أنت هنا

الجهاد الصومالي: إنجاز كبير واختراق محتمل
20 ذو القعدة 1429

يحق لكل من يؤمن بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً،أن يغتبط بالإنجاز الباهر الذي حققه المجاهدون الصوماليون على الإثيوبيين الغزاة،وعلى أدواتهم المحلية!
فكل نصر يُحْرزه أهل التوحيد على عدو كافر غازٍ،يثلج صدور المؤمنين،ويعزز ثقتهم بأمتهم وقدرتها على استعادة موقعها القيادي عالمياً،بالرغم من تكاثر الأعداء وتكالبهم واغترارهم بتفوقهم في صناعة أسلحة الفتك والتدمير.
فإذا تجاوزنا الشعور التلقائي البدهي،فإن القراءة الاستراتيجية له،تضعه في سياق الانتصارات المتوالية في ساحات الجهاد الأخرى،بدءاً من فلسطين مروراً بالعراق وأفغانستان...وهي نتائج تتحدى منطق العوامل المادية وموازين القوى المجردة،التي يعتمدها معسكر النفاق للتهوين من عزيمة الأمة،والتشكيك في جدوى المواجهة والثبات.
ففي كل ساحة وغى من تلك الساحات،يتجلى انتصار  الفئة المؤمنة -على قلة عديدها وضآلة إمكاناتها وندرة التأييد الرسمي-ضد قوى عاتية ذات قدرات هائلة في العدد والعتاد،تتدثر بعباءة الأمم المتحدة التي يسيطر الغرب عليها،وتضطر أكثر الدول إلى ممالأتها رغباً أو رهباً أو حرصاً من النخبة المتغربة على كراسيها المهتزة.
فقد كاد الجميع يستسلمون للأمر الواقع،بعد هيمنة الغزاة الأحباش على أنحاء الصومال، بموجب التفويض الصادر إلى أديس أبابا من سادتهم في البيت الأبيض-القادة الفعليون للحرب الصليبية على الإسلام والمسلمين-.وكان الاستثناء هو موقف الشباب المؤمنين الذين نهضوا لأداء واجب الجهاد وقد أصبح فرض عين بعد استباحة العدو بيضة البلد واقترافه أبشع الجرائم ضد أهلها بمن فيهم المدنيون العزل شيوخاً ونساءً وأطفالاً.وقوبل الاستثناء الجهادي بتآمر واسع وشامل من العملاء المحليين وأكثر دول الجوار،كما لقي سخرية كبيرة من إعلام الرضوخ والخيانة،باعتباره عبثاً لا طائل منه،أو "انتحاراً"مجانياً!!
وفي زمن اختلاط الأوراق،استغل الخصوم بجبروتهم الدعائي التضليلي استغلوا جيوب الغلاة المتناثرة والتي تنتهج مسلك الخوارج فتقتل المسلمين وتهادن قوى الكفر والجور والعدوان،فحاولوا تشويه صورة الجهاد الناصعة عبر التزييف الذي طالما برع هؤلاء فيه.
لكن التهويش لم ينجح،فقد تعرى الافتراء بثبات المجاهدين،وإصرارهم على مسارهم المتميز،وها هم الآن على أبواب العاصمة،فأثاروا الرعب في قلوب الغزاة وأعوانهم.
وهنا ينبغي لأولئك النفر المستجيبين لداعي الجهاد،أن يبادروا إلى اتخاذ خطوات إضافية لحماية إنجازهم من أي اختراق خارجي محتمل،لإفساد صورة المجاهدين،وتنفير الناس منهم، بعد أن عجز العدو عن سحقهم في ميدان القتال.
ولعل بعض الممارسات التي تتم في عرض البحر من قرصنة تكفي لإطلاق صفارة إنذار،لوقاية مسيرة الجهاد من الاختراقات الاستخبارية المخيفة.وحتى لو كانت تلك الأفعال من صنع أفراد احترفوا الغدر وتخصصوا في السلب،فإن على المقاتلين لإعلاء كلمة الله،أن يفضحوا الفاعلين إن استطاعوا،أو يعلنوا البراءة منهم على رؤوس الأشهاد في أضعف الإيمان.
صحيح أن العاقل الحكيم لا تنطلي عليه ألاعيب القوم التقليدية-وإلا فكيف يصدق أن مقاتلين لا يملكون سوى أسلحة خفيفة بدائية وأكثرها مما غنموه من عدوهم،يستطيعون الاستيلاء على ناقلة نفط عملاقة في خضم المحيط الهندي!!هذا عن الاستطاعة إذا سلّمنا جدلاً بأنهم بلا بوصلة تحدد وجهتهم النبيلة وأنهم قطاع طرق حقاً!!-.لكن التجربة المريرة مع الغرب الحقود تعلّمنا ضرورة الحذر الشديد من قدرة القوم على طمس الحقائق أمام كثير من العامة وفي مخيلة بعض الخاصة ممن يحسن الظن بمزاعم هؤلاء عن الموضوعية المختلقة.
أفلم ينخدع كثير من المسلمين إلى فترة قريبة  بأكاذيب الغربيين عن الأخوين بربروس اللذين كانا يقودان جهاد المسلمين في البحر الأبيض المتوسط،في مواجهة أساطيل الصليب الناشئة قبل نحو أربعة قرون من الزمان؟
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )" سورة ق/الآية 37 "