أنت هنا

تطهير لنصارى العراق في ظل الاحتلال
15 شوال 1429







ما أسوأ احتلال لم يسلم منه حتى أهل دينه؛ فبعد أن أصبح الاحتلال الأمريكي مسؤولاً عن الأمن في العراق باعتبار الأخير دولة خاضعة للاحتلال، أمسى نصارى الموصل تحت المسؤولية الأخلاقية والدولية للولايات المتحدة الأمريكية كباقي الديانات والطوائف والأعراق في العراق.

وفي ظل هذه المسؤولية انفرط عقد السكان النصارى الذين كانوا آمنين في الموصل خلال الفترات التي سبقت الاحتلال، وبلغ 1566 عائلة هجرت من مدينة الموصل كما صرح النائب المسيحي يونادم كنا لوكالة "رويترز" أول من أمس، إثر عمليات القتل التي طالت 12 شخصا منهم وتفجير ثلاث منازل

وقال النائب المسيحي يونادم كنا لوكالة "رويترز" إن عدد العائلات المسيحية التي هجرت من مدينة الموصل بلغ حتى ليل أول من أمس 1566 عائلة.

إنها من دون شك فضيحة جديدة للأمريكيين، ماذا عساها أن تقول بعدها عن الإسلام الذي حافظ على هذه الأقلية كل هذه القرون من دون أن يمسها مكروه إلا خروجاً عن جادة الإسلام ما دامت تتمتع بحق الذمة الذي منحها إياه النظام الإسلامي على مر الزمان؟ إن الولايات المتحدة عجزت في سنوات عن تحقيق الأمن للنصارى في العراق بعدما باتت زرافات من السنة والشيعة على حد سواء تلعنها لضياع الأمن وانهيار الاقتصاد.

الأمريكيون لم يتركوا نصارى الموصل في ظل حماية إسلامية أو عربية ولم يوفروا لهم الحماية، وثالثة الأثافي أن عمليات القتل قد جرت على يد عناصر قوى البشمركة الكردية مثلما شدد على ذلك د.بشار الفيضي الناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في قناة الحوار ليلة أمس، وهي ميليشيا تابعة للاحتلال وتقع مسؤولية تقليم أظافرها عليه بشكل مباشر إذ سمح لها في البداية أن تتغول على هذا النحو لتعبيد طريق الشمال إليه.

ومن قتلوا من نصارى الموصل ـ كما قال كهان النصارى بحسب د.الفيضي ـ قتلوا بدم بارد وفي وضح النهار وبشكل لا يوحي بأنهم يخشون غائلة أحد، كما أنهم قد قتلوا ضحاياهم بعدما كانت الولايات المتحدة والقوات النظامية الموالية لها قد أعلنتا عن أنهما قد "طهرتا الموصل من تنظيم القاعدة" ما حدا بوزارة الداخلية العراقية إلى استبعاد مسؤولية التنظيم عنها، والذي من جهته ـ عبر "دولة العراق الإسلامية" وحسب بيان منسوب إليها ـ نفى صلته بتهجير النصارى وإرعابهم واتهم بدوره البشمركة بذلك..

إن "الإرهاب" هذه المرة صناعة محلية احتلالية، وهو على الدوام كذلك إلا في حالات نادرات هو أيضاً مسؤول عنها أخلاقياً، وتلك لن تكون آخر مخازيه في العراق.

بقيت كلمة تتعلق بمصائر المسلمين في العراق الذين لا بواكي لهم في عالم منافق كما هو الحال مع قلة قليلة قتلت في الموصل، سرعان ما تداعت إليها أجهزة العالم الإعلامية، ثم انطلقت قوافل الإغاثة للأسر المهجرة، لا بأس ، ولكن أين من يمنحنا الآن قدرنا في هذا العالم ذي الوجهين؟! ألا تذكرون الفلسطينيين مثلاً وهم يرحلون على أيدي الصدريين في جنح الليل لا يشعر بهم أحد.. فلله الأمر من قبل ومن بعد.