أنت هنا

للانتصار معانٍ لا يفهمها أولمرت
23 محرم 1430




مع أنه كان يعيش لحظة بائسة تعاكس تماماً إعلانه الانتصار الزائف على الأطفال والنساء والمسنين في غزة، إلا أنه راح يتمادى في الترويج لفرية الانتصار هذه مستنداً على مشاهد الدمار التي خلفتها قواته في أحياء غزة.

حاول أولمرت خلال خطابه "العبثي" الإيحاء بأن ثمة أهدافاً كانت موضوعة للحرب قد تم إنجازها، وأن إيقاف إطلاق النار قد تم بعد تحقيقها، ما يمكن أن ينطلي على البسطاء لكن على أولى النهى لا..

أمراء الحرب الصليبية الذين تقاطروا على المنطقة لدعم أمن الكيان الصهيوني ولملمة جراحه هم شاهد يضاف إلى جملة الشواهد التي تدل على حرج الموقف الذي لم يضع فيه أولمرت وعصابته الكيان الصهيوني وحده فيه، لا بل كل هؤلاء الذين ارتسمت معاني الهزيمة على قسماتهم في شرم الشيخ من ساسة أوروبا النافذين.

كل هؤلاء يوقنون أن النصر لم يتحقق للكيان الغاصب، لكن وفقاً لمعطيات أرضية لا يحسنون إلا قراءتها وحدها، ويجهلون حلاوة لا يمكنهم تذوقها، لا هم، ولا جيوش المحللين والكتاب والمراسلون الغربيون، وهي حلاوة الإيمان، وحب التضحية التي سرت في قلوب كثيرين من أبناء فلسطين وما حولها من البلدان الإسلامية.

إنهم بطبيعة الحال لم يقرؤوا سورة البروج، ولم يدركوا معانيها العظيمة في جوهر الانتصار بشقيه المادي والمعنوي؛ فتراهم إذ يحصون أعداد شهدائنا من المدنيين يظنون أنهم قد حققوا ما يسمونه بسياسة الأرض المحروقة التي تقهر المقاتلين في العادة عندما تجيش ضدهم كتلاً بشرية من السكان المتململين من المقاومة التي تؤوي إلى حضن الأهالي، ويخالون أن هذه السياسة قد آتت أكلها مع أهل غزة وفلسطين، متجاهلين أن لسورة البروج قولاً آخر لا يفقهونه؛ فالمعركة لا تنتهي فصولها هنا، على منصة أولمرت أو غيره، بل هناك عند قوله تعالى: { إن بطش ربك لشديد. إنه هو يبدئ ويعيد }..

ليتراصوا إذن على منصة واحدة، وليضعوا كل إمكاناتهم في خدمة قطعان الهمج الصهيوني، فالله فعال لما يريد، والنصر لا تحكمه مقاييس الأرض بل عدالة رب السماء؛ فليجمعوا أمرهم وليقضوا إلى الله؛ فإن نصر الله للمؤمنين، وقد جمع الأبطال في غزة بين الحسنيين، نصر للمبادئ، ونصر على الأرض؛ فحققوا ما يعجز أولمرت وأشياعه وقادة الحملة الصليبية الجديدة على شواطئ غزة عن تفسيره أو قراءته.

هنا في غزة كان رئيس وزراء الحكومة الشرعية في غزة إسماعيل هنية يخطب مفعم بالقوة والثبات والشموخ، وهناك كان أولمرت يعلن الإخفاق في تل أبيب، وبين المشهدين ما لا يمكن لعباد المادة تفسيره، شعب شبه أعزل، محاصر من جميع الجهات، لا كهرباء، لا غذاء كافياً، لا دواء شافياً، لا سلاح مكافئاً.. يتجلل بالإيمان والتضحية يحوز نصراً على المترفين الأثرياء المدججين المعززين بأطنان الأسلحة عبر جسر دائم من الولايات المتحدة.. إمكانات هائلة، وقتال من داخل الحصون المتحركة.. والنتيجة: هزيمة مروعة.. ثم عجز من المهزومين عن تفسير كنه هذه الروح التي أحرزت النصر..

سيظلون متخبطين في تفسيراتهم وتحليلاتهم لأنهم لا يفهمون معاني الإيمان، وأنى لمن حاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يهتدي لتفسير قويم!!