أنت هنا

وماذا لو دخل الجيش السوري طرابلس؟!
5 شوال 1429




الذين قرؤوا التصريحات الأمريكية والفرنسية تعليقاً على الأنباء التي تقود إلى احتمال تدخل سوري عسكري جديد في الشمال اللبناني، يلمسوا بوضوح الاعتراض الخافت على مسألة كهذه لم تكن نبرته لتتدنى لهذه الدرجة منذ الانسحاب السوري من لبنان في 24/4/2005 الذي تم على إثر ضغط أمريكي وفرنسي واضح.

الاعتراض خافت بوضوح، وآكد ملامحه إصرار كلتي الدولتين على أن تبقيه قيد التحذير اللفظي المجهول المصدر؛ فقد قال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية في حديثه لصحيفة "الرأي" الكويتية الخميس2/10/2008 "يتعين على سورية أن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها الدولية. بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي دعا إلى انسحاب كل القوات الأجنبية فورا من الأراضي اللبنانية، كما يتعين عليها الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي ينص على حظر تصدير الأسلحة إلى داخل لبنان"، وفي الطرف الآخر ـ وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط 1/10/2008 ـ وردا على ما يسري في بعض الأوساط اللبنانية وغير اللبنانية عن قبول فرنسي ضمني أو رسمي حول تسليم باريس بتدخل سوري في لبنان بحجة رد هجمات المتطرفين ومحاربة الإرهاب الذي هو مطلب دولي، قالت المصادر الفرنسية لـ "الشرق الأوسط": "إن فرنسا «لم تعط الضوء الأخضر لأحد وتحديدا لسورية للعودة الى لبنان أو التدخل في شؤونه الداخلية". وأضافت هذه المصادر أن "لا تفويض دوليا لسورية للعودة إلى لبنان تحت أية ذريعة كانت"، وبالتالي "يتعين على سورية الاستمرار في احترامها واحترام سيادة واستقرار لبنان".

هذا التجهيل، وتلك اللغة الهادئة بعض الشيء، لا تفي للمنزعجين في لبنان بقدر من الطمأنينة ربما التمسوه من دولة الاحتلال السابقة/فرنسا، ودولة الاحتلال الأولى في عالم اليوم/الولايات المتحدة الأمريكية فلم يجدوه، وهذا بحد ذاته محل توجس وترقب من الفئة الأكبر من اللبنانيين، المستضعف الأول هناك/أهل السنة..

إن من الطبيعي أن يقال أن ليس على أهل السنة التعويل على هؤلاء، وهذا صحيح مائة بالمائة؛ فالمستجير بهم مستجير بنار بدلاً من الرمداء، لكن من الجدير الحديث عنه أن هذه التهمة التي دوماً تلصق بأهل السنة في لبنان لاعتبار أنهم يتلقون تأييداً، كرئاسة حكومة أو في تيار المستقبل لا يعدو كونه كلاماً فارغاً من أي مضمون، وقد بان ذلك في عملية تركيع بيروت على أيدي محازبي حركة أمل و"حزب الله" في مايو الماضي، والتي لم يلقَ فيها اللبنانيون من الغرب إلا كلاماً، وتركوا يلقون مصيرهم للحد الذي جعل الأحزاب غير السنية التي كانت على وفاق سياسي استثنائي مع تيار المستقبل تشرع في الابتعاد عنه، مثلما هو الحال مع الحزب التقدمي بزعامة وليد جنبلاط الذي لم يجد بدا من فتح قناة من جديد مع الزعامات والقوى الفاعلة في لبنان والتي تلقى تأييداً واسعاً من إيران وتواطؤاً واضحاً من الغرب/"حزب الله".

نعم يستبعد كثير من المراقبين تدخلاً مباشراً من جانب الجيش السوري ودخوله طرابلس بحجة قمع "الإرهاب" الذي لا يقدم بالطبع إلا من معاقل السنة!، وحماية الأقلية النصيرية التي ينحدر منها رأس النظام السوري ومكوناته الرئيسية، بل ويتوقع البعض أن يكون الحشد السوري على الحدود مع لبنان مجرد ضغط معنوي للحصول على فروض الإذعان والطاعة من قادة الموالاة، وأن التسويق لمسألة دخول الجيش السوري ربما مقصودة من النظام السوري لإنجاز اتفاقات مذلة للسنة، لكن مع كل ذلك، لابد من أخذ هذا الاعتراض الهش من الغرب على التهديد النصيري للسنة في طرابلس بالاعتبار.. لابد من التذكير كذلك بموقف الغرب من جورجيا الحليفة الذي نم عن ضعف غربي لا يصلح التعويل عليه إن كان بالأساس حليفاً، فماذا لو كان عدواً ظاهراً وخصماًَ لدوداً؟!