أنت هنا

مهزلة اسمها"الديموقراطية الأمريكية"!! اعتذار بوش واتهام رامسفلد
16 ذو الحجه 1429

قالت العرب في مأثوراتها الجميلة: شر المصيبة ما يُضْحك!!
وقال جورج بوش الصغير مؤخراً:أنا آسفٌ أيها الأمريكيون لأن الاستخبارات الأمريكية قدمتْ لي معلومات مغلوطة، فاتخذتُ قراراتٍ مهمة بناءً عليها.

قالها بوش وهو يحزم حقائبه مغادراً البيت الأبيض إلى غير رجعة، فكان شراً من فرعون، فهذا الأخير شهد لله بالوحدانية عندما أدرك فرعونَ وجنودَه الغرقُ، في حين يتهرب بوش حتى من الاعتراف بجرائمه المتصلة على مدى سنوات، والتي كانت ثمرة مُرّة من ثمار التضليل الاستخباري بحسب إقراره شخصياً-والإقرار سيّد الأدلة كما يقال-.أي أنه اعترف بالسبب المزعوم وتنكر لما ترتب عليه من كوارث في حق شعوب مسلمة شتى:من فلسطين إلى العراق فأفغانستان....
والصليبي الجديد توجّه بندمه المُدّعى إلى الشعب الأمريكي، الذي كان أقل المتضررين من حرائق إدارة بوش ومشانقها.ولذلك لم يذكر في مراجعته الباهتة غزو العراق أو تدمير أفغانستان أو تجويع الفلسطينيين العزل، فهو لا يرى بأساً في أي جريمة من جرائم الحرب والإبادة الجماعية تلك، بل إن السكوت عنه في كلامه يعني ضمناً أنها –في الأصل-إنجازات وطنية للأمريكيين، لكن الحماقات المتتالية لبوش وعصابة المحافظين الجدد، جعلتها هزائم نكراء لأقوى جيش في عالمنا المعاصر.
وبعد خطوة بوش المُضْحكة/المبكية، حان دور الكونجرس الأمريكي في المسرحية الملهاة/المأساة، فقرر تحميل دونالد رامسفلد-وزير الدفاع السابق-وزر فضائح التعذيب الأمريكي البشع في سجن أبو غريب وفي معتقل جوانتنمو.وما من ريب في أن رامسفلد شريك رئيسي في فظاعات الأمريكيين في العراق وأفغانستان وغيرهما، غير أن جذر المعضلة ليس شخصياً بل هو شرخ في المؤسسات والنظم التي يتباهى الأمريكيون بها ويزعمون أنه لا مثيل لها في الأرض اليوم.والدليل أن الكونجرس لم يتطرق إلى دور رئيس الجمهورية في رسم وإقرارالسياسات الجهنمية التي سار عليها رامسفلد ومساعدوه وتفننوا في تنفيذها بطرق سادية هوسية.بل إن سلطة التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية تجاهلت قرارات الحروب التي أسفرت عن هذا الحصاد المخزي.وهذا مفهوم ما دام الكونجرس نفسه شريكاً كذلك في تلك القرارات التي تسببت في ظلم شعوب تتكون من ملايين البشر في أنحاء العالم.
كما أن الكونجرس لم يفسر لجمهور الأمريكيين-لأن غير الأمريكيين برابرة لا يعنونه في شيء!!-لم يفسر لهم سبب انتظاره بضع سنوات حتى يلوم رامسفلد!!والأدهى من ذلك-على قسوته-أنه لم يحقق في ممارسات جنوده وأجهزة استخباراته في حينها ولو بصورة سرية للتأكد من عدم انتشار التعذيب الوحشي على نطاق أوسع مما تم كشفه!!وهنا تتجلى حقيقة القوم، فقد اكتفوا بما استطاع بعض الصحافيين الشرفاء والجنود اللاهين واللامبالين أن يفضحوه بالصور الموثقة.وكأن الكونجرس يقول:لا يصبح تعذيب الناس جريمة إلا إذا علم به الناس أو تسرب إلى الإعلام!!!
ومع أن السكوت على وجود جوانتنمو نفسه يعد جريمة يندى لها الجبين، فإن للمراقب الموضوعي أن يسأل الكونجرس الأمريكي:أليس فيكم رجل رشيد يدعو إلى إقفال معتقل العار هذا، حرصاً على سمعة أمريكا وليس حباً في العدل أو انتصاراً لحقوق الإنسان؟!!
ثم أليس مما يستحق التأمل أن تقريع الكونجرس لرامسفلد جاء بعد أن رفع الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما شعار إغلاق جوانتنمو، فلم يجد الكونجرس أي حافز في ذلك لاتخاذ قرار جريء مهما كان متأخراً؟!
وتبقى كلمة احترازية ينبغي لنا ألا نهملها، وهي جوقة التغريبيين التي سوف تطلع علينا، بعمى بصيرتها كالعادة، لتصور مهزلة اعتذار بوش وتوبيخ رامسفلد على أنه قدرة الديموقراطية على تصحيح أخطائها!!متناسين أن هذا الادعاء كان جديراً ببعض الاحترام لو أن مؤسسات القوم منعت غزو العراق وأفغانستان أو انتصرت لشعب فلسطين الصابر على الجور الأمريكي منذ ستين عاماً.بل حتى لو استطاعت مؤسسات الرقابة محاسبة المجرمين ووضع حد للجرائم بعد ارتكابها!!
فليستحي هؤلاء العبيد وإلا فليَسْتَجْدُوا سادتهم لتعديل الموقف الأمريكي المعادي لكل القيم في فلسطين.