أنت هنا

لحساب من يطاردون الصينيين في السودان؟!
28 شوال 1429





يصعب أن يجد المرء نفسه في توافق مع مطالب خاطفي الصينيين في السودان، الذين نقلت عن أحدهم، وهو أبو حميد أحمد دناي، خلال اتصال هاتفي، صحيفة الشرق الأوسط، رغبتهم في رحيل الشركات النفطية الصينية من وسط السودان، حين قال: ليس لدينا أي مطالب مادية بل نريد مغادرة الشركات الصينية المنطقة فورا لأنها تعمل مع الحكومة".

فالرجل قد ناقض نفسه بعدها مباشرة وقال: " أريد التنبيه على الإهمال التنموي الذي تعيشه المنطقة النفطية وعدم قيام شركات البترول بالمساهمة في الخدمات أو توفير فرص عمل لأبناء المنطقة".

فأي الهدفين كان الرجل فيه صادقا؟!

الواقع أنه بعد أن أعلن علي الصادق الناطق باسم الخارجية السودانية الاثنين مقتل خمسة من الرهائن الصينيين التسعة بدا أن الخاطفين الذين يعتقد بشدة أنهم من فصيل تابع لحركة العدل والمساواة في ولاية جنوب كردفان لا يريدون سوى إلباس استراتيجيات دولية "استعمارية" رداء المطالب السياسية لإقليم يشعر بالتهميش..

لا براءة ابتداءً لأي نظام يفرق بين مواطنيه، أو يُشبع طائفة ويحرم أخرى، لاسيما إذا كانت تقع تحت أرجلها كنوز وموارد اقتصادية وافرة.. هذا إن كان ذلك هو ما قد وقعت فيه الحكومة السودانية على وجه الحقيقة الذي لا يعرف المساحيق, غير أن التهميش على كل حالٍ لا يبرر التدويل ولا يمنح "المناضلين" صك جوازات الإقامة للمحتلين لاسيما إن كانوا بشراسة وطمع الأمريكيين الرسميين.

وإذا ما طرد الصينيون فمن تراه سيحل مكانهم يا ترى؟! أوليس في ذلك تعبيد للطريق أمام الغرب الشره لكل ما تحويه أراضينا من نفط وخيرات؟!

مبلغ علمنا أنه لا حركة العدل والمساواة (إن كانت المسؤولة حقيقة عن العملية) ولا غيرها من الحركات الانفصالية والمعارضة ولا الحكومة السودانية ولا العرب جملة على التنقيب عن النفط في السودان، ولا بديل متاحاً في هذه اللحظة عن الارتهان للغرب إلا بمد الأيدي للماليزيين والصينيين وغيرهم، ارتكاباً لأدني الضررين لدفع أعلاهما.

وحدود فهمنا أن معظم التوتر الحادث في السودان تتقاسم أسبابه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا من أجل الاستيلاء على الموارد النفطية وخام اليورانيوم الواعدة في دارفور وكردفان، وأن الأمر مرتبط بأنبوب نفطي غربي مرتجى من المحتلين من السودان حتى نيجيريا التي تشهد بدورها اضطرابات في المناطق الغنية بالنفط.

فلحساب من إذن يعمل هؤلاء المتمردون ولأي غرض ساقهم إليه قتل الرهائن؟! وحين يصل الأمر إلى قتل الرهائن هل يمكننا تصديق ما قيل عن أن الخاطفين إنما أرادوا فحسب أن يتم تعيين نحو 500 من أهل المنطقة في شركات النفط؟! فهل أصبح القتل وسيلة مشروعة لطلبات التعيين في عرف المتمردين؟! أم أن الأمر يجاوز هذا الهدف المعلن إلى تماهٍ مع أجندات مشبوهة؟!