اعتراف أممي خطير
28 رمضان 1439
خالد مصطفى

صدر في الأيام الأخيرة اعتراف خطير من مسؤولة سابقة في الأمم المتحدة يؤكد أن الدول الكبرى لا تريد إنهاء الأزمة السورية وتريد استمرار الحرب فيها حتى يتم تدمير البلاد تماما..

 

فقد قالت العضو السابق في لجنة التحقيق حول سوريا التابعة للأمم المتحدة، كارلا ديل بونتي، إن اللجنة فشلت في فعل أي شيء في سوريا. وأضافت بونتي التي استقالت من اللجنة في يوليو الماضي "لقد فشلت. لسوء الحظ لا بد لي من الاعتراف بذلك. اللجنة لم تفعل شيء من أجل تحقيق العدالة في سوريا وإنصاف الضحايا"...

 

وأشارت إلى أن عذرها الوحيد أنها كانت مجرد عضو في اللجنة، وأنها لو كانت رئيسة اللجنة لجربت فعل شيء ما...وتابعت "بصفتي مدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (أواخر عام 1999)، أشعر بخيبة أمل مما حدث في سوريا"...ولفتت بونتي، إلى أن مجلس الأمن لا يريد إنشاء محكمة جنائية دولية من أجل سوريا، قائلة، "الدول الكبرى لا تريد السلام لسوريا لكنها لا تصرح بذلك"...

 

 

وشددت أن "الدول العظمى تريد استمرار الحرب والمجازر والصراع حتى تتدمر سوريا تمامًا". مؤكّدة حزنها العميق على ضحايا الأسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام بشار الأسد...

 

وفي هذا السياق كشفت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن تفاصيل صفقةٍ سريةٍ سمحت للمئات من عناصر تنظيم (داعش) وأسرهم بالخروج من الرقة على مرأى من قوات التحالف الخاضعة لقيادة أمريكية - بريطانية، والقوات التي يقودها الأكراد الذين يسيطرون على المدينة...وشملت قافلة المُرحَّلين من المدينة بعض أشهر أعضاء التنظيم، وعشرات المقاتلين الأجانب بالرغم من تأكيد الأطراف المعنية سلفاً على عدم السماح لهم بالمغادرة أحياء...

 

هذه الصفقات المشبوهة تعضد تصريحات المسؤولة الأممية وتشير إلى أن الدول الكبرى تدخلت في سوريا ليس من أجل وقف تنظيم داعش بل من أجل توسيع رقعة الدمار وترسيخ نفوذها خوفا من انفراد روسيا المتحالفة مع نظام الأسد بذلك..

 

إن لعبة الدول الكبرى في سوريا أصبحت واضحة تماما بعد تراجعها أكثر من مرة عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد نظام الأسد خصوصا بعد ارتكابه لجرائم ضد الإنسانية واستخدامه للأسلحة الكيماوية وهو ما أكدته العديد من المؤسسات الدولية, إن الدول الكبرى لا تريد رحيل نظام الأسد لأن رحيله يعني إنهاء الصراع كما أنها لا تريد القضاء تماما على تنظيم داعش لأن بقاءه يعني استمرار وجودها العسكري في المنطقة المضطربة وهو ما تحرص عليه من أجل تقسيم مناطق النفوذ مع التحالف الإيراني ـ الروسي والضحية هو الشعب السوري...

 

 

إن مخططات الدول الكبرى لا تقيم وزنا لحياة المدنيين رغم تشدقها بذلك في المحافل الدولية والمؤتمرات الصحفية ولكن الواقع يقول دائما عكس ذلك فقد  دعت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إلى أن تقر بفداحة الخسائر في صفوف المدنيين التي أوقعتها العملية العسكرية التي نفذها التحالف الدولي على مدينة الرقة السورية في يونيو الماضي...

 

جاء ذلك في تقرير نشرته المنظمة, وأعد التقرير في ضوء زيارات باحثي المنظمة إلى 42 موقعاً في مختلف أنحاء المدينة المُدمَّرة تعرضت لضربات جوية شنتها قوات التحالف، ومقابلات مع 112 من السكان المدنيين الذين عانوا أهوال المذابح وفقدوا ذويهم...وحمل التقرير عنوان "حرب الإبادة": خسائر فادحة في صفوف المدنيين في مدينة الرقَّة بسوريا"، وأورد رواياتٍ مفصَّلة عن الأحداث، تثير شكوكاً في إصرار التحالف على القول بأن قواته بذلت جهداً كافياً للحد من الأضرار في صفوف المدنيين...

 

وعرض التقرير أربع حالات رمزية لعائلات من المدنيين تعرضت لأضرار جسيمة من جراء القصف الجوي بلا توقف، فقد فقدت هذه العائلات 90 من الأقارب والجيران، وفقدت عائلة واحدة منها 39 من أفرادها، وقُتل جميع هؤلاء تقريبًا نتيجة ضربات جوية لقوات التحالف..

 

هذا مثال بسيط على ما فعلته قوات الدول الكبرى في سوريا فهي لم تدافع عن الشعب السوري ضد طغيان نظام الأسد بل تحالفت معه لذبح هذا الشعب الأعزل ولم تكتف بذلك بل استخدمت الأمم المتحدة من أجل إخفاء هذه الجرائم وشكلت لجانا شكلية من أجل التحقيق وإيهام الرأي العام بأنها تريد كشف الحقائق بينما هي تريد طمسها والتلاعب بعقول الشعوب وإطالة أمد المعارك حتى تصبح سوريا أطلالا وعندئذ تستطيع أن تملي ما تريد على نظام الأسد الذي سيصبح مطالبا بسداد الفواتير لحلفائه في الظاهر وحلفائه في الخفاء وتصبح سوريا رهينة بأيدي الأعداء لعشرات السنين.