أنت هنا

ولاية عباس انتهت.. وعليه أن يغادر مقره الليلة
13 محرم 1430

في أتون المعركة وحيث لا مجال للحديث عن السياسة، لابد وأن تتذكر الأمة جميعها أن معركتها اليوم مع أعدائها والمتخندقين معهم هي معركة الصاروخ والكلمة والقانون والعدالة، وأن الحديث عن شرعية المقاومة وكونها حق لا تقف حياله قوانين وإجراءات لا يمنعنا أن نكشف حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون، بأبعادها المختلفة، من دون أن تحجب أصوات الرصاص عدالة قضية المقاومة..

تحت سقف أوسلو التي يستمد فريق إدارة الرئيس محمود عباس شرعيتهم منها، جرت الانتخابات الرئاسية، وبخروجهم غدا عن تاريخ انتهاء ولايته لم تبقَ حتى هذه تظللهم، وحيث تصمت بعض القوى الأصيلة اليوم في فلسطين عن ذلك درءاً لمفسدة ما؛ فإن هذا الحديث لا يلزم الأمتين العربية والإسلامية خارج فلسطين، وهي التي يجب أن تقول اليوم لعباس.. كفى هذا التمسك بكرسي لم يصبح الآن ملكاً لك.

إن الدستور الفلسطيني يقضي بأن يكون الآن رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك أو نائبه الدكتور أحمد بحر (لوجود الأول أسيراً في سجون الاحتلال الصهيوني) الآن في مجلس الأمن ممثلاً للشعب الفلسطيني، لكن لأن حركة حماس لا تأبه لمجلس الحرب هذا ولا تلقي له بالاً، وتترفع عن مزاحمة الملتصقين بالسلطة في المقاطعة برام الله في هذا الظرف العصيب؛ فإن محمود عباس لم يزل يطير بين العواصم هنا وهناك ليتحدث باسم شعب لم يكن يوماً يمثل نبضه، وهو الآن خارج مظلة أوسلو و"الشرعية الدستورية" كذلك.

صحيح أن الدول العربية المساندة لأبي مازن والمصطفة إلى جواره في معركة تدجين الشعب الفلسطيني وتركيعه لا تلقي بالاً ـ بدورها ـ بمسألة الانتخابات و"الشرعية الدستورية والديمقراطية" لكنها على الأقل تجري انتخابات ولو شكلية ذرا للرماد في العيون، أو تستند إلى شرعيات مختلفة أخرى، لكن ماذا عن الوضع الفلسطيني الشاذ الذي ينطوي على استخفاف بإرادة شعب لم نتعود يوماً أنه قد لانت له قناة لمحتل.

قبل يومين، طيرت لنا الأنباء خبراً عجيباً عن موافقة السلطة الفلسطينية على المبادرة الفرنسية التي يسوق لها اليهودي الأصل، نيكولاي ساركوزي، رئيس فرنسا، ومن حقنا أن نتساءل باسم من تتكلم هذه السلطة قبل 48 ساعة فقط من انتهاء عهدتها الرئاسية السلطوية؟! أليس من الجدير بها أن توسد الأمر إلى أهله بدلاً من التمادي في التدثر بأسمال لا تستر من جريمة السكوت..

بين أيدينا ملف يستحق الالتفات إليه، وهو ملف الصمت الذي أفلح أعوان دايتون في فرضه على الضفة الغربية؛ بحيث لم يعد متاحاً الآن في ظل حكم سلطوي استخباري في رام الله أن تهب الضفة لنصرة القطاع على النحو المأمول، تماماً كما قال النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس عبد الجابر فقهاء في حديث لصحيفة (ليبراسيون) الفرنسية: "نحن هدف الشرطة الفلسطينية والقوات الأمنية الإسرائيلية التي تتوغل بشكل دائم في الضفة الغربية (..) يجب التحقيق لمعرفة إن كانت السلطة الفلسطينية تعاقب مظاهرات الدعم لحماس بطلب من السلطات الإسرائيلية، وبكل الأحوال هناك اتفاقات أمنية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية تمنع هكذا مظاهرات، رغم خروج مظاهرات ضخمة في رام الله وطولكرم ونابلس"، وهو ما لا يمكن تفسيره إلا في إطار بقاء محمود عباس على رأس السلطة في رام الله رغم أنف القانون، تنفيذاً لأجندة معينة، ومنها يستمد شرعيته السلطوية!!