أنت هنا

الإمارات أمام فوهة البندقية الإيرانية
10 صفر 1430




هل هي الجائزة الكبرى بالنسبة للإيرانيين أم تراهم يضغطون وحسب لكسب مصالح لهم في الخليج لا ترتقي إلى حد ابتلاع دول الخليج بعد جزرها؟! لا معطياتٍ يقينية يمكن اعتمادها في الإجابة على هذا السؤال الآن، بيد أن الثابت حتى اللحظة أن إيران ماضية في خطاها التوسعية على قدم وساق في غياب أي تنسيق عربي راقٍ لمستواها على الصعيد الاستراتيجي.

سيل من التهديدات انهمر على دولة الإمارات بعد قرارها بأخذ البصمات من الأجانب بمن فيهم الإيرانيون في مطاراتها الدولية، لم يكن أولها ما ورد على لسان عضو لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الايراني جهانفير زاده الذي طالب بتجميد علاقات إيران بالإمارات، معتبراً أن إيران لن تفعل المثل مع الرعايا الإيرانيين لأن معظم الإماراتيين المسافرين إلى إيران هم من الشيعة الزائرين لما دعاها بالأماكن المقدسة.. وتوالت التهديدات على لسان المسؤولين الإيرانيين من بعد مطالبة بحصار الإمارات إيرانياً على الصعيد الاقتصادي وحتى استخدام القوة ضد هذه الدولة الحديثة التي لم يتجاوز عمرها 40 عاماً وفقاً للتصريحات الإيرانية.

وسبق التهديدات أخرى تجاه البحرين التي شهدت مؤخراً مؤامرات جديدة لتحريك الطائفة الشيعية فيها ضد الحكم الملكي، بعد تصريحات عنيفة حملها شريعتمداري في صحيفة كيهان القريبة من خامنئي في إيران للزعم بأن البحرين ما هي إلا محافظة إيرانية يجب أن تعود إلى الوطن الأم!!

الإمارات من جهتها جمعت العديد من الدول العربية لـ" نعمل لنتغلب على هذه الظروف الصعبة ولدعم توافق عربي من شأنه أن يوقف التدخلات غير المرحّب بها وغير البناءة في شؤوننا من قبل أطراف غير عربية" في إشارة ـ على ما يبدو لإيران ـ، وفقاً لتصريحات وزير الخارجية الإماراتية التي أعقبت اجتماع أبو ظبي الهادف إلى ما تقدم، لكن الاجتماع أسفر في النهاية عن تأييد غير مشروط للسلطة الفلسطينية بواجهتها الانقلابية، وهو ما عنى للمراقبين أن ما يسمى بدول الاعتدال لم تزل غير قادرة على قراءة اللحظة بشكل دقيق، ما يجعلها لا تسير في اتجاه صحيح ينزع البساط من تحت أقدام الإيرانيين في الخليج أو فلسطين.

إن الحديث الإيراني عن الإمارات والبحرين والكويت وشرق السعودية خطير، ويشي بأكثر من دلالة، من أبرزها، أن إيران قد نجحت بشكل غير مسبوق على تجيير السياسة الأمريكية في الخليج خصوصاً والعالم العربي عموماً لصالحها، بما يجعل تلك الدول العربية مكشوفة الآن تماماً أمام التهديدين الأمريكي والإيراني معاً، ويجعل كذلك من الواجب على دولنا العربية أن تفكر بشكل أكثر موضوعية لأن مسألة التحرر من الضغوط قد بات لم يعد فقط مؤسساً على قواعد المبادئ والقيم فحسب، وإنما كذلك قد وضع الجميع أمام اختبار قاسٍ بأن نكون أو لا نكون، ومن المؤسف أن نقول أن "التمديد" لعباس وزمرته قد بات أمراً ممجوجاً وحيلة لا تصلح الآن في عالم السياسة، وتشجيع حماس على الاقتراب أكثر من عمقها العربي والإسلامي ومباشرة دور وساطة نزيه بين المتنفذين في غزة ورام الله، هو أقصر الطرق للإبقاء على دور عربي في فلسطين.. وأما الخليج ذاته؛ فإن مصيره يكتنفه الغموض في ظل إصرار على الاعتماد على الخارج واسترضاء الحليفين (الولايات المتحدة وإيران)، عوضاً عن ممارسة دور شجاع في تحقيق نهضتين عربية وإسلامية لا تضع بيضها في سلة الحلفاء أو حتى المحاور.. وإذا لم يكن، فليس إلا طريق الهاوية واستجلاب أندلس جديدة، نبكي فيها كما بكي محمد الصغير آخر ملوك بني الأحمر أندلسه الضائعة..