثلج صدور السادة توهماً منهم بأن هدفهم البعيد يوشك على النجاح!! لكن أصالة الشعب المصري وعمق الإسلام في قلوب أبنائه، سرعان ما ألحقا الهزيمة النكراء فإذا بالصحوة تكنس كثيراً من ركام التغريب السطحي الذي كانت نخبة الفساد أو سلطة العسكر هي سنده الوحيد والسبب اليتيم لاستمراره في ما سبق.
والمؤسف أن غلاة النصارى ممن يفترون على التاريخ الكذب ويجحدون الجميل، تمكنوا في العقود الأخيرة من فرض تنازلات على الدولة المصرية، بتأثير الدعم الصليبي الأجنبي الصريح، وبسبب ظروف البلد الاقتصادية، فضلاً عن التحول الاستراتيجي السيئ الذي بدأ مع زيارة السادات البغيضة للقدس المحتلة، وهيمنة التغريبيين على محيط صنع القرار في البلد.
وكلما زيّن مستشارو السوء للنظام السياسي الرضوخ المتكرر لمطالب "القبط" غير المعقولة بأي مقياس، كانوا يورطون النظام أكثر فأكثر، لأن من يلجأ إلى استرضاء الذئب مرة ثم مرة فإنه سيشجعه على طلب المزيد باستمرار.
وليس سراً أن تلك البطانة تلعب دوراً محورياً في توسيع الفجوة بين النظام الحاكم والحركات الإسلامية التي لا شك في اعتدالها واتزانها اللذين جلبا عليها اتهامات وأحكاماً قاسية من الغلاة.وواضح أن هذه الطبقة تدرك أن هذا المناخ الرديء هو أملها الوحيد في البقاء، كما أنها تدافع عن مكاسبها الذاتية الرخيصة وغير المشروعة، وعن رؤيتها الذيلية التي تعتقد بتقليد الغرب في كل شيء بخيره وشره وحلوه ومُرّه-كما قال أحد أكبر رموزهم منذ سبعة عقود من الزمان.
ومن شك في ذلك فليطالع ما تنشره وسائل إعلام "القبط" المتعصبة، وبخاصة في الإنترنت حيث تعتمد في بث شبهاتها الواهنة ضد الإسلام على نتاج أقلام التغريبيين المنحدرين من عائلات مسلمة أصلاً.
فهلا اتعظ أدعياء الخوف على النظام من تجربتهم الفاشلة-تدليع "القبط" حتى تنمروا على النظام نفسه-لكي يجنبوا مصر العزيزة كارثة إضافية تبدو ملامحها مع لإفساح المجال أمام عشرات من الزنادقة التافهين معتنقي البهائية-والأزهر يحكم بكفرها-فتارة يتيحون لهم اعترافاً رسمياً أثيماً، وتارة أخرى يسمحون لهم بالاحتفال العلني في تًحًدٍّ وقح لجمهور المصريين المسلمين.