أنت هنا

الإساءة لأم المؤمنين.. من قم إلى واشنطن!!
18 شوال 1429




زاويتان للنظر إلى الإساءة إلى شخص أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الأوساط الإسلامية، كلاهما لا يقود إلى التعامل العادل مع القضية، وبعضه يندفع متأثراً بحسابات السياسة التي تنحى بكل طرف عن الوسطية.

أن يصدر كتاب باسم "جوهرة المدينة" يتعرض لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها بالذم والتشويه والإساءة من قبل المؤلفة الروائية والصحفية الأمريكية شيري جونز، وتنشرها دار النشر الأمريكية "بيوفورت"، فهذه شنشنة نعرفها من أخزم، وأن تقدم دار النشر "راندوم هاوس"، الناشر الأصلي للرواية، على إيقاف عملية بيعها والترويج لها في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تلقت معلومات موثوقة بأن الرواية قد تثير غضب المسلمين، وأن تؤجل دار "عيبسون سكوير" البريطانية للنشر، طرح الرواية، وأن تلغي  المؤلفة الأمريكية جولة ترويجية للرواية في ألمانيا؛ فذاك أمر مفهوم في ظل غضبة لبعض المسلمين ظهر أثرها في أكثر من بلد أوروبي علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية، والأنباء التي وردت حول هجوم مجموعة من الشبان في بريطانيا منزل الناشر بقنابل حارقة، ما أدى إلى تراجعه عن طباعة الكتاب ونشره، وانزوائه بعيداً عن الأعين خشية الانتقام من المسلمين الغاضبين.. وهذا كله طبيعي ولا غضاضة فيه.

بيد أن الذي يؤلم النفس أن تبقى المسائل الجامعة التي ينبغي أن يتوحد فيها المسلمون بكافة أطيافهم السياسية وانتماءاتهم موضع نظر و"تقدير مواقف" على نحو يجعل الشك يساور ـ أحياناً ـ الراصدون لردات أفعال القوى الإسلامية المتنوعة.

للبيان أكثر، علينا أن نعترف، أن بعض الإساءات تتعرض لنظرة تسيسية معينة تنأى بها عن أن تكون صفية الإخلاص والتوجه، وللاقتراب من القضية، يمكننا أن نرصد رد فعل على الإساءة لأم المؤمنين إذا ما تم من أطراف شيعية وأخرى غربية (مسيحية)، وما الذي يعنيه الغضب عند هذا الطيف أو ذاك.

لقد لاحظنا مثلاً أن ثمة من يضرب الذكر صفحاً عن الإساءة إذا جاءت من طرف شيعي ظناً منه أن تصعيد القضية خادش لمسألة الوحدة الإسلامية المزعومة مع هذا الطرف أو تساوقاً مع رغبة سياسية حزبية تخصه وحده ولا تخص الأمة معه، وبالتالي يتدثر برداء الصمت ريثما تمر الأزمة، وفي المقابل، تمتلئ المنتديات بكلمات الإدانة إذا ما تعلق الأمر بالشيعة وتخف الغضبة كثيراً إذا ما تعلق الأمر بإساءة "عالمية"..

إن هذا وذاك، لا نقبله ولا نريده من شبابنا ولا من قوانا الإسلامية، التي يتوجب عليها أن ترى المسألة من زاوية إيمانية لا تفرق بين إساءة وأخرى، وصحيح أن المصالح معتبرة في الشريعة لكنها تلك التي تعلي من قيمة الحق وتزهق الباطل.

أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها لها مكانة فائقة في قلوب المؤمنين دونها أي حسابات وسياسات، والإساءة لها من هذا الطرف أو ذاك مدان بنفس القدر، وبحاجة لوقفة قوية، لاسيما بعد أن صارت الإساءات حدثاً عادياً يطالعه الكثيرون في وسائل الإعلام ببرود!!